بيانو أسودَ اللّون.

0 0 0
                                    






.

رنين هاتفها يصدع في أرجاء الغرفة منذ نصف ساعة تقريباً ، لكن نُعاسها و تعبها تمكّن منها تماماً ، هي لم تستطع فتح عيناها...
لكنها اكتفت من صوته المزعج، لو فقط تذكّرت أن تضعه على الوضع الصامت.
"ما لعنتكَ أيًّا كنت!"
ردّت بغضب ليجيب ببرود من الجهة الأخرى.
"لعنتي أنّ اليوم السبت يا آنسة كيومي ، و على ما أظن بيننا اتّفاق"
فتحت عيناها حين ذهب النوم تماماً منهما...لقد نست تماماً أمر العمل الجديد و الاتفاق ، ضربت جبهتها نتيجة غبائها.
"أرسل لي العنوان ، خلال نصف ساعة سأكون أمامكَ."
همهم الآخر يُنهي المكالمة ليبعث لها عنوان منزله..
أما عنها فنظرت للساعة لتجدها الثامنة و النصف...لما هو دقيقٌ هكذا بمواعيده!
حسناً هذا أعجبها و لم يعجبها في ذات الوقت.
أعجبها كونه منظّم و جاد عكس ما يظهر عليه ، لم يعجبها كونها لن تحظى بنومٍ هنيئ حتى في نهاية الأسبوع .
حتى عملها القديم كانت مناوبتها ليلية لأنها أرادت أن تحظى بالقليل من الراحة...لكن للفنّان رأيٌ آخر.
.
.
"إذاً أنتَ غني ، لهذا ترمي مالك هنا و هناك!"
دخلت منزله تُلقي أول ما فكرت به على مسامعه.
"بالطبع كيو ، أنا فنان لا تنسي هذا! سعر كل لوحةٍ أبيعها ليس أقل من ألف دولار ، هذا أقل سعر لدي".
ضحكت بصخب تهز رأسها بقلة حيلة.
"لا يمكنني تخيّل نفسي أشتري لوحة بعشرة دولارات حتّى ، لا أعلم كيف يستطيع الناس فعلها ، هم حمقى لشراء جمادٍ سيعلَّق على الحائط بكل هذا المال".
جونغكوك لم يُعجب بكلماتها و التي عدّها إهانة له و لفنّه.

"الناس أذواق كيو ، و هذه ليست مجرد جماد...هل تعلمين كمية الجهد و الوقت و الشغف الذي أضعه داخل كل لوحة؟ هل تظنّين أن الرسم بهذه السهولة !
هذا المال يُدفع مقابل عملٍ نابع من قلب الفنان ذاته، و من يشتري لوحة..."

"حسناً حسناً ، أعتذر لكلامي الفظ"
قاطعت كلماته ، هي فعلاً شعرت بالندم ، فهي أيضاً عازفة و تعلم كم الفن يتطلّب الكثير.
"ربّما قلتُ هذا لأن...لأنني لم أفكر يوماً بشراء لوحة كوني لست ممن يستطيعون فعلها ، فكما تعلم، لست من الطبقة الراقية".

شعر جونغكوك بأنّه بالغ بعض الشيء بكلماته لذا و دون تفكير منه احتضنها من الخلف بلطف لتنفر هي بدورها.
"ماهذا الآن؟ نحن لم نتّفق على التّلامس الجسدي!"
سحب يدها دون التفوه بحرف ليدخلها أحد الغرف ، لا تعلم لما لم تتحرك حتى الآن.
أهي تحت تأثير  الصدمة من أفعاله السريعة؟
أجلسها أمام مرآةٍ ممسكاً مُجفّف الشعر ليبدأ بتجفيف خصلاتها .
نظرت له بعدما انتهى ، كان مراعياً للغاية بلمساته.
"لم يكن عليكِ الخروج من المنزل بشعرٍ مبتلّ ، ستمرضين هكذا كيو!"
أدارت عيناها بملل.
"نعم ، ليس و كأنك من استعجلني للقدوم هنا!"
عبست شفاهه ، هو بدأ بلوم نفسه الآن.
.
يجلس كلاهما على طاولة الطعام بعدما أعدّ جونغكوك بعض الأطباق الجانبية ، هي لاحظت أن لا أحد يسكن برفقته لذا قررت سؤاله لخلق حديثٍ كون الأجواء كانت صامتة بينهما حتى الآن.
"هل تعيش وحدك؟ ماذا عن عائلتك أو أصدقاءك؟"
"عائلتي تقبع في بوسان ، لو لم تكن الفرص أكبر في العاصمة لبقيت معهم ، و
لديّ بعض الأصدقاء هنا، لكن لا يمكنني العيش مع أحد ، أنا صعب التعايش لأكون صادقاً...أنا مزاجيّ للغاية!"
همهت بعد انتهاء حديثه.
"بيننا صفة مشتركة جون جونغكوك".
"هل قرّرتِ مناداتي هكذا؟ نحنا سنقضي يومين في الأسبوع سوياً ، التعامل برسمية لن يكون فكرة جيدة على ما أظنّ."
"حسناً ، فقط دعني أعتاد عليكَ أكثر ، سأحاول."
.
.
"حسناً كدنا نصل للغرفة المطلوبة"
همس داخل أذنها بينما يُمسك يدها حتى لا تقع ، فهو قرّر وضع قماشة على عيناها دون البوح بالسبب، يبدو أن شيء سيء سيحدث ، هذا ما فكرت به.
"وصلنا كيو"
أزال القماش لتفتح عيناها ببطئٍ شديد حتى توسّعت من هول الصدمة ، نظرت حولها لا شيء في الغرفة سوا البيانو الأسود الذي يتوسطها ، لم يكن عاديّاً...كان فخماً و كأنه صُنع لأشخاصٍ معيّنين.
"حُلوتي، منذ أن علمتُ أنكّ عازفة و منذ أن وقّعتِ على الاتفاق ابتعت هذا البيانو خصّيصاً لكِ"
شيء من السعادة حطّ على ملامحها البسيطة ، هي لا تصدّق ما ترى حتّى الآن.
"أتعلم؟ لن يسبق لي أن لمست بيانو خارج المعهد الموسيقي ، سوى مرة واحدة و التي جعلت منّي هائمة بهذه الآلة العظيمة"
همهم يحتضنها من الخلف ، لم تنفر منه و لم تحاول إبعاده عنها...و كأنها سكنت عالماً آخر متناسية الواقع الحالي.
"متى كانت المرة الأولى لكِ يا حُلوةَ الملامح؟"
ابتسمت عندما تذكرت مرتها الأولى.
"كنت في الخامسة عشر في منزل صديقةٍ لي ، لطالما استمتعتُ بسماع معزوفاتٍ موسيقية ، لكن لم أتوقع أنني بمجرّد رؤية البيانو أمامي سيتضخم هذا الحب داخلي"
ابتسم لكلماتها، لا يعلم لما أسعده دخول ذكرياتها هكذا ، شعر بقربه منها ربما!
"لكن جونغكوك ، لم تخبرني حتى الآن...لأي سببٍ ابتعت البيانو؟"
سألته باستغراب بعدما استدارت له،  أمسك إحدى وجنتاها المنتفختين بيده مُبتسماً.

"لأني يا حُلوتي أكاد لا أطيق الانتظار لرؤيتكِ تعزفين بينما أنقل جسدكِ و تفاصيلكِ الخاطفة للأنفاس على أوراقي".



.
.
.

🤍

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 19, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

 ملامح مميّزة |Jk Distinctive features حيث تعيش القصص. اكتشف الآن