٣٧

56 6 2
                                    



لستُ أدري لمَ أو كيف يفقِدُ الإنسان شغفه، ولكنني على علمٍ تامّ كيف يكون حال الإنسان مسلوب الشغف؛ فأنا أعلمُ كيف يُفكّر بأن كُل شيء لا أهمّية له طالما في كُل الحالات جميعنا أشياء زائلة لا معنى لها، أعلمُ أنّه لا يجدُ بُدًا من حياته، لا يُحارب لأجل شيء زائل ولا يعيشُ لأجل شخصٍ فانٍ، لا يُفكّر بمُستقبله ولا حتّى بحاضره، ورُبّما قد يصِلُ الحال به أن يُفكّر بماضيه حينما كان شخصًا شغوفًا يسعى باستماتة لأجل أهدافه فقط ليُعاتب نفسه بأنّه قد عافرَ حتّى خارت قواه ليحقق شيئًا حماسه نحوه سينطفئ بمرور الوقت وشغفه تجاهه سيتلاشى، أدركُ تمامًا كيف تنطفئ الشُعلة المتوهّجة بداخله تدريجيًا حتّى يتحوّل إلى ظلامٍ دامس يجعله غير مُبالٍ بما يحدُث في حياته، حتّى أهمّ الأشياء التي يوجّه الجميع أنظارهم نحوها لا تهمّه، بل وبالكاد يلتفتُ لها، حياته وأفكاره ومشاعره وأملاكه الضئيلة وكُل ما حاول تحقيقه سواء وصل إليه أم لا، جميع هذه الأشياء لم تعُد تُثير انتباهه، يُصبح شخصًا سوداويًا خالٍ من الحياة، ينتظِر موته بفارغ الصبر ولا يطيق فكرة أن يُنهي حياته المُملة تلك بنفسه، فهو لا يسعى حقًا لفعل شيء ما لتخليص نفسه، يودّ فقط الانعزال والابتعاد قدر ما يستطيع عن العالم بأسره، ليستمرّ بحياته الرتيبة التي ملّ من محاولة جعلها هادفة حتى يحين موته وتنتهي حياةٌ أخرى لم تجلب نفعًا ولا حتّى ضررًا لأحد، عند نُقطةٍ ما في حياته هو سيعيشُ لأجل موته وسيبقى موته هو السبب الوحيد الذي يعيشُ لأجله وينتظره، من الصعب أن تُعيدَ شغف شخصٍ إلى ما كان عليه، بل من العسير للغاية أن تُعيدَ شخصًا مسلوبَ الشغف إلى الحياة.


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 18, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

RitaShugiحيث تعيش القصص. اكتشف الآن