الإستجواب

31 1 0
                                    


جلسنا وكان الجو مظطربا، صديقي كان متكئا في ركن الغرفة وبدا منه انه لا يود المشاركة في الإستجواب. أما الظابط سعبد فكان في مكانه على المكتب و الأم كانت في الكرسي أمامه، اما الظابط علي فكان مستندا بظهره على الباب وبيده قداحته يفتها ويغلقها.
فنطقت الام بنبرة شبه قاسية : لما أنا هنا!؟. تفاجأت من سؤالها واظن ان صديقي تفاجأ ايضا. فتكلم سعيد :_ممم حسنا اولا نتأسف لما حدث لابنك.. ونحن الان نبذل قصارى جهدنا لنجد.. ثم قاطعته الام : بل العكس تماما بينما انتم تضيعون الوقت معي قاتل ابني لا يزال حرا طليقا. فرد عليها سعيد: هوني عليك يا سيدتي نحن استدعيناك لكي تساعدينا في معرفة كل شيء عن ابنك. انفعلت الام وبدأت ترفع صوتها :لا هذا ليس السبب في وجودي هنا وأنا اعلم هذا.. أنا اقولها لك بكل ثقة... أنتم تضييعون وقتكم وهذا سيلهيكم عن مهمتكم.
أراد سعيد أن يتكلم لكن رد عليها علي من الخلف : ولما أنت هنا في نظرك؟
_ في نظري وفي نظركم ايضا انا هنا لأنكم تشكون بي، تشكون في أم الضحية.. بربكم كيف لي أن أقتل ابني الوحيد

يا الهي هذه المرأة أغلقت كل الأبواب على الظابط سعيد في الإستجواب، لكن الغريب في الأمر هو أن كِلا الظابطين لم يسألاها كيف عرفت اننا نشك فيها كنت أريد أن أسألها لكن صديقي اشار لي وكان علي يحدق بي أيضا فأدركت انهما لا يريدان هذا ربما ادركت السبب. العجيب في الأمر أن الام أصبحت متحكمة بأعصابها بهذه القوة وهي في حالتها تلك.. إما انها أم قوية.. أو أنها أم مجرمة ذكية.
كان الظابط سعيد في موقف لا يحسد عليه فتحرك الظابط علي في اتجاهها : حسنا حسنا نحن نتفهمك يا سيدة لديك الحق في ما قلته فلا يمكن لأم ان تقتل ابنها.. أليس كذلك يا أحمد؟
كان سؤالا فجائيا كأنه أيقظني من النوم : أ أ أجل اجل هذا مستحيل. ثم التفتت الأم يمينا في اتجاهي ورفعت رأسها فرمقتني بنظرات ثابتة.. بينما هي على هذا الحال إذا بالظابط علي يدنو منها وكلتا يديه على المكتب وبصوت خافت وهادئ :
كان بنفس طوله أليس كذلك، أظنه ذكرك به.
كان يتكلم والام مازالت تحدق بي... ثم تابع : أجل مراد ذاك الطفل المهذب منذ صغره لقد سألنا عليه كان صديقا رائعا وصاحب مسؤولية كبيرة و رفيقا مع الجميع حتى في عمله كان متفان.. ثم همس.. أنا أعلم وأنت تعلمين أنك لست القاتلة لكن دعيني أخبرك بشيء لا تعلمينه، هذا كله ليس خطأك لدى خذي نفسا عمييقا وتنهدي، ما حدث لإبنك كان مقدرا له.. لم يكن يستحق هذا نعم، لكن... الحياة قاسية.. أنت لم تفعلي شيئا خاطئا.. مات زوجك منذ مدة والآن تبعه ابنك ولم يتبقى لك سوى ابنتك الوحيدة (انذاك تغيرت ملامحها وانحنت رأسها).. وأنتِ تتساءلين ما الذي فعلته لكي يحدث كل هذا لي..، أنا أقول لك وجزء منك قد يقولها لك.. قد تفقدين حتى ابنتك في يوم من الأيام وقد لا يكون هذا خطأك حتى
وقبل أن يتم كلامه لم تتماسك الأم نفسها واجهشت بالبكاء..
كنت أتساءل ألم يبالغ الظابط قليلا.. لكن إن نظرت من جانب اخر، قد يكون كلامه قاسيا لكن ربما استطاع كسرها قليلا يبدوا هذا ليس كافيا.. لكن ما سيقوله بعدها قد يكون القشة التي قسمت ظهر البعير..
فتابع علي : هناك شيء اخر لا اظن انه يجب أن اقوله ولكن بما أنك أمه فلا بأس... الشرطة العلمية توصلت إلى أن ابنك قد يموت منتحرا..
رفعت الام رأسها وهي تنظر اليه بذهول وبدأت عيناها تتسع حتى كادتا ان تخرجا من مكانهما وبدا أن الكلام قد حطمها كليا وتود ان تقول شيئا لكن لا تستطيع : م م مادا لا لا لا هذا لا يمكن لايمكن لا يمكن إبني مراد مستحيل أن ينتحر مستحييل هو ليس من ذك النوع الذي يفعل هذا... لا يمكن ان يستسلم ابني بالرغم من قساوة الحياة معه لا لا كفاكم عبثا لا ابني مكافح منذ صغره... وبدأت تبكي مجددا مغطية وجهها بكلتا يديها وبتردد : هل هذا بسبب ما حملته اياه. هل ها بسببي... ثم رد الظابط علي مجددا.
أنا اخبرتك كل هذا ليس خطأك... اضافة اننا نعلم انه لن ينتحر نحن الموجودون هنا لم نتفق مع فكرة الانتحار ولكن لكي نثبت عكس هذا يجب أن تساعدينا نحتاج الى حقائق.
نظرت إليه فبدأت تمسح دموعها.. لكن لحظة، مع انها تعرف أننا نشك فيها إلا أن الظابط علي جعلها ضعيفة وتريد مساعدتنا.. بدأت انظر لصديقي محاولا فهم شيء ما... بما أنها تعاكس فكرة الإنتحار ولا تقبلها الا يدل هذا على أنها ليست القاتلة ورد فعلها ذاك عندما اخبرها انه انتحر.. و السؤال الأهم هنا كيف عرفت أننا نشك فيها.. لكن صديقي كان غارقا في أفكاره ولم يلاحظ نظراتي إليه.
ثم انطلقت الام : ابني كما قلت كان ابنا رائعا ولا أظن ان كل النساء ستحظى بمثله كان مجتهدا في صغره وكان مهذبا لكن عندما كان عمره 17 عاما توفي والده وكان انذاك في السنة الثانية من الثانوي وكانت الامور المالية تتأزم شيئا فشيئا ولا يوجد لدينا أي مدخول نعتمد عليه.. وعندما كان عمره 18، وبعد ان حصل على شهادة الباكالوريا قرر ألا يكمل دراسته الجامعية وأن يغادر .. منعته من هذا لكن كان مصرا قال أنه لا يستطيع أن يرانا هكذا. 

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 15, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فقط تشجع ( لغز جريمة الأنابيب )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن