طَرِيحُ الفِرَاش،يَجُولُ بِبَصَرِهِ فِي أَنحَاءِ غُرفَتِه، إِلَى أَنْ اِستَقَرَّت مُقلَتَاهُ عَلَىَ الأَبْيَضِ مِنْ فَوقِه.
يُحَرِّكُ أَهدَابَهُ بِاستِمَاتَة،إِنَّهُ يَومٌ آخَر،
لَولَا زَقزَقَة أَصحَابُ الرِّيشِ الزغْبِيِّ خَارِجَاً لَمَا استَيقَظ.هَلْ يَتَوَجَّبُ عَلَيهِ القِيامُ وَ البَدءُ مُجَدَّدَاً؟!
أَمْ بِإِمْكَانِهِ المُكُوثُ بَينَ أحضَانِ مِلحَفَتِهِ الدَافِئَة..
إِستَقَامَ بِتَكَاسُل، نَزَعَ غِطَاءَهُ بِبُطئ، وَ مَا أَنْ وَطَأَت قَدَمَاهُ الأَرض، تَخَلَّلَ البَردُ عِظَامَهُ مُصَاحِبَاً رَعشَةً سَرَتْ حَتَّى نُخَاعِه.بِخُطُوَاتٍ مُتَهَالِكَة، وَ أَنْفَاسٍ مُثْقَلَة،
تَوَجَّهَ نَحوَ نَافِذَتِه، نَزَعَ السَّتَائِرَ بِرِفقٍ حَتَّى لَا تَصرُخَ الشَّمسُ فِي عَينَيه.رَسَمَتْ أَشِعَّةُ الشَّمسِ الهَارِبَةِ مَسَارَهَا عَبْرَ زُجَاجِ غُرفَتِهِ السَودَاءِ مُعلِنَةً سَرِقَتهَا لِبَعضِ الظُلمَة.
إِنَّهُ دَافِئٌ اليَوم، لَعَلَّهُ يُذِيبُ الجِدَارَ الثَلجِيِّ المُحِيطُ بِعَقلِه. فَكُلَّمَا زَارَهُ التَفكِير، وَ كُلَّمَا صَافَحَتهُ الذِكْرَيَات،
ضَاقَ عَلَيهِ الجِدَارُ وَ جَمَّدَ عَقْلَه.تَنَهَّدَ بِوَهنٍ وَ أَغلَقَ السَتَائِر.
حَمَلَ سَاقَيهِ المُخَدَّرَتَانِ إِلَى بَابِ غُرفَتِه،هَلْ أَصبَحَ التَنَفُّسُ صَعبَاً فَجأَة؟!
أَمْ أَنَّ رِئَتَاهُ تَزدَادُ تَحَجُّرَاً..
فَكُلُّ شَهقَةٍ تُدخِلُ مَعَهَا بَعضَ الحَصَى، وَ مَعَ كُلِّ زَفرَةٍ يَهرُبُ بَعضُ الغُبَار.سَارَ وَ هُوَ يَجُرُّ حَصَوَاتِهِ بِعَنَاء، حَتَّىَ وَصَلَ إِلَى حَمَّامِه.
نَظَرَ إِلَى مِرآتِهِ بِجُفُونٍ يَكَادُ عَالِيهَا أَنْ يُقَبِّل سَافِلَهَا. بِركَتَان مُظلِمَتَان يَتَوَسَّطَانِ لَوحٌ مِنَ الثَلج، شَفتَان لَمْ يَتَذَوَّقَا مَاءًا وَ لَمْ تَمسَسْهُمَا حُمرَة، أَرضٌ قَاحِلَة فِي بِدَايَةِ الزَرَقَان.
أَ هَكَذَا كَانَ شَكلُهُ دَائِمَاً؟!
أَمْ أَنْ الحَياةَ لَعِبَت فِي تَفَاصِيلِهِ الدَافِئَة لِتَجرِفَ مِنهُ دِمَاءَهُ، لِتُقَطِّعَ شَرَايِينَه وَ تَجلِس لِتُشَاهِد كُلَّ قَطْرَةٍ تَتَنَاثَرُ عَلَىَ الأَرضِ لَا وِجْهَةَ لَهَا حَتَّىَ تُفَارِقَ جَسَدَه..
.
.
.
.
.
.
YOU ARE READING
مُبْهَم || بَ.تْ
Randomوَ تَبْقَى الحَيَاَةُ مَنقُوعَةٌ فِي العَتمَةِ، إِلاَ أَنْ يَلُفَّهَا الغُمُوض، لِيَزِيدَ مِنْ عَتمَهَا أَو يُضِيئَهَا. أَربَعَةُ أَحرُف، بَابُهَا المِيمُ وَ أَوسَطُهَا بَاء، تَلِيهَا الهَاءُ وَ فَصلُهَا مِيم. فَهَل تَسعَدُ العَتمَةَ مُوَدِّعَةً ب...