chapter 1

101 4 1
                                    

لطالما سمعت انه عند اقتراب موت الانسان بدقائق او ثواني شريط حياته يومض بين عينيه، لكن لم اصدق هذا ابدا، العقل لن يأخذك عبر ذكرياتك كأخر عمل له، الشيئ الوحيد الذي سوف يركز عليه هو اما المقاومة او الوقوع في الظلام اعمق. هذا ما اعتقدته حتى وجدت نفسي و كأني بدار سينما اراقب حياتي من بعيد و كأنها فيلم سريع باللونين الأبيض والأسود.

اول ذكرياتي مع والدي يحملني فوق كتفيه و نحن في طريقنا لبيت جدي المتواجد في مزرعة و الاشجار العملاقة المحيطة بالطريق الذي يقود صوب البيت و صوت حفيفها الذي جعلني اشعر كأننا وقعنا في حلقة للتنويم المغناطيسي، امي و هي تمشط شعري بنعومة لاول يوم دراسي لي، اول حذاء ثلج مطاطي ابتعته ازرق اللون، الحذاء الذي اصرت امي انه لن يحميني من صقيع منطقتنا و لانه رخيص قد يعتقد البعض اننا لا نستطيع اقتناء اشياء جيدة، ابي الذي رأى مدى اعجابي بالحذاء و لم يرد ان يحزنني بعدم شراءه، يوم ولدت اختي ميلا و مدى صغر اصابع قدميها و رائحتها الغريبة التي ادمنتها حتى اصبحت تمشي، انتقالنا لبيتنا الجديد ذي الطابقين، و نافذتي المطلة على حديقة الحي و الشجرة التي لاطالما تسلقتها لاصل غرفتي عبر النافذة لكن علاقتنا تغيرت كلما كبرت، يوم انفصت نايلا صديقتي المقربة عن حبيبها و بكائي معاها لننفجر بعدها ضحكا على الماسكارا التي لخطت وجهينا، اخر قبلة لي على جبين جدتي المتوفاة، و يوم زفافي.

كان يوم زفافي لآدم من اكثر الاياما صخبا و فرحا و توترا، يوما مصيريا لي، هو تغيير كبير و انا لست من هواته، احب ان تمشي حياتي بشكل روتيني، قد يقول البعض ان العيش هكذا ممل، بالمقابل انا اراه سلاما، لكني ذكرت نفسي اني ساتزوج من الشخص الذي احب و سابتكر روتينا جديدا معه.

مازلت اذكر كل تفاصيل هذا اليوم و كل ما احسسته به، لكني لم ادري ان اليوم سيشهد نهاية لحياتي التي عرفتها و اعتدتها، و بداية لشيئ اعظم، لحياة لم اتوقع يوما ان اعيشها، لعالم كنت خطوته فقط في كتب و افلام جاين اوستين، لحب يغمر كل جسدي و يجعلني افقد كل قدرتي على ان افكر بعقلانية، ذلك الحب الذي يحطم قلبك و روحك لقطع لكن بنفس الوقت هو لذيذ و قوي و ملحمي، اقوى من اي شعور احسسته قبلا، ذلك الذي تعرف في قرارة نفسك انك و لو عشت الف عام لن تشعرك بمثله نحو احد اخر ابدا.

عندما فتحت عيناي صباح ذلك اليوم، اول شيئ احسسته به هو ثقل قطي على ارجلي كالعادة، اول شيئ رأيته هو نافذتي، الطريقة التي يتسلل بها الضوء من تحت الستائر الرمادية، تلك التي اخترتها بعناية كي لا يزعجني ضوء النهار بعدها ابدا، مع اصرار امي ان اختار البيضاء لانارة المكان اكثر، شرائي للرمادي سيجعل من غرفتي كهفا قالت، لطالما كنت اكثر سكونا في مكان مظلم نوعا ما. اول شيئ سمعته العصافير التي تستيقظ و تقرر ان تجعل من حياتي جحيما بجلوسها فوق الشجرة جانب نافذة غرفتي و غنائها من اول خيوط الشمس حتى اخرها، اذكر تلك الايام التي لم انم فيها جيدا و كم هددت اني سأستأجر شخصا ليقتلع تلك الشجرة التعيسة من جذورها. صخب الشوارع، السيارات، الاطفال، رائحة القهوة و البانكايك التي تعدها ماما الثامنة صباحا، سافتقدهم كلهم، ساراهم مجددا عندما ازور، بيت ادم ليس ببعيد، مجرد نصف ساعة بسيارة و اكون هنا، اخبرت نفسي بمرارة. ككل يوم اول رسالة صباحا هي منه (مجرد سويعات و ستكونين بين احضاني و للابعد، بعدها لن تنتزعك مني اي قوة في العالم، سافعل المستحيل لاسعادك ملاكي، احبك إلينا)

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 21, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الوجه المظلم للقمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن