𝟭- 𝗽𝗿𝗶𝘀𝗼𝗻𝗲𝗿 𝗼𝗳 𝗱𝗮𝗿𝗸𝗻𝗲𝘀𝘀

476 29 0
                                    





- ايها الدكتور هارمان ..اتقول ان عمى زوجي دائم؟
قاومت كيم جيسو لتسترد رباطة جأشها فقد تمسكت طوال الرحله الليله من لندن الى نايروبي بأمل ان يكون مؤقت
رد الطبيب بهدوء , ليطمس بصيص النور الذي رفض ان ينطفئ حتى الان
- اخشى ان هذا الواقع ..
مال الى الامام في كرسيه واخذ يشرح لها
- حين انهار سقف المنجم اخترقت شظية معدنيه جمجمة زوجك ..
وانا مقتنع بأن العصب في جهاز البصر مصاب فهو لايميز الضوء اطلاقا ..
انا اسف
هزت راسها فتناثر الشعر الاسود البراق حول كتفيها
- لا اصدق ..ايعرف تايهيونغ ان عماه دائم ؟
- اجل ..لقد اصر على معرفة الحقيقه حالما استعاد وعيه
- لقد مر اسبوعان على الحادثه ولا افهم لماذا لم يتصل احد بي لو اخطرني احدهم لهرعت الى نيروبي على اول طائره لا أكاد اقبل فكرة بقائه في المستشفى هذه المده كلها وانا جاهله بما حدث!
رد الطبيب
- اعتقدت انه على اتصال مع عائلته ..ولكنني لما علمت قبل ليلة البارحه انه لم يتلق زيارات الا من بعض موظيفه في شركة مناجم كيم سمحت لنفسي بالاتصال بمكتبه لأحصل على رقم هاتف احد اقاربه .. فقيل لي ان والده
السيد كيم هو في لندن فاتصلت به فورا
عبست جيسو " ألم يأت تايهيونغ على ذكري قط ؟ لا افهم"
تفرس الطبيب وجهها البيضاوي الدقيق التكاوين وقد بان على وجهه الانزعاج بسبب الاضطراب البادي في عينيها
- لم اكن اعلم حتى لحظه ظهورك في العنبر منذ دقائق ان السيد كيم متزوج هذا عدا ان يكون متزوجاً من امرأه جميله مثلك ..
ظل زواجك طي الكتمان لانه لم يكن اي شخص في شركته على علم به ..
منذ متى تزوجتما ؟
سحبت جيسو انفاسها بحده
- منذ ثلاثة اسابيع فقد اضطر تايهيونغ الى العودة بعد مراسيم الزفاف فوراً من اجل امر طارئ في احد المناجم
وقد قرر ان ابقى في لندن حتى عودته ظناً منه ان المسأله لن تطول الا اياماً قليله لنتابع شهر عسلنا .. ولم اتلق رساله منه منذ ذلك الحين
ارتجف صوتها وهي تردف
- قال انه قاصد منطقه لايمكن الوصول اليها من الاراضـي الجبليه و انه سيتصل بي في اول فرصه سانحه
كان اتصالك بوالده الاتصال الوحيد الذي تلقيناه
اجتاحت وجهها موجة ألم جديده لانها شعرت بجرح عميق بسبب كتمان تايهيونغ امر زواجهما
ابتسم بلطف "ليتك تعلمين سيدتي مدى سروري بوجودك ..اظنك قدمت لي قطعه مفقوده من احجيه
- اية احجيه ايها الطبيب هارمان ؟
- زوجك رجل متكبر ..ولكن رغبته الشرسه في الاستقلال امام خسارته اقلقني وبعدما رأيتك الان بت افهمه
سألته بإلحاح وعيناها مثبتتان على عينيه
"ماذا تعني ؟"
وضع يديه خلف راسه "لو كان لي عروس جميله تنتظرني وفقدت بصري لكان اول مافكرت فيه الانتحار "
صاحت "اتقول ان تايهيونغ يرفض العيش؟ ألهذا امتنع عن الاتصال بي؟"
- ابداً ..بل مافعله هو الانزواء اذ لم يستطيع تحمل فكرة الاعتماد على شخص اخر خاصه انت انه ذكي وناجح وهو معتاد على تحمل مسؤولياته كامله
لقد بنى لنفسه مستقبلا باهراً في عالم المناجم في كينيا ..والاهم من هذا
انه تزوج من امرأه يريد ان يكون بالنسبه لها كل شيء في حياتها ثم فجأه يصدمه عماه فيشعر بالعجز عن تقديم الحمايه لك كما يشعر بالعجز لانه
لن يكون معيلك ..حبيبك ..
تهدج صوتها انفعالاً وهي تقاطعه
- تايهيونغ هو كل ماتذكر بالنسبه لي سواء اكان اعمى ام مبصراً ظننتك اتصلت بوالده لعجزك عن الوصول إلي ..
ولم اكن اعرف عن تايهيونغ ..اهذه هي ردة فعل معظم الناس؟
ايديرون ظهورهم لمن يحبهم ؟
اشاح عينيه عنها ومرر ابهامه على حافة الملف امامه ..
- يشعر المصاب بالاحباط في هذه الحاله ولكن ردة الفعل تختلف بين شخص واخر ولكنه كمعظم الرجال يريد ان يكون الزوج الكامل..
وهاهو العمى المجهول بالنسبه له الشيء الخارج من سيطرته .. انه خائف
اغرورقت الدموع في عينيها "لا اتصور تايهيونغ يخاف من شيء"
ارتفع حاجبه "ولن يستطيع.."
اجفلتها معاني الكلمات ... انه الليل الدامس بالنسبه لتايهيونغ ..
وهي لاتستطيع فهم ماسيكون عليه ..والتاع قلبها من اجله وهذا ما زادها
اسفاً وحزناً
رفعت راسها بجهد "اهو متألم ؟"
- انه لايشكو الا من صداع خفيف بين الفنيه والاخرى وفي الواقع اراني قلقاً لانه يلوم نفسه على الحادث الذي تسبب بموت شخصين
شهقت جيسو بصوت منخفض .. لم تكن تعرف هذا بل لم تفكر الا في زوجها
- لم ارغب في اخراجه من المستشفى قبل ان يأتي صديق حميم له او فرد
من افراد العائله ليرعاه فهو حتى الان رفض اي مساعده
كما رفض معظم الزيارات وكما شرحت لك اتصلت بوالده لأرى ماذا يستطيع ان يفعل واستطيع القول ان حضورك طمأن نفسي
خاصه بعد اصراره على ترك المستشفى اليوم ..
اعرف انه سيرفضك ولكنه سيحتاج اليك بيأس ..فهل انت مستعده؟
ونظر اليها بلهفه !
سحبت جيسو نفساً عميقاً ثم رفعت ذقتها قليلاً
- انا بحاجه اليه اكثر من حاجته إلي انا زوجته التي لها حق العيش معه بكل مافي الكلمه من معنى
غمرت ابتسامه ارتياح وجه الطبيب
- احسنت صنعاً ..انه رجل محظوظ بك وآمل ان يدرك هذا سريعاً
بعثت كلمات الطبيب الخوف الى قلب جيسو .. لقد بدأ تايهيونغ ببناء الحواجز منذ اسبوعين ..وكان اول حاجز رفضه الاتصال بها ..
قالت بتصميم وهي تقف "اود رؤيته حالاً واشكر لك اهدارك وقتك الثمين معي واهتمامك بتايهيونغ"
وقف يصافحها "حظاً سعيداً سيدة كيم ..سألحق بك بعد قليل لأرى زوجك
ولأرد على ماتودين طرحه من اسئله
لماذا لاتحملين اليه طعام الغداء؟ شهيته الى الطعام قليله وهذا امر غير طبيعي ولكن ربما تنجحين حيث فشل غيرك
تضاعفت مخاوف جيسو "سأحاول"
- هل لي ان اسألك سؤالاً خاصاً؟
نظرت اليه متسائله عن سبب اهتمامه هذا "طبعاً"
- متى تم تعارفكما؟
- منذ ثلاث سنوات تقريباً ..التقيته حين ابتاع زوج امي مزرعه مجاوره لأملاك عائلته ..لماذا تسأل ؟
ضاقت عيناه على وجهها "اشعر بالراحه لان زواجكما لم يكن وليد زوبعه من الغرام فأنت على الاقل تعرفين ماسيواجهك"
تركت جيسو مكتب الطبيب واقفلت الباب ثم اتكأت اليه في الخارج ..
اتعرف تايهيونغ كما يعتقد الطبيب ؟
لم يكن غرامهما زوبعة صيف ولكن بسبب وجوده الدائم في كينيا وبقائها في المدرسه العالميه في جينيف لم يمضيا كثيراً من الوقت معا ..
وطالما انتظرت عودته وعندما وجدت نفسها عاجزه عن ابتعاده عنها
مره اخرى طلب يدها للزواج واعداً اياها بأن يحل زواجهما كافة الاشكالات
سرت قشعريره في جسمها وهي تتذكر ماهمس به تايهيونغ وهما في المطار بعد الزفاف
"الان وبعد انتهاء مراسم الزفاف سنحقق الخطوة الثانيه وهي الاهم"
كان عناقة الحار هو السبب في هدوئها في الاسبوعين المنصرمين
ابتعدت عن الباب تهيئ لمواجهة زوجها شعرت بأنها ستجد وسيلة ما لاقناعه بان زواجهما سيبقى كاملاً رغم عماه
أليسا متحابين ؟
سيكون حبهما اقوى رباط فسرعان ماينجبان طفلاً لأنهما يحبان الاطفال الا اذا غير رأيه
وقفت جيسو تحت المصباح تتأمل الخاتم في يدها اليسرى انه الدليل الملموس على زواجهما ..
اطار عريض من الذهب يحيط بأجمل جوهره من الذهب والحجر الكريم
من مناجمه تذكرت انه قال لها ان لون الحجر البني يذكره بلون عينيها
فجأه رغبت في العدو في الممر لتغرق في احضانه ولتشعر بذراعيه حولها
حملت صينيه طعام تايهيونغ ثم ولجت الى غرفته الخاصه التي سرعان ماتردد فيها صوته العميق
- اعيدي الصينيه من حيث اتت ..سأغادر بعد دقائق المستشفى احمليها للمسكين في الغرفه المجاوره فهو من يعاني من حميه قاتله!
ترددت جيسو في التعريف عن نفسها وتقدمت ببطء في الغرفه
- قلت انني لست جائع !وللمره ..
صمت فجأه وارتفع راسه متوتراً "هذا العطر ,اعتقدتك للوهله الاولى .."
وتلاشى صوته ثم اشاح بوجهه ممراً يداً مرتجفه في شعره الاسود
ارتجفت يد جيسو فسمعت قرقعة فنجان الشاي وانزلاق غطاء الابريق ..وضعت الصينيه بحذر على الطاوله الصغيره قرب السرير
ثم استدارت لتشبع بصرها من صورته الحبيبه كان يرتدي بيجاما وروباً من الحرير هل احضرهما له صديق او موظف من المزرعه ؟
هل هو من اختار هذا اللون البني ام سكرتيرته ؟
اهتزت مره اخرى ثقتها بنفسها وكادت لاتفهم تايهيونغ الذي يعيش
في هذا الجزء من العالم ..
صدمتها ملامحة الغريبه في الوقت الراهن فقد تعمقت الخطوط حول شفتيه ولكن وسامته مازالت مدمره كحاله دائماً من الواضح
انه يصر على حلاقة ذقنه بنفسه فلقد ترك عدة ثغرات شعره اطول بقليل ووزنه اقل مما عهدته ..
لكنه مازال رائعاً بالنسبه لجيسو
راقبته بافتنان وهو يحاول توضيب حقيبته ..كان يضع الاغراض بطريقة فوضويه ..
ثم شتم بعنف عند وقوع بعض الشرائط المسجله عن السرير ..
عصرت اصابع جليديه قلب جيسو وهي تراقبه يتحسس حافة السرير لينحني على يديه وركبتيه بحثاً عما اوقعه
تحركت لااردياً تساعده فتراجع راسه الاسود الى الوراء وكأنه جواد اصيل غير أليف وشهقت جيسو غصباً عنها حدقت عيناه الى الامام
مباشرة فبان لونهما البني المخملي الجميل ولم تصدق انه لا يراها
قال بلهجه حادة لاسعه
- ماذا تريدين بحقك ؟ لست السيده كورلي ..فهي اكثر حكمه من ان تحاول اجباري على تناول الطعام
ارتجفت جيسو ..وطافت عيناها عليه ..لا اثر لجرح عليه ..
قال الطبيب ان شظية صغيره خرقت الجمجمه
اضفى عليه اللون الاسمر الاحمر الذي اكتسبه عبر مر السنين عافيه وصحه
صاح بها ساخراً فقفزت مذعوره
- هل شاهدت مايكفي ..كائناً من كنت ؟ الا ترين ان من قلة الادب التحديق الى رجل اعمى ؟
اصاب جيسو الهلع ..انها لاتعرف هذا الرجل الذي يسكن جسد تايهيونغ تصبب العرق من جبينها فنهرت نفسها لانها تتصرف بعكس ماكانت تريد
- تايهيونغ ؟
وارتجف صوتها
بدت الشهقه التي خرجت من رئتيه اشبة بتمزيق الحرير ثم همس بصوت اجش تحشرجه الصدمه ممزوج بما هو غير معروف
- يالهي ..هذه انت ..
ظهر البياض حول فمه المشدود "جيسو"
خرج اسمها وكأنه آهه حاره او كأنه اخرجه بالقوه من جزء معتم خفي ..
ولكن في نطق الاسم عاطفه عميقه فضحت توتره
وهذا ما يجب ان تراه في نفسها
هرعت اليه
"اجل تاي ..كان من المفترض ان تعود الى لندن ..ولكنني سامحتك"
همست بهذه الكلمات همساً ثم عقدت ذراعيها حول عنقه تعانقه بشغف ولدته العواطف التي اختبرتها في اليومين الماضيين ..ولكن
جسمه حافظ على تشنجه مع انها لم تلحظ هذا في اللحظه الاولى التي تجاوب فيها ثم دفعها عنه وارتد الى السرير مصطدماً به فعاد يشتمه
ولكنها رأت صدره يرتفع وكأنه يكتم انفاسه
قال بصوت عدائي بارد اجفلها "ماذا تفعلين هنا جيسو ؟"
ابتلعت ريقها "اي سؤال هذا الذي تطرحه على زوجتك ؟"
دس قبضتيه في جيبي روبه ثم نظرت الى قسمات وجهه التي قدت من حجر
- تعرفين انني لا اريدك هنا ..قلت لك كل شيء في رسالتي
خفق قلبها بشدة واقتربت "اية رساله؟"
- الرساله التي امليتها في المستشفى على سكرتيرتي التي اكدت انها ارسلتها
- اقسم لك تاي انني لم استلم رساله
تبع هذا صمت طويل يقوم فيه مدى صدق كلامها
- فلنفترض انك تقولين الحقيقه اذن كيف افسر وجودك هنا ؟
لقد كان اتفاقنا ان اتصل بك
- اتصل الطبيب هارمان بوالدك امس واخبره بما اصابك فسارع والدك الى الاتصال بي و سارعت بترتيب الامر حتى سافرت على اول طائره
شحب وجهه وامسك سياج السرير حتى ابيضت عقد اصابعه ..
اردفت "تاي لماذا لم تخبرني بماحدث؟ انت تعلم انني كنت سأهرع اليك في الحال"
مدت يدها تمسك يده القريبه منها غير انه ما ان ضغطت على اصابعه بلطف حتى انتزع يده منها مبتعداً عنها فشعرت بألم شديد
تمتم متهجماً ويده تلوح فوق الاشياء المبعثره في حقيبته
- ماكان عليك المجيء ارسلت لك تلك الرساله مع مرسال خاص ..ولكن تدخل الطبيب هارمان غير مجرى الامور
وحال دون استلامك الرساله التي شرحت فيها سبب رفضي مجيئك ذاكراً ان زواجنا لن ينجح
سحبت نفساً عميقاً تحاول بائسه الحفاظ على هدوئها
- حسنا ..بما انني الان هنا فهل لك ان تقولي لي ماتريد وجهاً لوجه
راقبت يده تفتش عن مقبض الحقيبه ..كان نبض عنيف يخفق عند فؤاده
- عودي الى بيتك جيسو ..ليس لك في هذا المكان شيء
واقفل الحقيبه ولكنه لم يستطع تثبيتها لان طرف منشفة حلاقته كانت عالقه
لقد هيأت نفسها للتغيرات التي طرأت عليه ولكنها لم تتوقع هذه القسوة وهذا الجفاء تحول الى غريب مخيف لايطاق ..
شعرت بأنها لو اقتربت منه لدفعها بقوة واوقعها ارضاً
همست "انا في بيتي ..نحن متزوجان منذ ثلاثة اسابيع وفي يدي الخاتم الذي يثبت صدق قولي !
ألم يبن هذا الزواج على البقاء معاً في السراء والضراء حتى يفرقنا الموت؟"
- ولكنني اصبحت اعمى ..وهذا مايغير الامور!
- لكنك حي ! ان اهم مافي المسأله انك حي ترزق ..ومهما كان لا انكر فظاعة العمى ولكنني سأفعل مابوسعي وسننجح نحن معاً
سمعته يشتم من بين اسنانه "مخطئه جيسو "
وتابع
- ليس هناك ما اسمه "نحن" ..لقد قلت للطبيب هارمان انني لا اريد زواراً
قالت بإصرار "لكن الزوجه ليست زائره لما لم تخبر الطبيب بزواجك ؟
اثقتك بي معدومه الى هذا الحد ؟
اتظن انني قد احرجك امام اصدقائك ومساعديك؟"
مرر كلتا يديه في شعره البني القاتم دليل احباطه وغضبه
- ليس هذا هو السبب لايمكنك ان تفهمي جيسو
قالت بصوت متوسل تحدق اليه
- ساعدني اذن! احبك تايهيونغ ..فدعني اكون زوجتك ارجوك ضمني اليك ..
ضاقت عينا تايهيونغ
- توقفي عن هذا جيسو ..لقد غيرت الحادثه كل شيء
- حتى حبك لي ؟
طغى على وجهه ظل ألم سرعان ما اختفى ..
- لم اعد الرجل الذي تزوجته ,اذ يغير فقدان البصر حالنا فنشعر بأننا غير الشخص الذي كان يوماً ,علي ان امضي في هذه الحياه وحدي
,ويؤسفني الا تصلك الرساله في الوقت المناسب فلو استلمتها لما تكبدت مشقة السفر الذي لانفع منه
- لانفع منه؟ لايمكنك تغيير واقع زواجنا تايهيونغ انا هنا الان وهذا يعني ان الرساله بدون فائده اسمع ارفض التخلي عن زواج لم يبدا بعد !
- ولن يبدأ !سأغادر المستشفى واقصد شقتي اما انت فسأوقف لك سيارة اجره تقلك الى المطار لتعودي الى لندن على اول طائره
- لست جاداً!
استقامت هامته وتصلب فكه غضباً
- لم اكن قط جاداً كحالي الان
اقنعتها خشونة نبرته انه يعني مايقول فسارعت تقول اول مابدر على خاطرها
- لا رحلات الى لندن حتى الغد ولكن ان كنت ملهوفا للخلاص مني فسأستقل سيارة اجره تقلني الى فندق ما
جاءها رد غير متوقع
" لا جيسو ..لن اسمح بإقامتك في فندق وانت بمفردك اذ لاتعرفين "نايروبي"كما انك اجمل من ان تبقي وحيده"
دلك عنقه وتمتم بما هو غير مفهوم
- ارى ان لاحل سوى اصطحابك الى الشقه ..وغدا لكل حادث حديث ففي الصباح الباكر سأطلب سيارة اجره لتقلك الى المطار
- تاي انا في الثالثه والعشرين ..ولست طفله تأمرها بما تشاء !
انسلت الكلمات من فمها قبل ان تتمكن من منعها فتصاعد عبوس خطر الى وجهه
- وماذا عن الرجل الذي تزوجته؟ ألم يعد له وجود ؟
تقدم الى الحمام ثم صفق الباب وراءه ..فصاحت بغضب
- توقف عن الاشفاق على نفسك !
- سيدة كيم ؟
التفتت جيسو الى صاحب الصوت متوردة الخدين
- سيد هارمان ..
- لماذا لاترافقيني لحظه الى الردهه ؟اريد محادثتك
لحقته جيسو الى الممر مستنده الى الحائط لتدعم نفسها ..لقد ارهقتها مواجهة تايهيونغ
- لابد انك سمعت شجارنا ..انا خجوله من نفسي لانني فقدت اعصابي ونسيت للحظات انه اعمى فلم افكر الا في انه يرفض منح نفسينا فرصه
- عرفت ان شيئاً كهذا سيحدث انما عليك ان تدركي انه لم يتقبل عماه
اذ لايستطيع ان يصدق انه لن يرى مره اخرى ..
هذا عدا الصدمه التي سببتها وجودك هنا ان ذلك كله هو سبب تصرفه المخزي
دفعت جيسو راسها "إلى متى سيبقى على هذه الحال ؟
فأنا زوجته التي تحبه حباً جماً "
هز الطبيب رأسه "ليتني املك الجواب عليك منحه بعض الوقت "
- لكن الوقت ينفذ مني ..انه يتوقع عودتي الى لندن صباح الغد
- لكن هذا اليوم لم ينته بعد ..ماهي خططك الاتيه ؟
رفرفت جيسو عينيها لتمنع تساقط الدموع
- قال اننا ذاهبان الى شقته غير انني اود لو يصحبني الى المزرعه ..حين افكر في الخطط التي وضعناها ..
وتلاشى صوتها
- لاتتخلي عن خططك فهذا اليوم الاولى فقط ..ارجو منك الاتصال بي متى شئت سأترك لك رقما يخولك الاتصال بي في اي وقت اردته وتذكري ايضا ان رئيسة الممرضات السيدة كورلي هي خبيرة في العمل مع المعاقين بصرياً
وستعلمك كيف تساعدين زوجك في التكيف مع الروتين اليومي اتصلي بها وتواعدي معها
ارجعت جيسو خصلة من شعرها من خدها ..انها لاتفكر ابعد من الغد الذي ينوي فيه بلايك أرسالها على اول طائره الى لندن
- شكرا لك ايها الطبيب هارمان ..اشكر لك نصائحك
ربت على ذراعها "حظاً سعيداً"
نظرت جيسو اليه وهو يبتعد ثم عادت الى الغرفه ثانية فيما كانت تحدث الطبيب ساعد ممرض عجوز تايهيونغ على ارتداء جينز
ضيق وقميص مماثل وهذا زي طالما ارتداه عندما كانا يمتطيان صهوة الجواد
بدا لها بعدما فقد شيئا من زونه اطول قامة واوسم محيا
- تاي ؟
- اين كنت؟
كانت تتمسك بقشة الغريق..ولكنها ظنت انها سمعت في صوته شيئا من اللهفه الممزوجه بحزن فقالت
- اراد الدكتور هارمان توديعنا وتمنى لنا السعاده
التوى فمه لكنه لم يعلق فتابعت
- ماذا عن غدائك ؟ ألن تأكل قبل ان نخرج ؟
- الا تفهمين انني سأختنق بهذا الطعام
- اذن هل تعترض ان اكلته انا اذ لم اتناول شيئا منذ ظهر الامس ..اعرف ان هذا سخيف ولكنني لم اكن على مايرام بالامس
ازداد الدوار الذي شعرت به في الممر منذ قليل سواء فلجأت الى كرسي قرب الخزانه وموجات الغثيان تغمرها والعرق يتصبب منها
- جيسو ؟
لم تتوهم ماتسمعه في صوته من اهتمام ولهفه ولكنها تشعر بسقم تعجز معه عن التجاوب تلمس طريقة نحوها ودس يده الدافئه في شعرها
حتى مؤخرة عنقها
- بشرتك مبلله ..ضعي رأسك بين ساقيك
عندما نفذت نصيحته تلاشى الطنين في اذنيها ثم رفعت رأسها تستمتع بملمس يده على بشرتها ..وتسللت اصابعه الى شعرها يدلك جلدة رأسها بإصرار لطيف
- افضل حالاً الان ؟
رأت اثر الابتسام حول فمه ..فهزت رأسها ايجاباً ولكنها ادركت انه لايراها ..لقد نسيت الامر للحظات
- اجل ..افضل كثيراً ..شكراً لك
- لاتتحركي
راقبته بقلب ملؤه الحب وهو يحاول ان يجد طريقه الى الطاوله بحثاً عن شيء تأكله ..بعد اخطاء عدة تمكن من العودة اليها حاملا
كوب عصير تناولته من يده وسارعت تنهله دفعه واحدة
- شكراً
سألها بعدما جلس الى جانبها "بحقك لماذا لم تأكلي شيئا؟"
وجدت يده ذراعها فأنزلها حتى المعصم تجس نبضها فارتجفت ..ولكنها قاومت اندفاعاً يدفعها الى احتضان رأسه الاسود
- هو السبب نفسه الذي منعك من الاكل ..لكنني بخير الان تاي
سمعته يتنهد تنهيده عميقه "انت بحاجه الى الطعام سأطلب صينيه اخرى"
- لا,رجاء لاتزعج احدا سأنهي طعامك
وقفت على ساقين ماتزالان وهنتين ثم جذبت يدها على مضض من يده وسارت متعثره الى الطاوله وبدأت تأكل الطعام
وقف تايهيونغ متردداً والتردد ليس من عاداته وبدا يبحث عن الهاتف المعلق على الجدار حتى وجده
تمتم شاتماً حين وقعت السماعه ولكنه اخيراً تمكن من الاتصال بسنترال المستشفى طالباً سيارة اجره ثم مالبث ان اجرى اتصالاً اخر وعندما سمعته يتكلم غير الانجليزيه افترضت انه يتكلم لغة الساحل الافريقي التي يتقنها بجودة اهل البلاد..
اعاد السماعه الى مكانها في اللحظه التي دخلت فيها امرأه متوسطه السن الى الغرفه
- نحن جاهزون سيد كيم ..الكرسي المتحرك وراءك تماماً
لاحظت جيسو كيف اشتدت قبضتاه
- استطيع الخروج سيراً على قدمي
- اعرف بماذا تشعر سيدي ولكنها سياسة المستشفى
قاطعتهما جيسو قبل ان يتطور الجدال
- تاي ..لقد توجهت مباشرة من المطار الى المستشفى
وقد تركت حقائبي في قسم الاستقبال ..سأذهب لأحضرها ثم ألقاك عند الباب الرئيسي
- كم حقيبه احضرت ؟
اغمضت عينيها
"حملت كل اغراضي الا جوادي كينغ الذي سيصل في اسبوع "
أسودت عيناه واراد ان يقول شيئا ولكنها خرجت من الغرفه قبل ذلك
في الطريق الى مكتب الاستقبال تذكرت كلمات زوج امها
"لقد انعم الله على تايهيونغ بنعمة اكبر من بصره انها حبك له عزيزتي"..
ولكن ما اسهل القول ! فبعد موت ابيها الحقيقي تزوجت امها من ارمل لم يرزق بأولاد والذي حدث ان جيسو ملأت عليه حياته
فتعلق بها الى حد الشغف ..وكانوا عائله سعيده يغمرها الحب ولكنها عرفت الان انها بحاجه الى اكثر من الحب لمساعدة تايهيونغ .

مُظلِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن