(ب)

39 9 20
                                    

حاول ان يخرج تلك الأفكار الشائكة من رأسه مع خروج الزفير و هو يتنهد ، إنه ينوي أن يعتزل وظيفة إراقة الدماء بأُخري هادئة روتينية ، لكن تلك الأفكار ستفسد حياته الجديدة التي يعمل جاهداً علي التأقلم معها و ألا يُنتَكث و يعود لحياته السابقة.

وصل فخرج من سيارته و استقل مصعدا متجها نحو المكتب الذي سيتم فيه مقابلة العمل ، طرق الباب و سمع صوت احدهم : ادخل !

فتح الباب فدخل ثم اغلقه خلفه ، أشار إلي آدم بأن يجلس في كرسي مقابل لمكتبه بابتسامة مصطنعة ، و بدأت المقابلة الشخصية .

و بعد ان انتهي خرج من ذلك المكان الذي لا يشبهه و اتجه نحو متجر للهواتف اثناء عودته لمنزله، يشتري واحدا عوضاً عن الذي حَطمه أمس في لحظة غضب عارم ، عاد لمنزلِه الذي يشعر فيه انه غريب لا يشعر براحة العودة الي المنزل كما السابق ، و أن ينظر لحياته بشمُولية ليس هناك شيئٌ كالسابق و لن تعود الأمور كما كانت .

يتناول غداؤه وحده و بدأ يفقد الشعور بمذاق الطعام ، لربما لأنه لا يستطيع ان يُعد الطعام كما كان شقيقه كان يُعده عندما كان يزورُه من حين لآخر او لأن حزنه طَغي علي حواسه بالكامل ففقد الشعور بأي شيئ ، تخللت اصابع كفه الايمن خصلات شعره القصير بشيئ من العصبية و إتجه نحو الثلاجة و اخرج زجاجة نبيذ فاخر و سكب كأساً بارداً لنفسه ، و كان علي وشك ان يرتشِف رشفةً إلا أنه رأي ذكري منعته ، حيث أخاه يأخذ الكأس من يده و سكبه في الحوض دون ان ينطق بكلمة فقد كان كثيراً يمنعه ، و يغسل الكوب و يضعه جانباً .

أغمض آدم عينيه بقوة و حزن ،كادت الجفون تعتصر عينيه ، أغمضها عسي ان تتوقف تلك الذكريات عن التسرب و الحنين اليها ، عسي ان يتوقف عن رؤية اخيه في كل فعل يقوم به .
وضع الكأس علي المنضدة و هو يتكئ علي المنضدة ناظراً للفراغ لثوان يتسائل الي متي سيظل يري شبح أخيه حوله؟.. و إلي متي سيظل يلوم نفسه علي إزهاق روحه؟

إلتقط الكأس و شربه كله دفعة واحدة ثم وضع الكوب مكانه و خرج ، ليلقي بجسده علي الأريكة كما انتشر الكسل أطراف جسده كالمخدر ، شعر بجفون عينيه يتثاقلان و براحة اكثر عندما يطبق جفنيه و سيطر عليه النوم فاستسلم له و غَفَيَ.

في المساء استيقظ علي صوت هاتفه ، التقط الهاتف، كانت مكالمة من رقم مجهول ، لم يتخيل أن تسير أمور عمله الجديد بتلك السرعة ، نهض فإعتدل في جلسته و هو ينظر الي رقم المتصل و للحظات شعر بأنه ليس اتصالاً من الشركة و بفضول رد : آلو

سمــع صــوت خشــخــشة ثم صــوت أنـثــي هـمــس يتحدث بين أنــفــاس متــلاحــقة: فـــاروق !.. ســامـــعنــي !.. آلـــو ..

🌿عـــلـــي قـــيـــد الـــحـيـــاة 🌿حيث تعيش القصص. اكتشف الآن