الفصل الثالث : البداية

4 0 0
                                    



إنه الهدوء المريح بل هو الهدوء المخيف
الهدوء الذي ينذر بشر
كانت الساعة الحادية عشر قررت العائلة الخلود للنوم لكن الأبوين قررا الإحتفال بمرور شهر على سكنهم في المنزل
كان إحتفالهما عادة فطرية لم تمارس لغرض الاحتفال بل لغرض الحاجة و المتعة و الشهوة
فالجنس رغم تعامل البشر معه على أنه تابو ممنوع ذكره و التعامل معه الا بالإيحاء الا أنه
محرك و طاقة بشرية لا تنتهي و قوة لا مثيل لها
ورغبة لا تكبح كان فرويد قد قال أن الجنس أصل الشرور
نعم هذا صحيح لكني أرى أنه أصل الأشياء
الخير منها و الشر منها
كانت العائلة بين نائم و مستمتع بممارسة رقصة الأباء و الأجداد و الأبناء و لكن هناك شخص آخر في العائلة لم يكن نائم و لم يكن براقص
إنها إيمان
ما لم أذكره لكم و لم تكن العائلة تعلمه لحد هذه الساعة من الحكاية أن إيمان مع بقائها الدائم في الغرفة لم تكن تنام الليل و لم تكن تشعر بحاجتها للنوم و لم تكن تشعر بالتعب خلال اليوم
ما لم تعلمه العائلة أن إيمان كانت تنهض من سريرها حال إطفاء أحد أبويها ضوء غرفتها
و إغلاقه لبابها
كانت تنهض
تتحرك نحو مكتبها تجلس على كرسيها في تلك العتمة و الجدير بالذكر هنا أن غرفة إيمان كباقي غرف المنزل لا تتمتع بضوء الشارع الأصفر فبناء المنزل يتوسط حديقة كبيرة يحيطها سور عالي عالي جدا حتى ان الدكتور كمال عند
سرده لهذه الحكاية شبه هذا السور ببرج بابل
فهو زار المنزل فيما بعد و أكد على وجود شيئ غريب به
كان الدكتور كمال قد قال لي في وصفه للمنزل :
"هو خشوع لا ليس كذلك هو رهبة من مجهول
و انتظار شر قادم محتوم قد كان مكانا مليئا بالأحاسيس السلبية التي تقشعر لها الأبدان "

كانت هذه شهادة الدكتور كمال في المنزل
و أنا أصدق كل ما قاله و سأصدق كل ما سيقول
دعوني أعود لايمان التي تجلس في مكتبها في عتمة الليل و تكتب
تظل تكتب و تكتب دون ملل أو توقف حتى منتصف الليل من كل ليلة
و عندما تدق الساعة الثانية عشر
تنهض من مكتبها
ترتدي فستانا أبيض
تتزين كما تتزين مراهقة
ثم تخرج من غرفتها
إنه إيقاع عقرب الثواني في ساعة حائط
لا إنه و قع خطوات إيمان في الممر الذي يقسم
الطابق العلوي الي غرفتين يمينا و غرفتين يسارا
و كانت غرفة إيمان الأخيرة على اليسار طبعا
كانت تخرج من غرفتها كل ليلة تتجه إلى السلم  المؤدي الي سطح المنزل
تصعد الى السطح .
إنه الزمن يحكم أن تتكرر الأحداث
كان الدكتور كمال يستمع لمريضه و قد بدء يرتجف عند وصوله لهذه النقطة من الحكاية سأله كمال عن سبب الإرتعاش المفاجئ الذي أصابه
فقال : أنا السبب أنا سبب كل هذا "
طلب الدكتور كمال من مريضه أن يهدأ و ناوله كأسا من الماء الممتلئ من حانفية المكتب
كان مريض صديقي كمال في هذه الأثناء نائما
لكن أحد أفراد العائلة لم يكن كذلك
من ياتراه له حاسة لهذه الأشياء الغيبية في المنزل الجدة ؟
نعم لكن هذه المرة الحدس بالغيبيات كان من نصيب الأم
ربما كما يقال قلب الأم جعلها تستيقظ لحظة وصول الفتاة للسطح
لحظة وجود إيمان فوق رأس الأم مباشرتا على السطح
فتحت الأم عيناها في تلك اللحظة
و رأت ما لا تصدقه عين
كان الهلع الخوف الصراخ الذي لم يتجاوز حنجرتها أول ردة فعل لما رأته
عينان مفتوحتان كعينا ميت فم مفتوح لا يتحرك و وجه جامد لا تعبير لملامحه غير تعبير الصراخ لكنه صراخ بلا صراخ
أمر من المخ الى الحنجرة بالصراخ في تلك اللحظة لكن حنجرة هذه الأم لا تتجاوب
هل هو فرط الخوف يخلق هذا الشلل
لا فقد تمكنت من ايقاظ زوجها بهزه بيدها اليسرى حتى إستيقظ
فكان مصيره هو كذلك الهلع الفزع لما أصاب وجه زوجته لكن سرعان ما تغير سبب هذا الهلع
خوفا من وعلى الزوجة حلما رفع رأسه لسقف الغرفة
الدم
إنها آثار خطوات آثار خطوات كتلك التي نراها في الشاطئ
لكنها هذه المرة خطوات مطبوعة بالدماء
و أي دم يمكن أن يتسلل من سطح المنزل حتى يصبح مطبوعا على السقف داخل الغرف
كان الأبوين في هذه الحالة و الخطوات الدموية تتقدم نحو آخر الغرفة في جهة النافذة
و تدخل الجدة في تلك الأحيان فاتحتا الباب بقوة و عنف عظيمين و تسأل لاهثتا
" الطفلة إيمان أين هي ؟ "
كان هذا السؤال السريع بهذا الصوت القوي  المتهالك من صعود السلم بسرعة و الركض في ممرات المنزل الشيئ الوحيد في هذه الدنيا القادر على ايقاظ الزوجين الذان تجمدت رؤوسهم و وجوهمم و توقفت حركاتهم لثواني
إنه الخوف من المجهول يفعل بنا نحن البشر
أكثر من هذا
علميا يمكن للإنسان أن يموت من فرط الخوف
و يمكن أن يجن و يمكن أن تصيبه أمراض عصبية من خوف أصابه مرة في حياته
كان صوت الجدة سبب توقف هذا الشرود
لكن حالم توقف هذا الشرود
سقط شيئ ما من أعلى السطح يظهر خياله على نافذة غرفة الأبوين إنه خيال جسم صغير و شعر يتطاير في الهواء
نعم إنها الطفلة إيمان ألقت بنفسها من أعلى سطح المنزل
عندما شوهد هذا الجسم متساقطا قفز الأبوين من مكانهما و ركضت المسنة نحو النافذة
فتح الأب النافذة و شاهد جثة فتاته الصغيرة ملقية على الأرض تسبح في بحيرة من الدماء
تحت شجرة برتقال كانت قد زرعت منذ بناء المنزل قديما
لم يصدق أحد ما رآه في بداية الأمر
مما جعل الجميع يتوجه نحو غرفة إيمان و في الممر الذي سبق أن ذكرته لكم
أحس الجميع بتيار هواء بارد متأتي من باب السلم العلوي
و هذا ما جعل الأم تنهار بكاءا عندها
فقد تأكدت أنها فقدت فتاتها الصغيرة
كذلك إنتهارت المسنة
حتى الطبيعة أكدت صحة ما كان يحدث منذ قليل
تيار الهواء ماكان ليصل لولا ترك باب السلم العوي مفتوحا
لكن الأب قاده إحساس نحو غرفة طفلته
فتح باب الغرفة
دخل توقف عند السرير سكت لثواني

و تكلم بصوت المسرور و المطمئن و الخائف
: " تعالى إنها هنا "
تكلم بصوت مرتجف بين خائف مما حصل و سعيد أن طفلته الحبيبة لم تغادر هذه الحياة بعد
كانت الأم و الجدة في تلك الأحيان قد أيقظى باقي الأطفال في المنزل ماعدا إيمان
و عندما سمعت النسوة صوت الرجل متأتيا من داخل الغرفة هرولتى نحوه
و إذا بالطفلة نائمة في سريرها فعلا
إحتضنت الأم و الجدة الفتاة الصغيرة حتى أيقظاها من النوم وهو الشيئ الذي زاد في إطمئنان النسوة و الأب لكن الأب لم يرضى أن الفتاة إستيقظت و حسب بل توجه الى نافذة الغرف و فتحها و نظر أسفل شجرة البرتقال
لكنه هذه المرة لم يرى الجثة العائمة في الدم

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 22, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية هارونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن