الفصل السابع
كانا يستلقيان على سريرين متباعدين بعض الشيء تتصل أجسادهم ببعض الأسلاك التي تربطهم بأجهزة قياس مؤشراتهم الحيوية، بينما تتطلع إليهما قلوب حملت لهما حباً من خلال نافذة الحجرة حيث منعهم الطبيب من الدخول يكتفون بمشاهدتهما على أمل أن يستيقظا قريباً ويعيدا لهم أنفاسهم المأخوذة خوفاً وقلقاً.. خرج الطبيب إليهم بعد فحص هند وخالد قائلاً ببشر ما ان التفوا حوله:
_أحب أطمنكم دلوقتي وأقولكم ان العملية نجحت ووضع المريضة وأخوها كويس جداً الحمد لله.قالت منيرة من خلال دموعها:
_لما خالد وضعه كويس زي مابتقول يادكتور ليه مفاقش لحد دلوقت؟وهند هي كمان مفاقتش._خلوني أفهمكم.. في العملية بندخل حقنة كبيرة لعضم المتبرع وبناخد أجزاء من نخاعه اللي غالباً بتبقى من عضم الحوض ودي حاجة مش سهلة طبعاً وممكن تأثر على المتبرع وأنا فهمت الكلام ده للأستاذ خالد قبل مايخضع للعملية.. زي ألم في الضهر مكان الحقنة، صعوبة في المشي، دوخة رغبة في القيء، فقدان شهية بس الأعراض دي كلها هتروح بعد كام يوم وهيستعيد المتبرع نشاطه الكامل في خلال كام أسبوع..مسألة فوقانه دي وقت ممكن دقايق ساعات أو ليلة بالكتير.. هو هيفضل هنا تحت الملاحظة لمدة ٤٨ ساعة و لازمله طبعاً الراحة التامة.
نكست منيرة رأسها بألم وكادت أن تسقط أرضاً فأسندها أدهم على الفور ومشي بها تجاه المقاعد المواجهة لغرفة العناية المركزة ثم أجلسها بينما يردف الطبيب:
_ أما بالنسبة للمريضة فنفس الكلام هتفوق اول ماجسمها يتأقلم مع وضعه الجديد، لازم ناخد بالنا منها الفترة الجاية لان مينفعش تصاب بالعدوي اللي هتأدي لفشل عملية الزراعة أو ممكن تتلف عضو تاني في الجسم لا قدر الله زي القلب أو الكلى وفي بعض الأحيان.. الوفاة.قالت نبيلة بلوعة:
_ياحبيبتي يابنتي.. كان مستخبيلك ده كله فين؟_متقلقيش ياست نبيلة بإذن الله مدام هند هتكون بخير، أنتِ بس ادعيلها.. وبعد اذنكم مضطر أمشي عشان ورايا عملية تانية.
قالت صفية:
_اتفضل يادكتور.ذهب الطبيب بينما جلست نبيلة على أقرب مقعد تردد:
_اللهم اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.ربتت صفية على كتفها قائلة:
_خلاص ياماما اهدي.. الدكتور قال منقلقش، ربنا زي مابعت اللي ينقذها في اللحظة الأخيرة قادر يكمل شفاها على خير._شوفتي ياصفية.. هي ياقلبي هنا بين الحيا والموت والبيه طليقها بيتجوز النهاردة ولا على باله.. منه لله.. خدها وردة مفتحة ورماها بعد ماقطفها وداس عليها بجزمته بس ربك المنتقم الجبار اللي ميرضاش بالظلم.. حسبي الله ونعم الوكيل فيك ياعادل ياابن نجية.. حسبي الله ونعم الوكيل.
كان أدهم يستمع إلي كلمات السيدة نبيلة فحانت منه نظرة إلى المرأة النائمة كالملاك جوار صديقه، شعر بالشفقة عليها.. كيف يمكن لفتاة كهذه التي يحكون عنها منذ أيام ان يتخلى عنها زوجها الحقير حين احتاجت إليه؟ كيف طاوعه قلبه ليبعث لها بورقة طلاقها حين احتاجته سنداً في أزمتها؟ كيف لرجل تجري دماء الرجولة في عروقه أن يفعل شيء بغيض كهذا؟ إن لم يكن يحبها حتى فأين آدميته؟مايجعل الإنسان مُستحقاً لهذا اللقب العظيم هو قلب لن يتخلى عن إنسان يمر بأزمة.. مابالك أن يكون هذا الإنسان في كنفك؟
ستُسأل عنها أمام الله ولن تستطيع أن تقول كنت لها سنداً ووطناً لإنك حقاً كُنت ظالماً جباراً عتياً.

أنت تقرأ
المستحيل
Romanceمقدمة هل يمكن أن ننسي بسهولة جُرح أصابنا ممن ظنناهم أقرب إلينا من أرواحنا؟ هل يمكن أن نغفر طعنة غدر أصابتنا في الصميم فأردت قلوبنا وجعلتنا نفقد الثقة في الجميع؟إن جاء الغادر معتذراً يعض أنامله من الندم هل نسامحه ونبدأ من جديد أم يصير الغفران مستحيلا...