Page 8

160 23 16
                                    


مذكرتي العزيزة،
لدي أصدقاء، وهذا جيّد.
لدي عائلة، وهذا جيّدٌ كذلك.

أعتقد أني أُعرف كثيراً عند بعض الناس على أني شخصٌ لطيف وطاغي الصفات الإيجابية.

لكن ليس عند الجميع ..
ولا حتى عند نفسي.

لطالما كنت أُحس بشيءٍ ما، وملاحظةٌ أمرٍ ما اليوم قد أكدتهُ لي.

أنا دائماً الشخص الغريب والشاذ عن الباقين في أي جماعة أكون بها.
أنا لا أنسجم مع كِيان الجميع، لا أعرف كيف.

كل الصفوف التي درست بها طيلة حياتي .. انا لم أتمكن أبداً من الإنسجام مع بقية الطلاب والحصول على علاقة جيدة معهم، إما أن يكرهوني أو تكون علاقتي بهم متوترة.

ونفس الشيء مع كل جيران كل البيوت التي انتقلت لها وعشت فيها بحياتي .. دائماً ما ينتهي بي المطاف معهم بأكون أكون ضحية لتنمرهم أو لا تجري الأمور بيننا بإنسيابية جيدة.

ونفس الشيء تقريباً مع كل أقاربي، وكل الجُدد الذين أقابلهم بحياتي ..
حتى أحياناً بين أصدقائي وعائلتي.

أشعُر أني لستُ مثل الجميع.
أشعر أني بعيد .. أني مَوجودٌ ولكن مُنفصل.
قد أكون واقفاً وجَميعُهُم يُحيطوني لكن لن أشعُر بكوني "معهم".

لا أعتقد أن بإمكاني تسمية ذلك بالوِحدة، لا تبدو لي تسميةً صحيحة، لستُ أشعر بالوِحدة.
فقط أشعر أني لا أنسجم، كما لو أن الجميع في الجلسة التي أجلسها معهم منسجمون.. لكن أشعر أن حَولي دائرة خاصة بي لا أحد بها غيري وتمنعني من الإندماج بنفس طريقتهم.

الماء كِيانٌ منسجمٌ واحد، صحيح؟
لنتفرِض أن حجراً صغيراً تم وضعه بكُوب ماءٍ وتُرك مُدةً طويلةً جداً.. أيُصبح فجأةً ماءً كمُحيطِه ويندمج معه وينضم للكِيان الواحد؟ كلا.

ومهما غيرنا أكواب الماء أو نوع السائل،
سيظل الحجر حجراً.
وسيظل الماءُ ماءً.
وسيظل الحجر مُحاطاً بنسيجٍ لا يستطيع نسج نفسه معه.

تماماً مثلي.

ولا أرى أن لدي مقدرة الإفصاح عن هذا الشعور لأي أحد والحديث عنه.

أعلم أن هُناك أُناساً ترى شخصيتي وأُسلوبي طفوليين، سخيفين وربما مُحرجين.

ولا يسعني حتى المشاركة بالحديث أو قول أي شيء دُون أُحس بذلك عن نفسي كذلك.

لأني أعرف أنني شاذٌ عن الجميع.

صار كصِفةٍ أعرفها بنفسي طيلة الوقت ..
إنتقل طالبٌ جديد لصفي اليوم،
أردتُ جداً إلقاء التحية وتبادل الحديث معه، لكن ظل عقلي يُكرر علي أنهُ "هو غالباً كالباقين، لن أُناسبه، سيظنني سخيفاً، ماذا لو كان لئيماً"

وحين تمنكت من التحدث معه أخيراً، تأكدت من بعض أفكار عقلي.
هو ليس لئيماً، لكن كالعادة لم أندمج معه. وشعرت بأنه صار يراني سخيفاً او غريباً او مُحرِجاً..
وزاد شعوري ذاك حين لم أرهُ يعود للحديث معي أبداً رغم إجتماعنا مراتٍ كثيرة..

وعِوضاً عن ذلك، سمعتُه يقول لبقية طُلاب الصف الذين لا أنسجم معهم " لا أريد الذهاب لصفٍ آخر، أريد البقاء معكم"
ورّحب به الكل.

ولا شيء جديد. كالعادة،
شخصٌ آخر مُقتدرٌ على الإندماج الذي لا أقدر عليه.

لماذا ؟ هل أنا غريب أطوار ؟
أحقاً أنا مُحرِجٌ وطفولي وسخيف لدرجة أنه ليس بإمكاني الدُخول معنوياً مع الطبقة العادية من الناس ؟

قلّل ذلك ثقتي بنفسي كثيراً، وصار يُسكتني عن الكلام والمشاركة بالحديث كثيراً.
وإن تحدثت، فسيخرج بشكل فوضوي من توتُري.


لدي قلق مُستمر، لدي أمور أخجل منها في نفسي.

أشعر أني بعيد يا مذكرتي، أقف بين الجميع وأحادثهم وأجالسهم لكن لا أشعر أني منهُم.
وحَولي هذا الدرع الدائري الذي لا يَترُكني أصير مع كِيان الجميع.




أنا الغريب عن الجماعة يا مذكرتي،
I'm the odd one out.











-١٦ ديسمبر.

إدمانُ المُتشفَيات | هيُونينِقكايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن