part 1

187 9 2
                                    

رفَعت رأسها ناظرةً للسماءِ نظرةً أخيرةً كأنها تودعها ثمّ أزالت قدميها من المياه واتخذت طريقها نحو المنزل الكبير الذي تسكنُ فيه مع جدها.
منذُ أن فقدت والديها فقدت الحياة طعمها ورونقها بالنسبةِ لها.. كما لو أنّ كلّ شيءٍ تلوّن بالأبيض والأسود.
استذكرت ماضيها مع والدها عندما كانت تأتي معهُ لهذا النهر ليستجموا سويةً أو ليهربوا من والدتها التي لطالما أزعجتهم بصراخها المتواصل... فكانا يأتيان ويتبادلان أطراف الحديث لساعاتٍ طويلة.. هي تحب والدتها كثيراً لكن لوالدها لمسة أخرى.. حنان آخر وتفهمٌ أكبر لشخصيتها الانطوائية العنيدة.
دلفت إلى المنزل السّاكن بهدوء ووضعت دلو الماء على طاولةِ المطبخ.
خلعت قبعتها لتبقى بفستانها الأزرق المحروق من الجانبين بسبب المدفأة.
أمسكت كتابها المفضل"كبرياءٌ وتحامل" واستكملت القراءة.
في طرفٍ آخر من المدينة نزلَ ذلك الشّاب الوسيم عن درج البناء المهترئ الذي يعيش فيه مع والده.. توفيت والدته منذ ثلاثة أشهر وهو منذ ذلك الحين قطعَ وعداً أن يحقق لها جميع أحلامها.. خصيصاً ذلك الحلم.. أن يجد لها أختها وأبنائها...هربت أختها من المنزل عندما كانت في العشرين من عمرها واختفت ثمّ بعد عدة سنوات تقابلت مع أمه في مركز للتسوق بلقاءٍ مليء بالحنين والحبّ والعتاب.. كان معها ابنتان جميلتان ورجل عجوز.. لكنها ذهبت وهي تبكي دون أن تخبر أمه بشيء ومنذُ ذلك الوقت تعبت والدته وبعدها بشهرين مرضت مرضاً أودى بحياتها.
نزل آخر درجة وأسرعَ خطواته عندما رأى ايزجي.. تلك الفتاة الصّغيرة التي فقدت والديها بحادث سيرٍ منذُ ثلاث سنوات.
ايزجي: صباحُ الخير أخي ياغيز.
ياغيز: صباحُ النور أيّتها الصغيرة.
ايزجي: أنا لستُ صغيرة.. كم مرة سأقولُ لكَ هذا.
ياغيز: حسناً لا تحزني.
اقتربت ايزجي من خدّه و قبَّلتهُ قبلةً عميقة عليه ثم أردفت: لا أحزنُ منكَ أيّها الوسيم.
ياغيز: لكنه عيب الآن.. الدنيا رمضان والجميع صائم هل ستجعليني أفطرُ عليكِ الآن؟
ايزجي: أمسك نفسك.. أساساً أنا صغيرة و أصوم للظهر فقط.
ياغيز: صغيرة؟.. عقلك يجعلُ عشرة من الرجال في وضع من الحيرة.
ايزجي: انت ما هو همّك؟ الآن كنت تقول صغيرة هل كبرتُ في ثانيتين مثلاً؟
ياغيز: حسناً أعتذر أيتها الصغيرة.. لماذا أنتِ في الشارع؟
ايزجي: سأذهب لأختي هازان قليلاً، وعدتني أن تحكي لي قصة.
ياغيز: هل هي بعيدة؟ سأوصلكِ أنا.
ايزجي: لا بد انك مشغول.
ياغيز: سأفرغ نفسي لأجلك.
ايزجي: يعيش!
ياغيز: هيا دليني على الطريق.
ايزجي: حسناً امشي بطريق مستقيم ثم التف لليمين....
After three minutes..
رنّ جرس الباب فجأةً فأجفلت هازان مُغلِقةً الكتابَ بسرعة لتفتح الباب قبل استيقاظ جدها لكن جميع تأملاتها ذهبت مع الرّيح حين خرجَ صوتُ جدّها مُجلجلاً في أرجاء المنزل.
