تائهة وسط الصحراء

48 1 0
                                    

في أربعين الإمام الحسين تسير الجمـوع الغفيرة إلى مدينة كربلاء المقدسة مشياً على الأقدام، وكان من بين السائرين مجموعـة مـن النساء وأقاربهن وبعد مسير لمدة ثلاثة أيام، وصلوا إلى منطقة صحراوية وقد صادف وصولهم في منتصف الليل، وكان ليلاً معتماً ولشدة الهـدوء والحذر الـذي كـان يـخـيـم علـى المـكـان، انفردت إحـدى النساء عـن المجموعة دون أن تعلم، وبعد قليل تحدثت معتقدة أن النساء بجانبها لـم تسمع جواباً فعرفت أنها لوحدها، فاضطرب قلبها مـن الخـوف وأصـابها الوجل والحيرة وهي لوحدها وسط صحراء مخيفة مترامية الأطراف ولا يلوح لها في الأفق أي علامة أو إشارة تبعث فيها الأمل أو تعطيها الأمـان، فما كان منها إلا أن أخذت تسير بسرعة ولا تعلم إلـى أيـن وهـي تبكـي وتردد «يا بن العسكري» وبعد مدة من المسير أنهكهـا التعـب، فجلست على الأرض وهي ترتعد من الخوف وانقطاع الأمل.

وبينما هي جالسة تبكي وإذا بضوء يلوح لها من البعيد وهو يقترب منها شيئاً فشيئاً فانبعث فيها الأمل من جديد، فلعله أحـد أقاربهـا يبحـث عنها، فهرولت مسرعة نحو ذلك الضوء والصراخ والبكاء يعلـو منهـا فـي وسط الصحراء، وهنا حدث ما لم تكن تتوقعه، فقد شاهدت أمامها رجلاً وقد أحاط بها النور من كل مكان وهـو يبتسم بوجهـه فقـال لـهـا:

"على رسلك أمة الله، لا تخافي ولا تحزني، وليكن الله وليك"

فتسلل الاطمئنان إليها وذهب عنها الخوف والحـزن فقالـت لـه:

"أنـا ذاهبة إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام وكنت مع أقاربي وقد أصبحت تائهـة عنهم ولا أعلم أين هم الآن، هل لك أن تدلني على مكـان قـريـب؟"

- قال:

"سوف أتقدم أمامك وأنت سيري خلفي وستكونين بخير"

فسارت خلف ذلك الرجل، وما هي إلا دقائق وإذا بها ترى من بعيد أقاربها وهم يسيرون فقال لها ذلك الرجل:

"أمـة الله أولئك أهلـك جميع فاسرعي إليهم"

فأرادت أن تشكر له صنيعه ولكنه اختفى فلما وصلت إلى أقاربها، قالت لهم:

"ما لكم لقد كنت تائهة طوال هذا الوقت ولم تعلموا؟ قالوا:

"لا والله لم نعلم لعلـك تمـزحين معنـا فـلـم نـشعر أنك غير موجودة"

فأخبرتهم بما جرى لها، فأخذ الجميع بالبكاء والنحيب لأنها تشرفت بلقاء صاحب الأمر فقالوا لها:

"وأين تركتيه؟"

قالت:

"لا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل إلى الأرض؟"

_____________
المصدر/نساء تلتقي بصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف..

قصص  اللقاء بصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريفWhere stories live. Discover now