" كـانت تَخطـو دُون النَظر ، بأرجـل تَدوس أرضًا فرشـتها بِقلوبٍ ، تُراقـص الرّيحَ و المـطر ، بِرونق سَـلب الأنـفاس و لُبها ."
_____________________________
الخـامسة مَـساءًا بِتوقـيت رَقـصة ||بَـاريس :تَـلج لِتـلك الغُرفـة الواسـعة بتَعبٍ بادٍ على تَقاسيم وجـهها ، تـرمي بحِذاء تتأصَله أربِطةٌ حَريريَة بِلونٍ وردِي باهـت ، خُصص لِلرقص التـعبيري أو مَا يُسمـى رقص البـاليه العَتيق .
آخـر وِجهـة قصـدتها كـانت دَار أوبِرا بـاريس مـنذ أن دَقت السـاعة العـاشِرة صُبحًا ، و حَـتى هـذا الوقـت بَقيت تُجاهِد لإتقـان رقصَة خـاصة ستُؤديهـا بعد أسابيع قَليلة أمامَ جمعٍ غَفير عاشقٍ للكـلاسيكيات كهذَا الرقص الذي يُلازِمها.
و مَن لا يـعرف البَجعة السـوداء و مسـرحية البجـعة و البحـيرة ، كَراقصة بالـيه أساسـية في فرقة الأوبرا لا تـدري لما تُكرر هذه الرقصة كـل عامٍ على مَدار سنين عُجاف ! فَات أوانُها بحقِ الرّب .
و المُتعب في الأمـر كونه رقصٌ تَعبيري و كـون دورِها يـحتاجُ كَئابة و شـجن و ظُلمة تـنبعث منهَا ... لَكنها تَبقى مبتَهجة كـل الوَقت بابتِسامـة على مَحياها .
قـاطع رقص أفكـارها بِساحـة عقلِها ، دلوفُ امرأة غَزى الشـيب جـذور شـعرها الأمـامية ، تكـتسح فستانًا بلونِ الزُمرد الأخـضر لاقَ على جُثمانها و شعـرها الأسود المُسترسـل .
_" زَيـنب ، سنذهـب لِمنزل عـمك الأكبر ، أتحـضرين يا ابنَتي ؟ أم كالعَادة مَعكِ حُجة طـازجة لِأزُفها عـلى مَسامعهم هًذه الَّليلة ؟"
رفعَت زينـب رأسها من على فِراشها ذو الأغطـية الزَرقاء تبـتسم بوجه والـدتها خَـديجة تـحاول العـبث معها كـي تتجـنب هذه الزيارة
_"إنّي متعَبة أمـي ، ضِف لذلك لَدي رقصة أتدَرب عـليها عزيزتي"
كَتفت أمها ساعِديها لصدرها تلتَفت خـارجة من غرفة ابنَتها التـي خَرت أرضًا عـلى قفاهَا بسبب صوت البَاب بعد ذهاب أمها.
_" سأخسر أسفل ظَهري إن بقت تفعَل هـذا كـل مرة تَدخل غُرفَتي !"
استَقامت تنفُض غبارًا وهـميا من على مَلابسها و المُتكَونة مـن فُستَانِ ذو لَون أزرق سمَاوي ينزَلق على كَتفيها ، حَد الرُكبة ، بِطبعة فراشاتٍ بيضاء عـليه .
تَهوى الأزرق بِدرجاته ، رغم أنه تَم وصفه بِلون الكَـآبة و الحزن إلا هـي عزِمت على خَط حُروف الهَوى و الهِيام مع الأزرق .
_" أظنُني سأنظـم غُرفَتي المـسكينة بعدها أجلس أدردش مع الأصدقاء ، لا تَدريب اللّيلة "
أخذت تُلملم قطع ملابِسها من كـل أرجاء الغـرفة ، تَكنس أرضها و تـنزع الغُبار عن سطوحها ، لتـجلس أخيرًا بعد حَوالي السَاعة مُلتقطَة هـاتفهَا تدخـل لِمحادثاتها مع جَماعتها المـتكونة مـن بضعِ إناث و بضع فَتيان .
ضغـطت على حـساب يتضَمن اسـم "لاقِطة الوَسيمـين" تتفَقد رسائلها مع تلـك الفَتاة ، كـانت من أصدقائها المُفضلين من بَلد آخر ، و لم يَمر يوم عَليهِن و لم يَتحدثـن بأمـور مُتفرعة عَديدة .
اهتَز الهـاتف بِيدها معلِنا عن اتصـال من نـفس الأنثـى لِترد الأخرى مبعِدة الهـاتف عن وجـهها مُعطية صَديقتها مِساحَةً للنَظر.
_" هـوي ، زَينـب ، مَساءكِ يا فَتاة "
_" أهـلا سـيدرا ، ما الأحوال ..هـل أنت بالخَارج الآن"
نَطقت بعد تَدقيقها في مُحيط المُلقبة سيدرَا ، الوقت لديهَا حَوالي السابِعة و لازالت خارجًا ، صِدقًا من قـال أنها لا تتعَب !
_" نعم زَينب ، كَالعادة مع بعض الشَباب نلهـو ، و أنت ..أما زِلت تُطارحـين الغَرام مع تلك المعزوفات و تراقِصين ألحَانها !"
ضـحكت تستَغرب من كُره الأخرى لأي شيء مُتعلق بالرقـص و خاصَة البَـاليه .
_" إنه رقصٌ تَعبيري يا فتاة ، لن تَفـهمي مَا دُمت تُصادِقـين الـشبان و تلـهين مَعهم"
أخرجت الأخـرى لِسانها تُغيضها
_" عَلى الأقَل حـولي شُبَان وَسيمـين كـاللعـنة !"
لاحَظت زَينـب أن الأخرى تَعكس اتجـاه كَاميرا هـاتفها مُديرةً إياها نـحو طَاولة المـطعم الـذي تقبع بـه سيـدرا مع أصدقاءها ، و التـي تحمل فَتاتين و ثلاث شـباب .
دَقـت السَّاعة السَّادِسة ، الـتَقت الأعـين ، خَفقت القـلوب تُنازع للخُروج مِن نَجدِها !
لَمـحت طَيف رَجل يَجلس مُقابلا صَديقـتها ، يكـتسح جـلدًا أسودً ، وَشم أسود بِعنقِه ، خَواتم فـضية بأصابعه و أهم ما لاحَظته ، أعـينه .
بأعـينِه الدَّاكِنَة عَانق أعـينها بلحـظةٍ لم تتعَد الخـمس ثَوانٍ ، ثـم أعطَى لصدِيقتـها ما يُسمى ابتـسامة و نَهض مـغادرا تارِكا سوى طـيفٍ مظـلم .
أغلقت سـيدرا المـكالمة بسبب وصول طَعامهم ، بينما الأخرى ..قبعَت يدها على صَدرها تّطبطب جهة قلبها بـخفة تَزفر أنفاسها المتشَتتة .
_" مَـا لَك أيـها القَلبُ ! تَنوي عِصيان مَالِكك بِلحـظة سَهوٍ ، خَارجًا عن قَفصك هَاربًا للهِيام ! "
.
.
.
.
.
.و أول فصل نشرته ، أقصر من حياتي بس سلكووو معليه
وضعت فوق فيديو توضيحي للمسرحية لي تكلمت عليها تبع بحيرة البجع ، البحعة السوداء
و حوالي فالبارت 3 يكون اكثر تفصيل عنها
❄️
و طبعا انا حذفتها و رجعت نشرتها ، يلي متابع من الأول ما رح يلقى تغيير لحد البارت 5
أنت تقرأ
هِـيدرَانجـيَا : القَلب المُخلِص HYDRANGEA
Romantizmشَـتَّانَ بـين وِجـدَان أنثَى مخذُولَة حاضِرًا ، و بَين وِجدانِ أخرى حَديثِ الوِلادَة ماضِيًا. راقِصةُ بالـيه متنَاغمةُ الخطواتِ مع ألحانِها ،مُتناسِقةٌ مع عَدد لفاتِ الحَرير على ساقِها . يعـبثُ القدَر بِخـيوطِها المُتشابِكة بَعد فِراقٍ أذاقَها مُرّ...