هِيدرَانجيا_مَشهد 7: حـدثٌ قَديم

115 6 11
                                    

فَحَاجِـب الشَّـمسِ أحيَانًا يُغازِلهَا
وَ رَيق الغَـيثِ أحـيَانًا يُبَاكِيهَا .
_______________________________________________
فِـي قاعَة التدرِيب || دَارُ أوبِرا بَارِيس :

_" مَا هَذا التـحديق المُرِيب ...يبعـث الرعـب في الأنفُس ..!"
نَطقت زَينـب تَقف وَسط دائرةِ مُتدربـين ، عاقِدةً يديهَا لِصدرِها ، بِظهرٍ مُستقـيم كأنَها جندِيٌ يَقف أمَام فوهَةِ سِلاحٍ مستَعد للتضـحية ..
جَذب انتبَاه من فِي القَاعة حَمحَمةٌ صادِرةٌ من المُدربة سِيلين .. و التِي تَقدمت للمُنتصف تعقـد يدَاها خـلف ظهرِها ايضا ..ما خَطبُ وقـفةِ الجنودِ هَاتِه ؟!
_" كَالعادَة أكون آخِر من يَصله النبأُ ... لَدينـا منضَم جَديـد للمَجموعـة يا شَباب ... فلتُعرف عَن نفـسك من فَضلك "
ختمَت كَلامـها تُشير للفَتى المستنِد على حـائط القاعَة يحـدِق بمَجموعة الغُرباء حـسب ما يَدور في عَقله .
انتَصب ينـفض غُبارًا وهمِيًا عن مَلابسه يتقَدم للمَجموعة بُغية التعرِيف عن نـفسه ، توقَف في المُنتصف يُقابل الجَميع بِوجهه البَّهـي .
_" اسمِي أونور فِي الرَابِع و العِشرين من العُمر ، تُركِي الأصـل ... متـدرب جَديد ، تشرفنـا "
أحـنى رَأسه لمن يُقابله ..تغَلفه هالَة النُبلاء و رَفيعِي المـستوى الاجتمـاعي .. قاطع تـلك اللحظَة التِي بدَت كالفّن لبعـض الإناث صوتُ ساخـر انطلق ..و من لِيكون غيرهَا تِلك الخَلبَاء..
_" يا للبُرود ...! "
لَفت يَداها حولـها تُجسد مَعنى كلامِها حقًا ، ثم التَفت تحمل حَقيبتها مُغادرة القاعة تصـفع البَاب وراءها بـعد أن ألقَت قُنبلةَ استِفزازٍ أخرى .
_"تَشرفنـا سَيد أعمَى .."
لـن تَعقل أبدًا ..إنها زَينب بُورجوا .

°
°
°
_" هَل من أحدٍ في هَذا المنزل الكَئيب .."
تخَطت عَتَبةَ المنزِل تتـرك حَقيبتَها لتنزَلق من ظهـرها نَاحية الأرضِ ، وَضعت يَديها حَول خـصرها تُحدق بالمنزِل الخَالِي سِوى من الأثَاث الغَالِية تتساءَل أين اختفَى البَشر في منزِلهم فجأة ؟!
نَادت بِصوتٍ عالٍ على أخِيها رَسيم لَكن يبدُو أنه لَم يـنهِ دَوامُه بعد ، لِتستَرسلِ صراخَها باسـم أورَانيـا ، أختـها الصغـرى .
_" لِما و بحـق الجَحيم تصـرخين أيتُها العَرناء الخَرقاء !"
نطقـت أورانـيا تنزل الدَّرج الولَبِي بِسرعة تَقف أمَام أختِها و عَلى مَلامـحها آثار الكـرى ، و كَما يظـهر كَانت نَائمة ..عائلة النَوم فـقط ...
_" أَين الجَميع ... "
تخطَتها الأخـرى ترمِي بثقل جَسدها على الأريكـة السودَاء تحمـل هاتفهَا بلا أيِ مبالاةٍ
_" هَذا سؤال غبِي أختاه ، تعلمـين أن الوَالد و الوَالدة فـي ذلك العَمل الذي لا ينـتهي ، و رَسيم الصغـير يدْرس"
أومَأت زَينب برأسها تستلقِي هي الأخـرى أمام أختهَا واضعَة رجليهَا على ظهر تلأريكَة تجعـل أختها تتساءَل عن خَطبها مع حركَات النوم رأسًا على عَقب .
_" كَيف مرّ اليَوم في الدَار زَينب ؟"
_" لَا شيءَ مهم كَما تعلمـين ، غيرَ ألمِ أصابع قدمي الذي لا يطـاق ... فقط هناكَ متدرب جَديد تركِي الأصل "
مَع نطقها لكَلمة مُتدرب استقامَت أورَانيا تعقد رجلـيها و يديرها كَفتاةٍ مُطيعة ..تنتظر من أختِها أن تَقص لها بَاقي الأمـر.
_" لا تنظـري لي هَكذا ... لا شيء غريب إنه فقط متدرب جَديد بحقك أوراَ"
_" لاَ ..أحتاجُ تفاصِيلًا ... سمَاءُك تمـطر رِجالًا يا صَاحبة الحـظ الجَميل"
أليسَت فتاةً في الرابِعة عَشر ... لا يصدَف أنها تَهتهم بِتلك الأمور صَحيح !
هَذا فقط ما اعتقَدته زَينـب ، فَفي عَقل الأخرى بين خَلاياها تَقبع أفكار أعظم من سِنها.
_" لا يَهم ايتُها الوَغدة الصَّـغيرة ، لَن أقـول لَك شـيء ضِفِي لذلِك أنَكِ بسِنٍ صغيـرة"
_" لا يُهِم السنُ هَذه الأيام زَينب ، فَقط صِفي لي شَكله "
تنهَدت المَعنية بالأمر تُخلخِل أصابِعها النحـيفة في شَعرها البُني القَصير تومِأ مِرَارًا و تكرارًا .
_" حَسنا لَكِ ذلك يَا عُقلة الأصبُع ، إنه تـركِي قَال أنه يُلقب بِأونُور ذو شَـعرٍ غرابِي طَـويل نسبِيًا .. لم ألاحِط إن كان يَضع ربطةً أم لا ، أعينـه ..أظنُها سودَاء لكن هذا نَادر الوجـود ..الأعيُن السودَاء تـلك مـحاطة بِرموشٍ طويلَة و كاَن يرتَدي كـل شَيءٍ أسود ...."
قَاطعتها أورانـيا و هِي تصفـع مؤخـرتها بنوعٍ من المزاح ..لَكن قوةُ الصفعَة لا تَدل على المزاحِ و لو بذرة ...
_" لا تهـتمين و لا تعرفـين و انت اجريتِ عليهِ مسحًا بالأشعَة السِينية ! ... لن أصدِقك من الآن فصَاعدًا .. يا للهَول "
" أَيتها الوغدَة ألا تستَحين ... أنا أهتمُ بالتفاصـيل و لا أهمِل أيًّا مِنهنَ ...لَيس فـقط هو .. الأمر و مَا فيه أنه أعمَى و أنا كالخَلباءِ اصطدَمت بِه فـقط .."
ما تذكَرت زينب الآن هـو بومَة بِفم مفتوح ..كَما تفعل أورَانيا الآن دهشَة أو إعجابًا لا أحد يعـلم ..فقط بأعـينٍ جاحِظة و فم مفتوح تقَنصُ أعينها على زينب بِنظرة حادة ... أيًا ما تفكـر به ..ستبدأ جولة صراخٍ الآن ..و تبًا !

هِـيدرَانجـيَا : القَلب المُخلِص HYDRANGEAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن