كاليكولا

42 11 0
                                    

وقفزتُ مِنْ سريري مُستيقِظًا .. اللّعنة على هذا الدّماغ واِسقاطاتِه.. هذا الحُلمُ يُلاحِقُني .. و شيئًا فشيئًا تتّضِحُ الأمور.

لمَ هذا الحلم بالأخصّ يُلاحِقُني .. و كأنّني ()غريمُه! ألأنّ لديَّ رهابٌ مِنْ ركوبِ الطّائرات؟ أمرٌ عجيبٌ ما يحصلُ معي .. و يدعي إلى الحيرة.. فكُلّما ألوذُ بالفرارِ إلى فراشي .. هارِبًا مِنَ الواقعِ المُخيف.. أستيقِظُ على حُلُمٍ لا يقِلُّ رُعبًا عنه!
 
نظرْتُ إلى ساعةِ الحائط .. إنّها الثالثة بعد الظُّهر! يا إلهي لقد أطلتُ بِنَوْمي.. ستُوَبِّخني "ماكيدي" على فِعْلتي هذه أنا متأكّد! نظرتُ إلى جانبي .. فلمْ أجِدْ "سارة" ! أين هي بحقِّ الرّبّ؟

 قُمتُ بارتداءِ الملابسِ على عجلةٍ مِنْ أمري.. فلمْ أعلم ماذا اِرتديتُ و ماذا رميْت..و خرجتُ مُسرِعًا..لأجِدَ شابَّينِ .. مُقيّدانِ بالقيود خلف مِنضَدةِ الإستقبال الزُّجاجيّة ذاتِ أطرافٍ مِنْ خشبِ الزّان.. و كلاهُما في حالةٍ يُرثى لها.. فكلٌّ منهما على حِدى اِقترن برجلِ الطّاولة.. جاثينَ على رُكبِهِم.. ترْهَقُهُمْ ذِلّة..
 
· ما بالُكُما أنتما الاِثنيْن؟ مَنْ قيّدكُما؟
 
· هناك زنجيّة لعينة .. أشبه ب"جوندليزا رايس" .. طرقتْ الباب .. فألقَيتُ عليها  التحيّة ..   فأشارتْ لي بشارتِها الأمنيّة .. فقالتْ أنتَ محتجزٌ لثلاثة أيّام على ذمّة التّحقيق.. لقد أصبح النّاسُ في هذه البلاد يُسجنون بسبب السّلام.. و جُلَّ ما أعرِفُه أنّنا نحن البيض مُستهدفون.. نعم مستهدفون!
 
· نعم .. أُقسِمَ لك أنّ هذا ما فعلتهُ معي أيضًا .. إنّنا البيض مُستهدفون! معهُ حقّ! (قال الآخر)
 
وأوّلُ سؤالٍ جال في خاطري  سألتُهُم إيّاه على عجلة : هل تعرفانِ بعضكُما البعض؟ فكان الجّواب واحدًا .. عدم معرفةِ بعضهما الآخر!
 
· ما دُمْتُما في نفسِ البلدة .. فلمَ لا يعرف أحدكُم الآخر؟
 
· وأينَ العيْبُ في هذا .. لديَّ أعمالي و مشاغلي .. و لا وقتَ لي بالتعرّف على النّاسِ و اِختلاطي بهم! (قال الأوّل)
 
 
·أمّا أنا أحبُّ الِختلاط بالنّاس .. لكنْ لمْ أرهُ قط بحياتي!
 
نظرتُ إلى كليْهما .. و العصبيّة تدفعُ بيَدي نحو الأوّل ..فضربتُه ضربتيْنِ .. أخرجتُ أحشاءه بها .. و هشّمتُ أضلاعهُ بقبضتي: لقد تحصَّلتَ على ضربتين أيُّها الوغد .. اِحزَر لمَ؟ فردّ عليَّ قالِبًا شِفَّتهُ السُّفليّة المُمتزِجة بالدِّماء.. كناية عنْ عدمِ معرِفةِ السّبب .. فوجّهتُ لكمتي الثالثة على شفّته.. فأعطيتُهْ مفعول "البوتوكس" المجّاني

.الأولى لأنّك نعتّها بالزّنجيّة أيُها العنصري .. والثّانية لأنّكَ تشعر بمظلوميّتك و أنتم أكثر النّاسِ رفاهيةً في العالم.. و الثّالثة لأنّكَ لمْ تعرِف السّببيْن!
 
·أمّا أنتَ الآخر (و اِستَدرْتُ للثاني)
 
· كلّا أرج... و لمْ يستطِع إكمالَ ترجّياته تلك.. حتّى أحكمتُ قبضتي بين أسنانِه .. فتتطاير ما تتطاير منها .. و قُلت: أمّا أنت أيُّها الغبيّ .. فلَمْ تلبث هنا لساعات .. أو لدقائق .. فلا أواصِرُ قربة تبرطُكَ به .. لمْ ترَهُ بحياتِك قط..و قد أيَّدتهُ رأيهُ العُنصريَّ ذاك .. وهذه اللّكمة كيْ تُفكِّر في المرّة المُقبِلة بالأفكار الّتي تُطرح أمامك .. عليكما اللعنة .. أفسدتما صباحي !
 
· إنّنا عند الظّهيرة !
 
وضربتُهُ على معِدتِهِ الفارغة تلك برُكبتي .

اليرقة البيضاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن