02 › شاي قشر البرتقال.

318 22 43
                                    




حين تساءل جيسونغ عن سبب وجود والدته المشوش في حياته، هو ذهب لوالده الذي كان بجانبه في طفولته كلها.

كان في الثالثة عشر حينها، فتًى مراهق اكتشف أن للحياة جوانبٌ كثيرة لم يتعرف عليها إلا بعد أن دخل المرحلة المتوسطة، ككون العالم مكانًا كبيرًا ومليئًا بأشياءٍ سيئة لن تتمكن من الهرب منها مهما حاولت، كإدراك عدم رؤية والدته لعدة أسابيع وهو على علمٍ تام بوجودها في ذات المنزل.

شعر وكأنه لم يجرب حنان والدته قط، رغم أنه يعلم عن وجودها بجانبه عند ولادته، لكن حسنًا، من يستطيع تجاهل هذه الأفكار؟

لقد كان يوم السبت، وفي أحد ليالي فبراير الباردة، هو خرج من غرفته بعد أن فكر بالأمر للمرة المليون، متذكرًا جميع محادثات زملائه عن يوم الحب وكون والديهم سيخرجون معًا ومن هذا الهراء.

جيسونغ لطالما شعر وكأن والديه يفتقدان شيئًا ما، هم لم يكونا كثيري الحديث معًا، خصوصًا حين يكون هو وهوسونغ متواجدين، يصبح الحديث بينهم شبه مستحيل.

كانا هادئين بشكلٍ مريب.

حالما خطى جيسونغ خارج حجرته، تأمل منظر والده في غرفة المعيشة وهو يشاهد التلفاز ممسكًا بكوب شاي بنكهة البرتقال، كان نوع الشاي الوحيد الذي يتمكن من إيجاد راحة باله أثناء شربه.

ازدرد ريقه مقتربًا ناحية جسد والده الذي يتأمل الأخبار ببسمةٍ صغيرة، هو لا يعلم لما يبتسم والتلفاز يتحدث عن أحد الجرائم الشنيعة، والده غريبٌ يجد السعادة في كل شيء.

«مرحبًا.» همس جالسًا بجانبه في الأريكة بهدوء، غير راغبٍ بإزعاج والده إن كان منشغلًا، لكن هزة رأس والده أخبرته أنه يستمع إليه ومهتمٌ بوجوده.

وبدل أن يتحدث عما يجري في باله، هو جلس هادئًا بجانبه ينظر لأصابعه ويلعب بها، شعر بالتردد كثيرًا، وفي كل لحظةٍ تمر تزداد شكوكه ناحية ذاته، لكن حين شعر بأنه سيلغي هذه الفكرة ويعود لغرفته، وجد أن والده بالفعل قد أغلق التلفاز وكان يتأمله بنظراتٍ هادئة.

«ما الذي يجري في بالك؟» نطق وبسمةٌ صغيرة تزين وجهه الذي بدأت تجاعيده تظهر.

ازدرد جيسونغ ريقه، ثم اعتدل في جلسته يضم كفيه ببعضهما توترًا، وقال بصوتٍ خفيض: «فقط أفكر بأمي.»

همهم والده يرتشف من كوبه، والوجوم كان رفيقهما لعدة ثواني، فقط صوت ارتشاف والده للشاي وأنفاس جيسونغ العالية، هو شعر وكأنها عدة دقائق رغم هدوء والده الذي لم يكن ليحدث الجلبة داخل عقل جيسونغ، بل كان ليرتب أفكاره فقط.

وحين أنهى كوبه، هو أخذ نفسًا عميقًا قبل أن ينطق: «والدتكَ فقدت رفيق روحها.»

وأخذ جيسونغ يعد الثواني التي يبقى والده فيها هادئًا، واحد إثنان ثلاثة أربعة خمسة-: «لقد كان فتًى متهورًا، أراد كسر كل القوانين التي وضعها المجتمع حينها، أراد أن يفعل المستحيل ويكسر توقعات الجميع. كان فتًى مليئًا بالحياة.»

Transient time.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن