و كَيف أُخفيكَ ؟ و لَوعَة الحُب تَفضحُني
و الأشوَاق ، و الصـور
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°الثَّامِنة عَشِيّة | بتوقـيت عُنفـوَان :
بـعدَ قَضاءِه من الوَقت ما يُقدر بالسَاعات ضِمن شوارِع بَاريس و أحياءِها الملِيئةِ بالحَيوية ، بِرونَقها الخـاص ... خـتَم أونُور جَولـته بمـطعمٍ منزَوٍ يغـلب عَليه طـابع بـنِيٌ بِهالةٍ قديـمَة رائحـة الطـعام فيه اختـلطت بروائحَ الخـشب القدِيم و الكُتب المتراصَة فوق رفوفٍ معلقَة على الحوائط المـصبُوغة بِلونٍ بَهي ... ربما قَد حزرتُم أيَ لون ، بُنِي أيضًا ...
اتخذَ طاولَةً مَجلسًا له ، فِي زاوِية منعَزلة تمَامًا على يَمـينه زُجَاج نافـذة المطعم ..
أرخَى رأسهُ على الكـرسِي ينـعم بِلحظاتٍ نادِرة الوجود من الهُدوء قـبل أن يتوافَد البَشر على هَذا المَكـان ...
دَوام الحـال من المُحال ، ثوَانـي معدودَة حَتى سمـع صوتَ النَادل يطـنُ فوقَه قاطعًا خلوَتَه .. رَفع أونور لائحَة الطَعام الموضُوعة بِجانب يدِه على الطاولة يتفَقدهَا بشكـل سريعٍ ليخـتار ما رآه مـناسبًا له آنذاك ، و مَا يقع أيضا في دائرة أكلها المفـضل الضيقَة ، أعطى طَلبه للنادِل الذي استَدار مغادرًا بعد أخذ مُراده ، و الطَلب كَان قـطعة لحـم مَشويّ مَع قطَع خضارٍ متبَلة جَانبـها و زُجاجَة نَبيذ فـرنسي مُعتق ..
لفَّ رأسـه ناحِية النـافذة المُطلة على الشَارع ، ليـقعَ نـظره عَلى آخر شيءٍ يُريد رؤيَته الآن ، الفَتاة العمـياء التِي اصطَدمت بـه صباحًا و ألقتِ اللَّوم عـليه.. و جَماعتها من الدَّار ، لا يقـصد أن يَكون فضًا لكـن من أول نظـرة أيقـن أنهم حفنَة من المزعـجين على رأسهم تِلك الخـلباء التِي يكادُ لا يتذكَر اسمـها ... ربـما هُو مـحق ...!
_________________________________________تَحـشر يدَاها بِالجـيوب الخَلفية لِسروالها الذِي يعانِق خصـرها النَحيف ، تَـعلوهُ صَدرية سَوداءُ بتطْريزٍ راقٍ تَضع فوق كَتيفيهاَ مِعطفًا خَفيفا يَليق بالاجواء ، تتمَشى بـين جَماعتهَا المـعتادة المُتكوِنة من أنِيس و أخته آنا الأقرب إليها مع باقِي الأصحـاب ، قاصِدينَ مَطعمهم المُعتاد ليقـضوا بَاقِي الأمسِية فيه يأكـلون مع بعضِ جرعاتِ خمر ... قد تُردِيهم ثملِين حدّ النخاعِ في الاخير ، من يَدري ....
دَلفوا الكـل جُملةً واحدة مُحدثينَ ضجـة بداخِل ذلك المطعم الذي كَان يتصِف بالهدوءِ و الرُقي منذ ثوانِي قَليلة ، لتَلتف لهم بعـض الأعنقِ مستغرِبين من هؤلاء المـراهقِين المُشاغبين ... سيعتادُون بمـرور الوقت كَما سيفعل ذلك الكُحلِيُ الجَالس مقَابلا للبَاب يحـدق بهم يدعُو بِسره أن لا يَروه ، لَكن ...
لمْ يكن قد أتمَّ دُعاءه حـتى استَدارَ أنيـس فجأة يُعلق أعينَه علـيه و بعدها قَد مَدّ يده يَلكم ظَهر زَينب التِي انشغلت عنهم بالتـكلم مع صاحِب المَطعم إذا هي عـلى صلةٍ قوية مـعه .
