حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا انّها من العجب!

78 0 0
                                    


حدث المقرئ الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمد بن قارون قال:

دعيت إلى امرأة فأتيتها وأنا أعلم انّها مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوّجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر، ويقال له ولأقاربه: بنو بكر، وأهل فارس مشهورون بشدّة التسنّن والنصب والعداوة لأهل الإيمان وكان محمود هذا أشدّهم في الباب، وقد وفّقه الله تعالى للتشيّع دون أصحابه.
فقلت لها:

واعجباه كيف سمح أبوك بك؟ وجعلك مع هؤلاء النّواصب؟ وكيف اتّفق لزوجك مخالفة أهله حتى ترفضهم؟ فقالت:

يا أيّها المقرئ انّ له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا انّها من العجب، قلت: وما هي؟ قال: سله عنها سيخبرك.

قال الشيخ: فلمّا حضرنا عنده قلت له: يا محمود ما الذي أخرجك عن ملّة أهلك، وأدخلك مع الشيعة؟ فقال:

يا شيخ لمّا اتّضح لي الحقّ تبعته، اعلم انّه قد جرت عادة أهل الفرس انّهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم، خرجوا يتلقّونهم، فاتّفق إنّا سمعنا بورود قافلة كبيرة، فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبيّ مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة، بجهلنا، ولم نفكّر في عاقبة الأمر، وصرنا كلّما انقطع منّا صبيّ من التعب خلوه إلى الضعف، فضللنا عن الطريق، ووقعنا في واد لم نكن نعرفه، وفيه شوك، وشجر ودغل، لم نَرَ مثله قطّ، فأخذنا في السير حتّى عجزنا وتدلّت ألسنتنا على صدورنا من العطش، فأيقنّا بالموت، وسقطنا لوجوهنا.

فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض، قد نزل قريباً منّا، وطرح مفرشاً لطيفاً لم نَرَ مثله تفوح منه رائحة طيّبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض، وعلى رأسه عمامة لها ذؤابتان، فنزل على ذلك المفرش ثم قام فصلّى بصاحبه، ثمّ جلس للتعقيب.

فالتفت اليّ وقال: يا محمود! فقلت: بصوت ضعيف لبيك يا سيدي، قال: ادنُ منّي، فقلت: لا استطيع لما بي من العطش والتعب، قال: لا بأس عليك.

فلمّا قالها حسبت كأن قد حدث في نفسي روح متجدّدة، فسعيت إليه حبواً فمرّ يده على وجهي وصدري ورفعها الى حنكي فردّه حتّى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي، وذهب ما بي، وعدت كما كنت أوّلا.

فقال: قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل، وكان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة فقسّمها نصفين، وناولنيها، وقال: كل منها، فأخذتها منه، ولم أقدم على مخالفته وعندي أمرني أن آكل الصّبر لما أعهد من مرارة الحنظل فلمّا ذقتها فإذا هي أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحاً من المسك شبعت ورويت.

ثم قال لي: ادعُ صاحبك، فدعوته، فقال بلسان مكسور ضعيف: لا أقدر على الحركة، فقال له: قم لا بأس عليك، فأقبل اليه حبواً، وفعل معه كما فعل معي، ثمّ نهض ليركب، فقلنا بالله عليك يا سيّدنا الّا ما أتممت علينا نعمتك، وأوصلتنا إلى أهلنا، فقال: لا تعجلوا وخطّ حولنا برمحه خطّة، وذهب هو وصاحبه، فقلت لصاحبي:

قصص  اللقاء بصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريفWhere stories live. Discover now