﷽
تَناهى إلَی مَسامِعِي آخِرُ كَلِمَاتِها المُبْهَمةِ، وَكَمْ كَانَ عَذْباً عَلی نَفْسِي
فالتَفتُّ بِسُرعةٍ حَيتُ كَان، لَكِن مَا كَانَ مِنَ الرِّياحِ إلَّا أن لَفحَتْ وجْهِي بِنَسَماتِهَا الَبارِدةِ، مُوقِظةً إيَّايَ مِن حُلُمٍ اَبيْتُ الخُروجَ مِنْهُ سالِفاً.فَسَمِعتُ:
"(أُرِيدُ قِطعةَ خُبزٍ مِن فَضْلِك)"
ابْتَسَمتُ مُجِيبةً إِيَّاه:
"(كَم تُرِيدُ يا صَغِيري؟)"
فَمدَّ إلَيَّ بِضعةَ سِنْتاتِ لَا تَتجاوزُ سِعرَ وَاحدةٍ، فنظَرْتُ إِليه، وَإذْ بِه طِفلٌ لَم يَتعدَّی أَربعةَ أقْدامٍ فِي طُولِه، وَإنْ دَلَّ هَذا عَلی شَيءٍ، فَهوَ عُمرُهُ الذي لَا يُدانِي السِّتَّةَ أعْوامٍ.
"(أُريدُ مَا يُساوِي هَذا)"
لَم أكُن قَدِ انتظَرتُه أن يُكمِل، بَلْ سَارعتُ بِفتْحِ أحَدِ رُفوفِ المُعجَّناتِ، مُلتَقِطةً مِنها بِقدرِ كِيسٍ مُتَوسِّطِ الحَجمِ، ثُمَّ قدَّمْتُهَا لَه
"(يُمكِنُكَ أخْذُهَا، اعْتَبِرهَا هَديَّةً مِنْ مَتْجِريَ المُتَواضِعِ)"
عَلاماتٌ مُتفَاجِئةٌ عَلی وجهِهِ اسْتَكانتْ، لَم تَلبَثْ لحَظاتٍ أنْ زَالَت، وَحلَّتْ مَحلَّها ابْتِسامَةٌ مُمْتَنَّةٌ جَمِيلة.
أَمْسَكَه مُخِرجاً إحدَی مُحْتَوَياته، نَاظِراً إِليهَا هُنَيهَةً مِنَ الزمنِ، يَتأَمَّلُهَا كَما لَو أنَّها كَنزٌ استَقرَّ بَينَ كَفَّيهِ.
"(إِنَّها جَمِيلَةٌ فِي شكلِهَا، زَكِيَّةٌ فِي عَبَقِهَا، مِثْلُك)"
حِينَها أَدْرَكتُ أَنَّنِي أَخِيراً، أَصبَحتُ مثلَ مُبْتَغَاي
«بِنتُ خُبزٍ»
..................................................
*بنتُ الخبزِ: الكِسرةُ.
إنتهت بِمشيئةِ الله
في العَاشِر مِن يناير، سنة ٢٠٢٢
بعد ثلاثِ دَقاتٍ مِن الخامِسةِ مَساءً
أنت تقرأ
بنتُ خبزٍ
Historia Cortaأنْ تكونَ قيِّماً.. ثمِيناً لَا يُسْتَغْنَى عَنك... كرَغِيفِ خبزٍ بعدَ سَغبِ السَّبيل؟ .............. _نقيّة _قصةٌ قصيرةٌ