مَا قبلُ بدايتُنا

27 5 1
                                    

تجلسُ تلكَ التي تعدت عَامُها السابعِ و العشرين منذُ اسابيعٍ مضت علي مكتبِها بالعمل ، روسلين فتاةٌ طامحة يتغلغلُ الفنُ داخلِها و تجرى التصامِيمُ في عروقها. تنهدت بعدَ أن أتمت اخر خطِ في تصميمها الجديد كما أمر المدير ، لتنظر الي ساعتِها و تدركُ انه وقت الغداء ، تهمُ واقفتاً و تردُ علي هاتفِها حيث تتصلُ  صديقة عُمرها و زميلتها تارا.

تعرفتا تارا و روسلين فى الجامعة لتُدركا انهما رفيقتي روحٍ و لم يفترقا منذُ حينها ، الامرُ اشبه ان تجد ضالتكَ بالحياة و ذلك الشخصُ الذي يتفهمك و يفهمك دون ان تحتاج لتبرير ساذج في مقابلِ عَدمِ خُسرانِها.

" رو ، اين انتِ ؟ لمَ لا أجدُكِ بالكافيتريا ؟ "
- انشغلتُ بتصميمِ الجديد و لم أشعر بالوقتِ حقا
" حسنا انا بأنتظارك في طاولتُنا المعتادة ، لا تتأخرى "
- هممم تي ما رأيك في نأخذ الغداء و نذهب لشرب القهوة بعدها ، اعرفُ مقهي قريب من هُنا ؟
" ربااه روسلين ستصابين بالأمراضِ لكثره القهوة التي تشربينها !! "
- تييي هيا انا حقا حقا احتاجُ القهوة ، اكثر من الغداء حتي
" حسنا حسنا سنذهب لكن اين انتي الان ؟ "
- خرجتُ للتو من المصعد ، انا في طريقي اليكِ

تقابلتا الصديقتان و تحدثا في امورِ جانبيةٍ عن العمل و الحياة حتي انهتا غدائهما ثم انطلقتا للمقهي القريب التى تزعم روسلين معرفته و لطالما اخبرت تارا عن مدى اعجابُها بالتصميمِ و القهوة .

دخلتا المقهي و مع مداعبةٍ رائحةِ البنِ لروسلين تذكرت أولَ مرةٍ وطأت فيها المقهى لمقابله عمل تتناقشُ فيها مع عميلُها عن التفاصيلِ ، تذكرت رائحه البن و التصاميم التي سرقت انتباهُها للحدِ الذى ودعت فيه العميل و جلست تتأملُ المقهى ، تفصيلةٌ تفصيلة ، زاويةٌ بزاوية ، لوحةٌ بلوحة ، تسيرُ عيناها ببطئ على ملامحِ اللوحات ، تناسقِ الالوان بينما رائحهٌ القهوة قد اخترقت روحها لتشعُرَ وكأنها فُصِلت عن مُحيطها ، قبل أن تعودَ لهُ مُدركتاً ان مذاقَ القهوة فاقَ أبداعَ المكانِ أبداعاً فأستلذت بباقى كوبها فى ظلٍ عالمٍ وهمي مُحاطُ بالتفاصيلِ و القهوة

لتعد روسلين الي الواقعِ بعد تكرارِ نداؤها من قبلِ تارا المتسائله
_ أين ذهبتِ بتركيزُكِ و خيالكِ و تركتيني احدثُ نفسي ؟؟
- اووه لا شئ فقد شردتُ لوهلةٍ من ألمِ رأسي ، عما كنتِ تتحدثين ؟
- كنتُ أُحدثُكِ عن أحمد ، و شجارنا عطلةٌ الأسبوعِ الماضى ، لمجردِ انني اردتُ ان نذهبَ لمولٍ تجارى اخر هو بدأ بالتذمر ، ليس ذنبي انني اريد الافضل لمنزلنا المستقبلي !! 
- المشكلةٌ المُعتادة.. تي عزيزتى انتِ تضغطينه كثيراً رُبما أن تسوقتي قليلاً من الانترنت ستقلُ مشاكلكما ، انا لا افهمُ لما كلُ ذلك
- سنرى يا انسة رو ماذا ستفعلين عندما تكونِ فى موقفِ ، ان تكونِ مُصممة و تصممي منزلك أمرٌ صعب للغاية ،، الكثيرُ من التفاصيل تضربُ رأسكِ مرةً واحدة و الكثيرُ من الخيارات
- سنرى وقتئذٍ ، ثم لا تنسي انني صممتُ منزلى الحالى الي اي مدى قد يصعبُ الامر ؟
- حسناً حسناً آنسة اقدرُ علي تصميمِ أي شئ علينا العودةٌ للعمل قبل ان يقتلعَ المُديرُ رأسينا
- حسناً هيا بنا

لتعودا الفتاتين الي مقرِ عملُهما بالشركة ، و تذهبُ كلٌ منهن الي مكتبها لتباشرَ عملِها التي تُحب.
و حين أتت الساعة الخامسةٌ مساءاً نزلت روسلين برفقهٍ تارا بالمصعد ، فتجدا أحمد بأنتظارِ تارا ليقلها للمنزل ، ربما لعشاء بالخارج لمراضاتها عن انفعاله السالف في اخرِ مرة بينما توجهت روسلين لسيارتِها لتقودها للمنزلِ.

و بمجردِ أن فتحت بابِ منزلِها حتى قفزَ قِطُها ليحتضنها ، ذلك كلُ ما تحتاجُهُ لتشحنَ طاقتِها ، أضاءت الانوار و دلفت لتحصلَ على حمامِ يُريحُ اعصابها بعدَ يومٍ شاقٍ جلسته على مكتبِها ، ثمَ توجهت لمطبخها تضع طعامِ العشاء لقطِها الجائع و تُعدُ لذاتِها طعاماً خفيفاً تسدُ بِه شهيتُها ، و تعدُ قهوتِها المفضلة
تجلسُ في شرفتِها ، بيدها كوبُ قهوتِها فتأتى قطتُها طالبةً لبعضِ الاهتمامِ و المداعبة ، ثم ترتشفُ من كوبها لتُجدَ حاجبيها مُتسائلة لمَ القهوة التي أعدُها ليست بلذةٍ قهوته ؟ لمَ قهوةٌ المَقهى ألذُ و أميز ؟ لمَ لم تعد تستطع ازدرادِ قهوةٍ غيرها ؟

وضعت ملاحظةٌ علي هاتِفها لتُذكرها غدا بأن تسأل النادل عن صانع القهوة لتشكرهُ و ربما قد تحصلُ منهُ علي سرِها !! و لكنَها لم تدرِ أن القهوة ستكون ثانى أهتمامتِها حينما تسمع لمَ سيقولُهُ صانعِ القهوة لما تعنيه القهوةٌ في حياتهِ

اقصوصتُناWhere stories live. Discover now