استَدارت الاخِيرة للمُزعج كَما تلَقبه تتساءَل بداخِلها عن خَطبه ، اللعِين لا ينفَك يزعِجها ...لدَرجة أنه اقتَحم غرفتها عند الثَامنة يعَكر جلسَتها الجَميلة مع أحدِ الافلام التي تعشـقها فقط كَي تأخذ عشاءَها معهم ..الدَافع الخَفي لهَذا هو كَي تدفَع مَكانهم فَقط ...يستَغلون مَكانتها حفنَة الأوغاد أولئك .
_" مَاذا ؟!"
ابتعَد عنهَا حوالِي مترًا يبتـسم يشير براسِ أصبعه نحوَ طاولة أونور ..و الذِي لم يهتمْ بالأمر يكمـل تفَقده لهاتفِه ، يقولُ بنبرَةٍ تخللهَا البعـض من الخوفِ من تـلك التِي تكاد تشتعـل أمامه :
_" إنه فَقط المتدرب الجَديد ، لما لا نتعَرف عليه أكثر بما أنه هنا ؟"
أمَالت بِعنقِها تنظُر خلفَ أنيس ، تَرى ذَلك المَشهد الذِي أثارَ بداخـلها استغرابًا ..ما الذي يفعَله هذا الاعمى هنا !؟
هذا ما كَان يدور بِخلدها و هِي تراه يَرفع يَداه المملوءَة بخواتم فضـية يُخللها في شعره الأسود .
عادت بجذعها للأمام تنظر بانزعاج لأنيس تنطق بنوعٍ من التهكم :
_" لِما تحشر أنفكَ الكَبيرة في شؤون الناس ، هل ستقـتحم خُلوته كَما فعلت مَعي أيها الطُفيلي !"
_" أنت حتمًا لا تُقدرين النِعمة زينب "
_"تقـصد نقمَة صحيح !"
أكملا شِجارهما حتى أتت آنا تجدُبهما من آذانهما ، تـلك الصغيرة تحسب نفسهَا الاكبر بينهم و الأحق بالتدبير
_"ما خطـبك أيتها القزمة ، فلتُفلِتي أذني أو سأشوِيك بدَل دجاجِنا الليلة !"
تكلمت زينـب و هي تشعـر أنها وَصلت لِذروتها من الغَضب لهذه الليلة ، ستنفجـر حتما ، بدَأ المؤَقت ... شتَتها عن عَدِها لدرجَات غضبها تحدثُ أنيس بنبرةِ دهشة مع أخته الصغرى:
_" آنا أختي الصغيرة هل لدَيك عقدَة الكِبر أو السيطَرة أو شيء كَهذا"
أطلقت المَعنية بالأمر نفسًا يدل على سَخطها من هذان الإثنان ، أكبَر منها عمرًا لكن عقلا ...
_" فلتَصمتَا ...و للطَاولة و سنضمُ المُتدرب الوَسيم معنا لهذه الليلة ، يبدُو مسالِما "
ابتعدت زينَب تُعدل هندَامها المُبعثر تَرفع خُصلات شعرها البنِية المُبتَلة للأعلى جاعلًا ذلك من خـصلة وحيدة زرقَاء تظهَر لم تنتبه لها ، خصلةٌ وحيدَة مَخفية تحت باقِي شعرها القَصير لكن اختفت بعد أن حركت رأسها بعدم تصديِق تستغرب من عقل الصغرى
_" من الوَسيم يا هاتِه ! اهتمِي بدروسِك أنت لم تصلِي سن العِشرين بعد ..لا وُسماء الان "
هل بَقي من يستمع لَها ... لا طَبَعًا فإن آنا قد استدَارت تغادر تفاديًا لمحَاضرة طويلة عن السِن و وجوبُ الابتِعاد عن الشَباب ..في سِن الثامِنة عَشر ... حقًا !
_________________________________________
أنت تقرأ
هِـيدرَانجـيَا : القَلب المُخلِص HYDRANGEA
Lãng mạnشَـتَّانَ بـين وِجـدَان أنثَى مخذُولَة حاضِرًا ، و بَين وِجدانِ أخرى حَديثِ الوِلادَة ماضِيًا. راقِصةُ بالـيه متنَاغمةُ الخطواتِ مع ألحانِها ،مُتناسِقةٌ مع عَدد لفاتِ الحَرير على ساقِها . يعـبثُ القدَر بِخـيوطِها المُتشابِكة بَعد فِراقٍ أذاقَها مُرّ...