الفصل الثالث

1.2K 97 35
                                    

الفصل الثالث

عندما حان الفراق أحرقني الغياب، لا أصدق أنك فارقت الحياة وتركتني..
وعدتني أن تمسك يداي حتى فنائي، فتخليت عني وجعلتني وحيدة في هذا الكون البائس..
لكنك نسيت قبل أن تذهب أن تعلمني كيف السبيل إلى النسيان؟
كيف أكفكف مدامعي التي لا تنضب وكيف أطبطب على قلب مزقه الألم وأدمته الحسرة؟
كيف أبعد غصة حلقي فأستطيع التنفس دون ألم؟
رصاصات الذنب تُرديني في بعادك..
تُجبرني أن أتساءل.. ماذا لو...؟
ماذا لو تركتك حدي ولم أرسلك بعيداً..هل كان المصير سيغدو مشرقاً؟
أم أنه القدر أراد سلبي إياك على كل حال؟
سأعيش يقتلني الفراق حتى يحضرني الردي أو قد يصيبني الجنون فأصير للهذيان أسيرة.. في كلتا الحالتين أشعر بالموت يحلق فوق رأسي وياللعجب أدرك أني حقاً لا أبالي.

كانت تبكي بصوت متهدج أليم النبرات، تقول من بين شهقاتها:
_محمد مات وسابني لوحدي ياهند؟ سابني لوحدي.

قالت هند بألم:
_وحدي الله يا صفية.. انتِ مؤمنة بربنا وعارفة ان الموت قضاء ربنا ولازم نرضا بقضائه.

_انا السبب، كان عايز يوصلني وأنا اللي مرضيتش.. قلتله خليك مع الراجل اللي بيدهن، لو كان جه معايا كان عاش.. صدقيني ياهند أنا السبب.. أنا المجرمة اللي سلمته بإيدي للموت.

_ياصفية ده قدره.. ساعته اللي ربنا كتبهاله، لو كان معاكي كان برضه هيموت.. لكل أجل كتاب.

هزت صفية رأسها نفياً تقول من وسط دموعها:
_لأ انا السبب.. صدقيني أنا السبب.. أنا اللي قلتله خليك.. أنا اللي قلتله خليك.. أنا المجرمة صدقوني.. أنا اللي قتلت  محمد.. انا اللي قتلته.

ظلت تردد هذه الكلمات بصوت مدوي، ليدلف كل من خالتها وزوجها إلى الحجرة فقالت هند بانفعال:
_انده الدكتور ياعادل.. بسرعة.

أسرع عادل يلبى طلبها بينما حاول كل من هند وخالتها تهدئة صفية حتى وصول الطبيب ليمنحها حقنة مهدئة تجعلها تذهب إلى سبات يُريحها من هذا العذاب الذي تعانيه.

____________________

كانا يقفان خارج الحجرة ينتظران خروج الطبيب ليطمأنهم على حالة صفية بينما بقيت هند بالداخل ترفض الخروج معهم وتصر على المكوث معها، خرج الطبيب بعد لحظات يخبرهم أنها من الأفضل لو تتابع مع طبيب نفسي ثم انصرف فجلست الأم تبكي بحرقة قائلة:
_ياحبيبتي ياضنايا، مكتوبلك الهم ده كله فين؟

ربت عادل علي كتفها قائلا:
_وحدي الله ياست نبيلة، ده قدر ومكتوب.

_لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله.. اللهم اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.

ظهرت هند على أعتاب الحجرة شاحبة الوجه فاقترب منها عادل يقطب حاجبيه قلقاً وهو يقول:
_مالك ياهند وشك أصفر كدة ليه؟ صفية كويسة؟

المستحيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن