في المرة الأولى التي رأيته بها أشرقت حياتي بعد أن طال غروبها ، عادت الألوان لكل ما كان باهتاً..
لم يكن يوماً معيّناً و كانت الشمس تختبئ خلف غيوم رقيقة ملونة بدرجات الرمادي ، النسيم الذي يرفرف ستائر النوافذ الكبيرة ، كان أكثر برودة مما كان ينبغي أن يكون في هذا الشهر من العام. و فيما كانت زهور الاقحوان الجميلة تبدأ بتزين العشب ، كان من الصعب أن تتماسك بطقس غير مستقر كهذا..
نظراتي ضاعت في وسع السماء..
كان أحد تلك الأيام ، تلك الأيام التي اختلطت مع البقية و أصبحت ضبابية مهما حاولت تذكرها. كنت فقط جالسة بمقعدي في القاعة الدراسية بينما كان الطلاب يمرون بجانبي ، يجلسون في مجموعات و يتحدثون بصخب. رغم وجودي بينهم دائماً أشعر كما لو كنت غير مرئية..
تنهيدة تجاوزت شفتي بينما كنت أشجع نفسي عقلياً ، سيكون يوماً آخر من تلك الأيام التي لا تطاق. أُعامل و كأني لم أكن على الإطلاق أكثر من مجرد غبار و لكني سأتمكن من الصمود حتى نهاية اليوم ،كالعادة..
أكره الإختلاط بالناس و التواجد بين مجموعات منهم..
طالما الشمس مشرقة سأحافظ على تعابير وجهي كما هي دون أن يرى كل من يقابلني وحدتي من خلالها ، بالمقابل عندما تغيب الشمس و يحل الظلام ، عندما ينام الجميع و أختلي بغرفتي تتجمع آلامي لتقف بمنتصف حلقي كما تتجمع دموعي اللامتناهية عند حافة عيناي ثم تبدأ بالتسرب حتى تفيض..
كنت أجاهد لأبتلاع تلك الغصة المتزايدة لتفكيري السلبي الذي ينتهي بي مجروحة المشاعر لا أكثر..
