الفصل الرابع عشر

15K 392 27
                                    

.

الفصل الرابع عشر

الروديو

في الفجر افاقت سيرينا على اصوات آتيه من الخارج كان الرعاة قد انهمكوا في تحضير الحلبة المسيجة والطويلة البيضاء المغلقة بالقش تذكر بسلة الغسيل الكبيرة وتدريجيا بدأ الفرسان يجتمعون حول السياج كانوا يرتدون لهذه المناسبة البانشو والقبعات العريضة والسروايل الجلدية السوداء والاحذية العالية وكانوا يمتطون افراسهم بفخر.
عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيل
بعد قليل رأت سيرينا جمهور من المشاهدين يزداد ليحيط الحلبة وبرغم انهماكهم قام الرعاة بتحية المرأة الانكليزيه وويندي التي تشبه والدتها بشعرها الاشقر وعينيها الزرقاوين ومن المزارع المجاورة بدأ تهافت الفرسان الجدد الذين يشتركون بكل احتفالات الروديو في المناطق المجاورة ويأتون من كل انحاء المنطقة السيارات ملأت الساحه وكان جيران دون البيرتو وعائلاتهم ومعظمهم من الملاكين الكبار يتهافتون باعداد كبيرة لحضور الاحتفال غير ان خوان لم يظهر بعد قرب موعد الاحتفال وبدأ الاعلان بالعرض الاول وجاء دون البيرتو ليستعلم قرب سيرينا عن تغيب حفيدة لكنها لم تقدر ان تفيده بشيء
تلعثمت وهي تقول :
- ربما كان في الجوار ربما يهتم بالمبارزين ؟ هناك امور كثيرة بحاجة الى تنظيم ربما..
قال دون البيرتو بسخرية :
- ليس من مهمة خوان ان ينظم الاحتفال!

وبينما كانت تتظاهر باللامبالاة كانت سيرينا تفتش الجمهور بنظرها علها تلمحه بينهم لكنها اقتنعت اخيرا ان خوان ليس موجودا هنا قررت الا تفكر فيه وتلقي اهتمامها كليا على الحلبة حيث بدأ العرض الاول وكان كناية عن دعوة للرعاة ان يلتقطوا عجلا ويمددوه ارضا ويربطوه بقوائمه الاربعه

والعرض الثاني كان اكثر اهمية من الاول وهو امتطاء الخيل من دون سرج توجهت سيرينا برفقة دون البيرتو الى ممر ضيق مبني من حواجز عالية معدنيه حيث يربط الحصان قبل ان يطلق داخل الحلبة .يكون الحصان معصوب العينين بمنديل وبالتالي لايمكن ان يرجع الى الوراء مما سيجعله يقوم برفسات عنيفة.

تسلق احد المنافسين الحواجز وشد الحبل بقوة وقفز على ظهر الحصان في الحال خلع احد مساعديه الرباط عن عيني الحصان وفتح الباب بواسطة حبل فركض الحصان بعنف في المساحة امامه آخذا فارسه في عجلة رهيبة بالكاد تمكنت سيرينا من رؤية المنافس الاول لأنه اجتاز الساحه بسرعه واصبح من الجهة الثانيه من الحلبة صراخ فرح صدر عن الحضور واحتل الحماس كل واحد منهم

شعرت سيرينا فجأة بجفاف في حلقها هذا الفارس الوقح الذي يقوم بكل جهده كي يبقى على ظهر الحصان كان...خوان بالذات! وراحت تنظر اليه بعينين قلقتين وهو يحاول جهده كي يحافظ على توازنه مثل عقرب يرتخي الى أمام ثم الى وراء لكنه كان مسيطرا على الوضع تماما.

ثم اطلق الجمهور صرخه كبيرة لان الحصان بعد ان قفز قفزه هائلة وقع ارضا بكل زخمه سيرينا اخفت وجهها بيديها خائفة ان ترى خوان مدعوسا تحت الحصان غير ان التصفيق صعق اذنيها فتحلت بالجرأة وفتحت عينيها كان خوان مايزال راكبا على الحصان محاطا بفرسين آخرين وكان يحيي الحضور ويبتسم مظهر شجاعته الخارقة وبهدوء خرج من الحلبة

كانت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها فابتعدت عن الحلبة وقدماها خائرتان وعلى بعد خطوات من الحلبة لاحظت وجود مقعد فارغ فجلست علية بثقل ثم اجلست ويندي على العشب تحت قدميها كانت مضطربه حتى اعمق اعماقها فريسة غموض كبير وحاولت جهدها ان ترتب افكارها وخاصة ان تحلل ماحدث الان منذ قليل وان تقاوم نفسها بقوة القدر...

انها تحب الرجل الذي كانت تعتقد حتى اليوم انها تكرهه ! هذا الرجل المثالي الذي مازالت ملامحه غارقة في ضباب كثيف اصبح له الان وجها وفما ساحرا وانفا رفيعا وعيني سوداوين دافئتين وخدين لوحتهما الشمس وابتسامه لا تضاهي وتكاد تذيبها اما صوته فهو منخفض ورنان ومازالت سيرينا تحفظ في اذنيها كلماته الناعمه التي راح يهمس بها قرب عنقها وحنجرتها تلك الليلة التي امضياها في فينا ديل مار

اطلقت زفرة وشدت يدها على جبينها كيف كانت جاهلة حقيقة مشاعرها وراحت تخلط الكره بالحب؟
منذ متى احبته؟

راحت تبحث في اعماق ذكرياتها وادركت بذعر انها منذ اللقاء الاول شعرت نحوه ببعض الانجذاب اقوى وكبير ينمو تحت غطاء من العدائية الواضحه وكان يكفي ان يهدد حياة خوان خطر ما كي تعي سيرينا حقيقة مشاعرها تجاهه وفي الوقت الحاضر تخاف الا تعرف سعادة الحب من جديد 

ولدى انغماسها في افكارها نسيت مراقبة ويندي التي زحفت على العشب حتى وصت الى حاجز القش الذي يحيط بالحلبة ولما ادركت سيرينا الامر كان قد فات الاوان ... فقد اختفت ويندي داخل فتحة صغيرة تطل على الحلبة ارادت سيرينا ان الصراخ لكن صوتها ظل داخل حنجرتها اسرعت نحو الحلبة وراحت تحاول الدخول اليها من وراء الحاجز اصوات مرعبة صعدت من الحضور ولدى رؤية المنظر امامها راح قلبها يخفق بسرعه وسط الحلبة كان خوان ممتطيا حصانا ويواجه ثورا وحشيا وفي هذا الاستعراض كان عليه ان يبرهن عن شجاعه ومرونه ليرغم الحيوان ان يلتفت حول بيرق غرز على الجهة الثانيه من الحاجز
لكن في هذا الوقت بالذات لم يكن المتفرجون مهتمين بمهارة خوان انما مثل سيرينا كانوا مذعورين ويحدقون بالطفلة التي تجتاز الحلبة وهي تحبو لم تكن الطفلة تعي الخطر انما تريد لفت نظر خوان اليها لكن خوان كان منغمسا بمهمته ومديرا اليها ظهره 
اطلقت سيرينا صرخه ثاقبة فالتفت خوان وصرخ :
- يا الهي!

روايات عبير --  سيد الرعاةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن