𝓒𝓱𝓪𝓹𝓽𝓮𝓻 【1】

143 32 10
                                    

『Pov Shuhua』

"‏حسناً .. إنها ليست من الأيّام التي يمكن التصالح معها أو تجاهلها، ولا يمكنك أن تقول أنك بخير، إنّك تعرف جيّدًا أنّك تتآكل من الداخل، بشكل مخيف ومتسارع، وأنك ربما لو سقطت هذه المرة.. ستسقط دفعة واحدة."

أستيقظُ من نومي على صوت رنين منبّهي المزعج جدًا، أستغرق خمس دقائق لتعود ذاكرتي وأعلم أين ومن أنا وهذا ليس غريبًا أبدًا إن كنتم تتساءلون.
أقنع نفسي ككل صباح بضرورة السعي نحو الهدف رغم أني أفقد نفسي تدريجيًا ولا يلاحظ ذلك أحد، لكنني أقوم من سريري الدافئ أخيرًا وبعد مناورات أقضيها بين قلبي وبين عقلي الذي يحاول بكل يأسٍ إيقاظ الشغف داخلي.

رغم ذلك حياتي ليست بالبؤس الذي أصفه، أعيش في بيت صغير ومتواضع مع والدتي التي أفنت عمرها من أجلي.. كان حلمها أن تكون طبيبة ولكن رفض أهلها لذا بالتتابع أضحى حلمي بعدها دون أن يسألني أحد عن رأيي!
لذا نعم، أنا أدرسُ الطب منذ سنتين وهذه الثالثة، لا زلتُ لا أجدُ نفسي في هذا المكان، وبالمقابل كلما أرى لمعة عين والدتي حين تقول لمن حولها أن ابنتها طبيبة أتراجع عن أفكاري بترك كل شيء والتحويل لتخصص هندسة الديكور الذي كلما تخيلتني أدرسه حلقت الفراشات في معدتي، مضطرةٌ على ذلك.. أنا ابنتها الوحيدة وهي عائلتي الوحيدة منذ أني لم أعرف أبي إطلاقا كونه رحل قبيل ميلادي-
لقد اقترضت أمي كثيرا من النقود لأجل تعليمي، وبمجرد تخرجي سأعمل لأسُد الديون التي أثقلت كاهلنا.... من الجيد أن الطب يحمل منفعة مالية على الأقل!

بعد كل هذا التفكير أطفئ المنبه، أنا شخص ثرثار في الحقيقة وحتى في أشد أوقاتي حزنًا لا أصمت ولا أكف عن المزاح والضحك.. هذه صفة تحمل كل التناقض في الكون!
لا أحد في الواقع يستطيع أن يعلم إن كنتُ حزينةً أم لا، ورغم أني ممتنة لكوني هكذا الا أنني أرغب أحيانًا أن يحتضنني شخص ما ويخبرني أن كل سوء سيمر.. أنني سأكون سعيدة في آخر المطاف!

حضرت الفطور ثم ذهبت لإيقاظِ أمي كالعادة، لا أدري لمَ اليوم بالخصوص تراودني أفكارٌ غريبة...

-صباحُ الخير أمي، أعددت الفطور
=صباح النور شوهوا شكرًا لكِ، هل ستذهبين إلى الجامعة دون إفطار اليوم أيضًا؟
-تعلمين أنني لا أحب تناول إفطاري باكرًا لذا أجل لن أفطر اليوم أيضا.. أمي هل أسألكِ شيئًا؟
= منذ متى تقومين بالاستئذان قبل سؤالي؟ هل تعانين من حمّى؟
-حقًا يا أمي؟ أنا مهذبةٌ طوال الوقت!
=نعم بالطبع وأنا شاهدةٌ لكِ على هذا، ماذا ستسألين هذه المرة يا فضوليتي؟
-حسنًا.. هل تظنين أن الإنسان يستطيع تحقيق السعادة في طريقٍ لا يريد السير فيه منذ البداية؟
=ماذا تقصدين؟ لم أفهم سؤالكِ
- لا .. لا شيء لا تهتمي، سأذهب للاستحمام..
=حسنًا كما ترغبين

أحيانًا أشعر أنني ابنة سيئة.. أمي فعلت كل شيء من أجلي بينما أنا لا أستطيع تحقيق حلمها الوحيد الذي طلبته منّي، وفي الحين ذاته لا أقدر على مصارحتها بالأمر...
بالتفكير في الأمر لقد رفضني أبي وهددها بينه وبيني  ورفضت أمي التخلي عني! لذا رحلَ وتركها بالفعل.. تخلّت عن الرجل الذي أحبّته ولم يكفي ذلك!!!! حين علمت عائلةُ أمي بأنها حامل طلبت منها التخلص مني حتى يقبلوا بعودتها، أظنّ أن عائلة أمي كانت من العائلات الغنية حقًا.. وحين رفضت أمي ذلك و وَلدتني جاء والدها وأعطاها فرصة أخيرة بأن ترميني في أي ملجأ وتعود إلى عائلتها.. هم لم يرغبوا بطفلة تخلى عنها والدها، ورفضت أمي ذلك أيضًا لذا انتهت علاقتها مع أهلها أيضًا.. حين قلتُ أنها عائلتي الوحيدة لم أكن أكذب.. لا أعلم عائلة لي سواها،
-ما أصعب أن يقع الإنسان بين عائلته وبين رغباته-

فَوْضى مُنظّمَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن