2

50.9K 270 3
                                    

اليدان تمسكان بقلنسوتها وتنزلها لأسفل لتغطي عينيها .. انتفضت والتفتت للخلف وارتفعت يديها من تحت الغطاء لتزيل القلنسوة عن عينيها، ولكن اليدان الباردتان أمسكتا يديها برفق وهمس صاحب اليدان الباردتان في أذنها: "هكذا أفضل" .....

لماذا قررت وقتها ألا تعترض؟ .. لا تعرف ..
ربما شيئا في نبرة الصوت، او ملمس يده الكبيرة، او ربما جسدها المنهك هو من أبى الاعتراض ..

تركته يثبت قلنسوتها على عينيها، واصبحت لا ترى شيئا
عيناها في الظلام وجسدها تحت الغطاء، وكل اتصالها بالعالم كان صوت الأغاني المختلطة بصوت الريح .. ويديه الكبيرتين..

من هو هذا الشخص؟
هل هو نزيل مثلها في الفندق؟
هل هو أحد العاملين؟
لماذا لايزال مستيقظا حتى هذه الساعة؟
ما الذي صعد به للسطح الخالي في تلك الليلة قارصة البرودة؟

بينما يحاول عقلها إيجاد إجابات لهذه الاسئلة، حدث شيء آخر ..
شعرت به يلف حول مقعدها، ويزيح الغطاء قليلا، ويمسك بها من جانبيها ويرفعها، ليجلس مكانها على المقعد ويجعلها تجلس في حجره، ثم يدثرهما معا بالغطاء..
كان هذا اختراقا فوق الحد لمساحة أي أحد الشخصية، وأي من في مكانها كان سيقاوم او على الاقل سيعترض، ولكنها في تلك اللحظة كانت أضعف من ذلك .. أو ربما كانت أقوى من التظاهر بالاعتراض؟

الاغنية تصدح
"You are the prey But you're not food
Without a challenge It's no fun"
"أنت فريسة ولكنك لست طعاما .. بدون تحدي لن تصبح الحياة ممتعة"

ما أدركته في تلك اللحظة انها لم تكن فقط منهكة جسديا ولكنها كانت منهكة نفسيا أضعاف وأضعاف ..

كانت طول حياتها مقاتلة .. لا تعترف بالضعف، سواء ضعفها او ضعف من حولها .. وهذا ما جعلها من أكثر الناجحين في مجالها .. لم تكن تعترف بأنصاف الحلول، ولم تكن تقبل بكلمة (لا أستطيع) .. كل شيء بالنسبة لها كان ممكنا فقط إن بذلت مجهودا كافيا..

ولكنها تعبت من الركض .. طوال حياتها تركض .. تفتح عينيها في الصباح وتظل تركض حتى معاد إغلاقهما مساء..

إنها في حاجة للراحة .. ليس فقط الراحة ولكنها في حاجة للاستسلام .. في حاجة لأن تترك الدفة قليلا وتترك الرياح توجهها كما تريد .. في حاجة لتزيل القابس عن عقلها المشغول دائما، لتتركه في حالة رمادية ساكنة قليلا ..

لكل هذا وأكثر تركت هذا الشخص الغريب يأخذ مكانها ويأخذها هي في حضنه .. نعم .. تركت شخصا لا تعرفه يحيطها بجسده وهي لا تعرف من هو بل وهو يبقي عينيها مغلقتين تحت قلنسوتها أيضا ..

ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ .. أن يلقي بها من فوق الحاجز لتسقط؟ .. حسنا، ستكون هذه نهاية درامية أكثر من اللازم، ولكنها وقتها لن تكون مجبَرة على الركض مرة أخرى و ستكون سمحت لعقلها بأن يستريح .. نهائيا ..

ولكنه يبدو أنه لم يكن في نيته أن يلقي بها في أي مكان .. فما فعله بعد ذلك كان خلاف ذلك تماما ...

ليلة واحدة (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن