الفصل الخامس (زواج)
طار القرش و الحورية بعيدا في رحلة لم تستمر طويلا على متن طائرة خاصة حطت في مدينة بعيدة ... هناك حيث لا يمنع القانون زواج فتاة تجاوزت السابعة عشر... فكرة خطرت ببال القرش بينما غابت عن جميع الرجال المحيطين به... العائق الوحيد هو كيفية تهريبها إلى اذربيجان و ذلك لم يكن عائقا حقيقيا فطائرة خاصة كالتي يمتلكها كانت مجهزة بركن سري لن تتفطن إليه حتى أشد كاميرات المراقبة... إنحشر بداخلها مع "سيلين" لبعض الوقت بينما كانت تحاول أن ترفع يده عن فمها لتصرخ لكنه منعها حتى تجاوزت الطائرة المراقبة و حلقت بعيدا...
كانت ترتعش من الغضب عندما افلتها ليخرجا إلى وسط الطائرة... هربت منه مسرعة لتجلس على أحد المقاعد و هي ترتجف بغرابة من شدة الخوف... كانت المرة الأولى التي تطير بها... إنطلاق الطائرة و هي تصعد إلى الجو جعلها تشعر بدوار غريب لم يفهم القرش سببه بادئ الأمر لكن ما إن تفطن حتى سارع ليجلس بجانبها ليطمأنها...
شعور غريب يعتريه كلما شعر بخوفها... يود لو أنه يدخلها قلبه و يحتفظ بها بعيدا عن كل شيئ يزعجها و كل شخص يرغب بإيذائها... يعرف أن بداخله ضعفا غير مبررا تجاهها و لكنه أصبح يتجاهل التبرير لنفسه أمام حاجة مخفية بداخله تدفعه إليها...
شعور الدوار الذي تمكن منها دفعه لمحاولة مساعدتها على تنظيم أنفاسها شهيقا زفيرا حتى تستعيد هدوء جسدها الذي أخذ ينتفض كالحمام المذبوح... كانت قريبة جدا منه... عيناها التي لم يرى بمثل سيلينهما طوال حياته سلبتا عقله تماما بحركتهما المتوترة.... شفتاها ترتجفان لتجعل جسده يرتجف كأنما يسري إحساسها بداخله... كأن القلبان أصبحا قلبا واحدا.... و الجسدان ،جسدا واحدا....
مرت بضع لحظات و هما على تلك الحال... لحظات ود لو انها لا تنتهي أبدا لكن توترها بدأ يزول شيأ فشيأ ما ان هدأت حركة الطائرة فحاولت التملص من بين يديه لتبتعد...و دقات قلبها يكاد يسمعها سكان الأرض من أعالي السماء.... اقتربت من المقعد القريب من النافذة لتنظر منها في محاولة لإبعاد عينيها عن مرمى عينيه .... كان منظر السحب و الطائرة تطير فوقها ساحر بشكل جعلها تهدأ قليلا...
امضت طوال الرحلة و هي تتطلع إلى الخارج عبر النافذة...لا ترغب بالتفكير أين سيأخذها... لا تعرف ما يضمره لها... تتذكر تارة تلك الرسالة التي قرأتها منه و تعود لتفكر بلهفته الغريبة عليها... ان كان يحاول حمايتها فكيف له أن يسلمها لأولائك الرجال المجرمين... بدأت المزيد من الذكريات تعود لعقلها شيئا فشيأ... تغمض عينيها و تمر الأحداث كشريط متسلسل تشاهده دون تلك الفراغات التي غزت عقلها منذ استيقضت من غيبوبتها...
ارتعش جسدها عندما تذكرت كل شيء... ركزت تفكيرها عل ذكرى هروبها الفاشل الذي انتهى بها في قصر الجبل ذاك... المكان الوحيد الذي شعرت فيه بالأمان منذ نعومة أظافرها.... التفتت نحو الرجل بجانبها و كأنها تراه للمرة الأولى.... إنه هو... الرجل الذي تجلس بجانبه هو من أنقذها... هو من اختبأت خلفه حين أراد الأشرار أخذها ... هو من بحث عنها و أنقذها من بين يدي المجرمين قبل أن ينالوا من شرفها.... دفنت رأسها بين يديها تضغط بهما على صدغيها من شدة الألم الذي ألم برأسها ما ان تذكرت حيلة عمها و تخلي والدها عنها... رفعت ساقيها لتضمهما إلى صدرها و تنكمش بغرابة على مقعدها... هب "آدم" نحوها مسرعا و عيناه قد اتسعتا من هول ما شاهده... كانت تتلوى بغرابة كأنها أصيبت بمس لكنها هدأت فجأة عندما حطت يده على كتفها... رفعت عيناها نحوه و قد سالت الدموع منهما لتغمر خدها و تطبعه بطابع حزن غريب... لوهلة شعر بقلق كبير يعتريه فنظراتها إليه لم تكن مثل نظراتها طوال الأيام الفارطة... كان بعينيها مزيج من الغضب و اللوم و الحزن و حتى الإرتياح....مزيج جعل عيناه تجحظان هلعا و نبظات قلبه نتسارع فزعا ... يرغب بمعرفة ما يجول بخاطرها و لكنه لا يستطيع طرح الأسأله عليها فغضبها منه لم يهدأ منذ تذكرت التهمة الملفقة التي صدقتها عنه... قاطع نظراتهما صوت القبطان ينبئهم بإقتراب نزول الطائرة...
أنت تقرأ
قرش البحار و الحورية
قصص عامةقد إستبدل ثقل قدميه على الارض بخفة جناحي القلب وشغفه ، وبين أرضهِ وسمائهِ تجلت له الحياة وما بعدها كَمورد ظمآن على سفر