الجدّ إدريس: افتحوا الباب اللعين هل يجب علي القيام بأي شيء؟؟!
هازان: حسناً يا جدي.
نهضت متثاقلة لكنها أسرعت حين صدح صوت الجرس مرّةً أخرى.
فتحت الباب لتجد الصّغيرة إيزجي واقفة لوحدها وهي تمسكُ قصّة ملونة في يدها.
حملتها هازان مُقبّلةً إياها بحب كبير ثمّ دخلت معها إلى الداخل بعد أن تبادلوا التحيات.
لم تكن هازان تعلم أنّ هناك من يراقبها من وراء الأشجار التي بجانب المنزل وقد فُتِنَ بعينيها الحوراء و شعرها الكستنائي وجسدها الرّخامي.
طلبت منه ايزجي ان يقف بعيداً كي لا تنزعج هازان منه فهي لا تكلم أحد وتبقى لوحدها طوال الوقت تقريباً مما جعله يأخذ عنها فكرة الفتاة الشّريرة ذات البشرة المجعّدة لكنّه بالتأكيد غيّر رأيه بعد رؤية هذه الملاك.
رحَّبت هازان بإيزجي ودَعَتها لداخلِ غرفتها دون أن يراها جدّها ويبدأ أسطوانتهِ المُعتادة.
هازان: أيتها الصّغيرة.. هل اشتقتِ لي؟
قالتها هازان وهي تقبّل خدود إيزجي الحمراء كالتّفاح في مواسم النضج.
إيزجي: لستُ صغيرة! كم مرة علي أن أخبركِ بذلك أنتِ وأخي ياغيز.
هازان: من ياغيز؟
إيزجي: عريسي المستقبلي... لا تضعي عينيكِ عليه!
ضحكت هازان ضحكة خفيفة وهي تمسكُ القصّة الصّغيرة وتبدأ القراءة.
مرّت ربع ساعة على جلوس الصغيرة في غرفة هازان ليصدح صوت جدها وهو يصرخ لتعد له الطعام، فهو مجرد كافر ولا يصوم.
هازان: انتظريني هنا قليلاً لن أتأخر أيتها الصغيرة.
إيزجي: حسناً أيتها الكبيرة.
قالت ذلك مما جعل هازان تقهقه بصوتٍ عالٍ حتى صرخ جدها مرة أخرى.
مرت عدة ثوانٍ على ذهاب هازان لتسمع الصغيرة صوت ضرباتٍ لحجر صغير على نافذة الغرفة لتنهض بفضولها المعتاد فترى عينان خضراوتان تناظرانها ببراءة من خلف الزجاج.
فتحت إيزجي النافذة ليظهر ياغيز من خلفها.
إيزجي: ماذا تفعل هنا اذهب قبل أن تراك هازان وتغضب.
ياغيز: يا بنت، ماهذه الهازان، لماذا لم تعرفيننا من قبل، بنت مثل الحجر ما شاء الله.
إيزجي: ماذا تقول هل تغازلها أمامي أيها الأحمق، سأريك كيف تقول هذا..
هازان: إيزجي، من هذا؟
قالت ذلك وعينيها تشعّ بغضب وخوف من أن يراه جدها.
نظر إليها ياغيز وأخرج نظرة من نظراته المذيبة ومد لها يده قائلاً: هاي أنا ياغيز إيجمان، كيف حالك أيتها الجميلة ؟
ومنذ تلك الابتسامة غرقت به وبعينيه فلن تجد طريقة للخروج من بحر حبّه.
-------------------------------------------------------------
هاي غااايز❤️❤️❤️😭😭😭😭
مس يووو كتير كتير كتير اعطوني رأيكم بأول بارت كتبتو من سنتين هو والمقدمة بعدين ضيعت الحساب والحمدلله اليوم رجعتو ❤️❤️❤️

into your arms 🤍 داخل ذراعيك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن