الفصل السابع : ليلة العاصفة

737 19 2
                                    

سأل ستيليو متجهماً :
«من يطرق الباب في مثل هذه العاصفة ؟»

و نهض واقفاً عندما دق الجرس مرة أخرى و أردف يقول :
«لا بد أن أجيب على الطارق يا رافينا» .

قالت :
«بالطبع» .

و التقت عيناهما و راودهما سؤال واحد فهز ستيليو كتفيه في استخفاف و خطا خطوات واسعة و أرهفت رافينا سمعها علها تلتقط صوت الزائر حينما يفتح ستيليو الباب، و شعرت أنها مذنبة فالإتهام الذي سيوجه لها و لستيليو بأنهما عاشقان، و أن مارك جاء سعياً وراءها، و شخصت ببصرها نحو الباب حينما لاح لها شبح طويل بلله المطر و قد وقف عند المدخل و تحققت مخاوفها العميقة .

قال صائحاً :
«رافينا» .

و كانت قطرات المطر تتساقط من فوق شعر مارك الأسود لتستقر على عينيه و طفقت نظراته تفحص جسمها النحيل الغارق في المقعد الواسع المكسو بالقطيفة، و لم تستطع رافينا أن تحرك ساكناً، و تركزت عيناها على وجهه الصارم، لم تصدق عينيها في باديء الأمر و لكنها كانت حقيقة واقعة أن مارك جاء بحثاً عنها .

سار إلى الغرفة يتبعه ستيليو الذي بدا صبياً إلى جوار مارك و نفر عصب في أحد صدغيه عندما استدار ليواجه الرسام، قال مارك بصوت بارد تشوبه مرارة الغضب :
«أحب أن تقدم لي تفسيراً لهذا الموقف ماذا تفعل زوجتي هنا ؟»

كسا المطر الشرفة و دقت الساعة معلنة الوقت كأنها تريد أن تنبه رافينا بأن مكانها في هذه اللحظة يجب أن يكون في بيتها و ليس الإستكانة إلى فنان فاسق، سألت مارك :
«ماذا تفعل هنا ؟ هل رآني أحدهم و أنا أغادر الكازا مع ستيليو ؟ هل جئت إلى هنا لتأخذني بعيداً ؟»

رمقها بنظرة سوداء و قال :
«لا ... تخربت عربتي في مكان ليس بعيداً من هنا و أعرف أن ستيليو فابريزي لديه تلفون فجئت أستأذن منه الحديث إلى الكراج، و لم يكن لدي أدنى فكرة أنني سأجد زوجتي مع السنيور» .

مضت لحظة من لحظات الصمت التي تبدو فيها البراءة و كأنها آثمة و لم يقطع الصمت سوى صوت المطر المنهمر و لم تستطع رافينا أن تقاوم رغبتها في أن تختلس النظر إلى ستيليو و لما حاول ستيليو الكلام بدت نبرته و كأنها تؤكد كل مظاهر الإثم .

قال ستيليو :
«كان الجو شديد الحرارة و الرطوبة فرأينا أن نقوم بنزهة في السيارة، إنني السبب في دعوة رافينا للمجيء إلى هنا لتناول بعض المشروبات، و لما وصلنا فاجأتنا العاصفة و حاولت أن أقنعها بأنه من الجنون قيادة السيارة عبر الجبال وسط هذا السيل المنهمر، لو أن العاصفة لم تحدث ...»

قاطعه مارك قائلاً :
«لكنت حملتها عائداً إلى البيت دون أن أعرف أنها كانت هنا بصحبتك» .

و نظر إلى رافينا بنظرات مبهمة مدركاً أنها كانت ستكتم ما حدث و عندما تقدم خطوة نحوها تراجعت و الذعر يتملكها و كأنها تخشى أن يلمسها و قالت له بتحد سافر :
«هل نخلق من هذا الأمر مأساة ؟ احتسيت كأساً و لم يكن سوى مقو بالثلج» .

العروس الأسيرة // روايات عبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن