تحرّكت هازان بكرسيها المتحرك لتفتح الباب، وجدت بائع الصحف فأخذت واحدة ودخلت، قرأت الأخبار في الصفحة الأولى ليقع نظرها على أول خبر، مقتل إدريس شامكران بعد وقوعه بين أيدي المخابرات..
لم تستغرب الخبر فهي تعده ميّت منذ زمن، ذهب تفكيرها لآخر يوم رأته به، زفاف أيشا وألب، زفافها هي وياغيز..
الصراخ، الأسلحة، وجه ياغيز مغطى بالدماء، فستان زفافها الذي تحوّل للون الأحمر، وجه جدّها وهو يتوّعدهم بالعودة والانتقام...
قطع أفكارها دخول أيشا وهي تجلب لها كتبها فهي تدرس للتقديم للثانوية.
في اسطنبول..
سيران وإيلا يجلسون في التكسي متوجهين للفندق الذي حجزوا به مؤقتاً.
نزلوا مع أمتعتهم، كانت سيران تمسك الأمتعة وهي تبحث عن هاتفها الذي يرن، توقفت عن المشي فجأة عندما اصطدمت بأحدهم، رفعت نظرها ببطء لترى وجهاً لم تكن تريد رؤيته، خصيصاً بجانب أختها، أنه هو، لا تصدق، من بين كل الأماكن خرج لها هنا، لم تراه منذ سنتان، لم يكلف نفسه عناء رفع رأسه لينظر لها بل اكتفى بكلمة عفواً وهو مشغول بهاتفه..
لمعت نظرة حزن في أعينها، في العادة سيران لا تظهر مشاعرها ولا تستطيع أن تعرف ما تفكر به..
كل هذا تحت أنظار إيلا التي عند أول نظرة ألقتها على الشاب وقعت في غرامه، هذا طبيعي فهي تحب كل من تراه..
لاحظت سيران نظرات أختها له لتنكزها من يدها ليكملون السير نحو الاعلى.
يقفُ ياغيز أمام مصحة الأمراض النفسيّة والعقليّة، الباب الأبيض الكبير، الحرّاس على جانبيّ الباب، أصوات الصراخ الواضحة من الداخل، الشبابيك الحديدية السوداء، المرضى في الحديقة، وجوّ الكآبة المسيطر على المكان بأكمله، تذكّر الأحداث منذ خمس سنين، حين زجّ بأخته هنا، نظرت له نظرات ترجيّ ونظر إليها نظرات شفقة،
وكانت هذه آخر مرة يراها بها فهي رفضت مقابلته طوال مدة بقائها، لعن خلال هذه المدة الشاب الذي تحبه، لعن زواجه، لعن الخطة والمخابرات، لكنه لم يستطع لعن هازان.
أغمض عينيه ليهدأ من نفسه ثمّ استجمع نفسه ليدخل، تمّ تفتيشه قبل الدخول واقتادته الممرضة بحذر نحو غرفة الانتظار ليوقع بعض الأوراق لإخراج أخته.
انتظر رؤيتها بترقّب داخل الغرفة، لتدخل فتاة، عيناها ذابلتان، شعرها الأشقر أطول من السابق، فقد وجهها بريقه، بشرتها شاحبة، عيناها خاوية، وفمها جاف وشفتاها متشققة.لا يكاد يصدق أن هذه أخته التي كانت تنبض بالحياة، نظر لها بترقب ليلحظ نظرات باردة ترمقه بها بهدوء.
نهض ببطء عن كرسيه الخشبيّ ليحضنها بقوة حيث لم يستطع كبح دمعاته، بعد مدة من الزمن، لاحظ جمودها بين يديه ليبتعد عنها ولا تزال تلك النظرة الباردة تغطي وجهها.
تمنى يوماً أن تفكر أن مافعله لصالحها، لو بقيت في الخارج في تلك الفترة الحساسة لما استطاعت العيش بشكل طبيعي.
وضع خديها بين يديه ليمسح عليهما بهدوء وفي عينيه نظرة حنان وشوق، أخذ أغراضها من الممرضة ليتجهوا نحو الخارج، حيث ينتظر أخوه فريد الذي فرّت ألينا إلى أحضانه فور رؤيته، اغتاظ منه قليلاً قبل أن تنزل دموعه دون ادراكه لذلك،
رمقه فريد بنظرات مهدئة، وانطلقوا عائدين.
--------
دخلت سيران الغرفة وهي تحاول السيطرة على انفعالها، حيث لاحظت إيلا تغيرها قليلاً لكنها رجحت الأمر للتعب ولم يخطر على عقلها أن أختها الباردة عاشت علاقة حب مع ذلك الشاب الوسيم الذي سرق عقلها منذ وقع نظرها عليه.
حسناً، تحب إيلا المغامرات، لكنها لم تقع حقاً في الحب، كانت تقضي وقتاً ممتعاً فقط، الخروجات والهدايا والأصدقاء والشعور بالاهتمام، كل هذا ساعدها على تحمل الغربة وحسب، ولا تعلم كيف ستسيطر على طبعها هنا في تركيا حيث أغلب المجتمع محافظ، خصيصاً عند لقاء أختها هازان فهي تبدو لها فتاة قروية بالكامل.
أمّا سيران كانت قد دخلت الحمام لترى أمام أعينها شريط ذكرياتها معه، في باريس، يتبادلان القبلات، يغار عليها، تغضب حين ترى أنظار أحد الفتيات عليه، ثمّ يأتي ذهابه المفاجئ، اختفاؤه، كأنه لم يكن قط، أجاد الهروب دائماً دون النظر خلفه كما فعل اليوم.
------
في يدها صورته، عيناه الزمردية، وبجانبه خالتها، انه ابن خالتها، هل يعلم ذلك؟ هل يعلم أنه تسبب بقتل جدّه؟ وبقائها في العراء لولا صديقتها أيشا؟ هل يعلم الفوضى التي خلّفها وراء انتقامه، وراء عمله المشين، وراء ترك زوجته المقعدة وحدها في المستشفى، مصادرة أملاك عائلتها، اعتقال جدها، ومصير أخواتها المجهول لها، كم تمنت لو عاشت معه بهناء، تنهض لترى عيناه التي تعشقها، على طعم شفتاه الرقيقة، وملمس جلده الخشن، يداه الضخمة التي عند امساكها تشعر بالأمان، تلك اليد نفسها التي أطلقت على ظهرها النار، نفسها التي تسببت بشللها، لمَ لا تستطيع الخلاص من ذكراه؟ لمَ عيناه تلاحقانها حتى في نومها؟ لمَ ملمس وجنتاه وحاجباه عالقٌ على يدها؟ متى ستحصل على الإجابة؟
________________________________
الواتباد عندي خربان بيطلع فجأة بعد ما خلص البارت هي خامس مرة بكتبو🥲🥲
وكنت حاطة صور كتير اضطريت احذفهن لحتى حمّل، عالعموم اعطوني رأيكم وانشرو الرواية واقترحولي ابطال لرواية جديدة💗💗
أنت تقرأ
into your arms 🤍 داخل ذراعيك
Romanceلحنُ الحَياةِ و الموتِ يُعزَفُ على مَسامعي حين تكونُ بجَانِبي 🎼 أجدُ عينيَّ تهربُ منّي و تأتي إليكَ تهيمُ بكَ كأنها ألقَت نظرة على الجنّة و تخافُ منكَ كأنّها انتظرت قدومَ الشّيطان لترى مُعذبها و مُسهّرها لليالٍ طوال 🥀 رائحتُكَ كافية لإسكاتي و أنفا...