المؤامرة /3

89 16 2
                                    

قاد "آدم" سيارته بسرعة جنونية نحو طريق المدينة ... عشرات السيارات توقفت بانتظاره بمدخل المدينة ... عدد هائل من الحراس والمحققين الذين طلبهم "نذير" للالتحاق بهم ... وقفوا متطلعين إلى عودة القرش للبحار ... الكل يعلم أن عودته ستكون اللعنة التي ستنزل على رأس كل من سولت له نفسه الاقتراب من محيطه فالقرش لن يسمح لبعض الأسماك بالعبث معه .......... نزل من سيارته ووقع أقدامه تكاد تهز الأرض هزا ... زمجر بغضب مخاطبا الجميع:

- سوف تبحثون عنها بكل مكان ... ستغلقون مداخل المدينة واحدا واحدا ... ستفتشون بداخلها وخارجها ... سوف تحضرونها سالمة في الحال ... غير هذا أقسم أنني لن أترك أي منكم على قيد الحياة ...

صفق باب سيارته وأندفع مسرعا تتبعه سيارة "نذير" ومعه الصغير "مجد" بينما تفرقت باقي السيارات في الأرجاء لتنطلق بالعمل ...

وصل إلى القصر أخيرا ... مر ما يفوق الخمس سنوات على غيابه عنه ... ظن أنه لن يعود أبدا ... ولكن ما حدث أجبره على العودة لمواكبة تطورات مسألة الفتاة ... لا يستطيع البقاء في الجبل بعيدا ما لم يجدها ... أدخل "نذير" الصغير مسرعا بينما بقي آدم يتأمل الحديقة ... هناك حيث سقطت أجساد أحباءه واحدا تلو الآخر ...

تنهد بعمق وهو يبعد نظره عن المكان ويتقدم اتجاه الداخل محاولا إبعاد ذلك المشهد عن ذاكرته ...

برغم إنهائه لإمبراطورية " وحيد كساس" وقتله وتشريد عائلته ... لم يستطع "آدم" نسيان الماضي ولو قليلا ... العزلة عن العالم التي اختارها جعلته يتذكر أكثر يوما بعد يوم ... ألا يقولون إن الزمن كاف لشفاء الجروح... كاف لمنح الصبر والقدرة على النسيان والمضي قدما؟ بالنسبة للقرش لم يكن الأمر كذلك ... هو اختار أن يعتزل وكأنه يعاقب نفسه على ما حصل لهم ... وكأن الحياة السعيدة أصبحت حرام عليه بعد فقدان عائلته ... لم يكن " وحيد كساس" عدوا عاديا ... كان مجرما خطير، متآمر على أمن بلده من خلال صفقات الأسلحة المشبوهة التي استطاع "القرش" رفع الستار عنها، لتنكشف مصادر ثروته الطائلة ... انكشاف الأمر الذي كان عبر شكوى وصلت "آدم" مفادها محاولة " كساس " إخضاع بعض الرجال بالتهديد ليمرر كميات من الأسلحة مع شحنات السلع التي تنقلها مجموعة سفن" قرش البحار"

انكشاف الأمر دمر " كساس " تماما ليلجئ لخطة انتقامية دنيئة هاجم من خلالها حفل قدوم مولود للعائلة ... الصغير الذي كان الناجي الوحيد من المجزرة ... الفرد الوحيد الذي بقي من دم "القرش" ...

فتحت "عزيزة" الباب وقد علت وجهها ابتسامة وهي تقول بحماس:

- أهلا بعودتك سيد " آدم" ...

هز رأسه مجاملة وهو يمط شفتيه ثم دلف إلى الداخل ... لم يتغير شيء بالقصر ... كل شيء على حاله كما تركه بذلك اليوم المشؤوم ... كان مشتتا بشكل جعل المرأة تنسحب مسرعة إلى المطبخ وهي تتمتم بصوت حزين:

قرش البحار و الحوريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن