"لا تتحدث معي مرة أخرى.. أنا غاضب منك يا ماهر..!!"، كانت ردة فعل شهاب تماما كما توقعها ماهر الذي أخذ يضحك ضحكته الخافتة التي لطالما أحبها أصدقاؤه واشتاقوا لرؤيتها، كان يحاول استمالة شهاب لكي لا يغضب منه مقدما له خبز البلابل الذي يشبه بلبله الشجاع وقطعة من الكعكة المفضلة لديه وهو لا يزال مستمتعا بتلك اللحظات ضاحكا ومبتسما، ابتسم له شهاب بعد عناء وبدأ بتناول الخبز بطريقته الطفولية وضحكته البريئة، تنهد ماهر أخيراً وبقي مبتسما ينظر لشهاب وهو يأكل..
كان كل من سفيان، مجدي ودامر يراقبون الأحداث والابتسامة مرسومة على وجوههم سعيدين لكون ماهر تخطى حزنه وقلقه قليلا.
مجدي: 'سعيد لأنَّك بخير يا ماهر، أرجو أن تستمر في الابتسام دائما'
سفيان: "هذه الكعكة لذيذة حقا..!! أليس كذلك؟"
دامر: "أجل، وهذا الخبز مصنوع بإتقان..!! ماهر مستمرٌ في إدهاشنا دوما بمهارته"
مجدي: "أحببت هذه القطعة"
كان يشير لقطعة خبز كان يحملها في يده، حيث أنها صُنعت بمهارة لتُشبِهَ بلبله التنين، أبدى كل من سفيان ودامر إعجابهما مستمِرَّيْنِ في تناول طعامهما المُقدَّم لهما من طرف ماهر الذي كان يحاول بقلق مساعدة شهاب في بلع طعامه الذي علق في حلقه بتقديمه له كأساً من عصير البرتقال، فانتهى الأمر بصعوبة..
ماهر: "هل أنت بخير؟"
شهاب: " أجل، لقد كِدْتُ أن أختنق..!!"
ماهر: "لو تناولتَ طعامك بهدوء لما حدث هذا لك..!! لقد أقلقتني حقا..!!"
ضم ماهر يديه إلى صدره وأشاح (أبعد) بوجهه بعيدا عن شهاب وعلامات القلق والغضب على وجهه جعلته يبدو لطيفا جداً وكيوت، حاول شهاب تلطيف الجوِّ باعتذاره المستمر ووعوده بأنه سيحاول عدم فعل ما فعله مجدداً إلا أنَّ ماهر بقي متجهِّم الوجه، فأخذ سفيان ومجدي يضحكان مما شاهداه جاعلين بذلك شهاب محمر الوجه وماهر يميل رأسه جانبا غير فاهم لما يحصل..
سفيان: "ماهر يتصرف وكأنه والدتك..!! هنيئا لك يا شهاب..!!"
مجدي: "لقد جعلتَ ماهر يتجمد من الخجل يا أحمق..!!"
شهاب: "أنت.."
دامر: "أنصحك بأن تنجو بجلدك يا سفيان.."
سفيان: "شهاب يمكننا أن نتفاهم...... أخبروا والديَّ أني أحبهما.."
قام سفيان من مكانه هرباً من شهاب الذي أخذ يلحق به في جميع أنحاء الصالة مُحْدِثَيْن صخبا من صراخ سفيان مستغيثا برفاقه وشهاب الغاضب..
عاد ماهر إلى رشده بعد بضع هزات من مجدي، وعند رؤيته لما يحصل تغيرت نظرته وأخذ الغضب محلّه، والله يعلم ما سَيَحِلُّ بالرفيقيْن..
ماهر: "مكانكما..!! كُفَّا عن الشجار..!!"
أثار مظهر ماهر المهيب الرعب في قلوب رفاقه فوجد سفيان وشهاب نفسيهما جالسين على الأرض أمام الألبينو الذي نظر إليهما ملياًّ ثمّ هدأ..
ماهر: "عليكما إيقاف تصرفات الأطفال هذه.."
دامر: "ماهر مخيف حقا عندما يغضب..!!"
مجدي: "علينا مراعاة أعصابه من الآن فصاعدا"
اقترب ماهر من سفيان وشهاب وأعطاهما يديه ليستندا عليهما ويقفا..
ماهر: "لا يجوز لكما الجلوس على الأرض هيا قفا.."
استند سفيان على يد ماهر اليسرى ووقف، ثم سارع وساعد شهاب على الوقوف متحاشياً (مُتَجَنِّباً) استناد شهاب على يد ماهر اليمنى المصابة، اقترب سفيان من ماهر الذي لم يفهم ما فعله وهمس له..
سفيان: "يدك مصابة عليك أن تحاول عدم استعمالها كثيرا كي تشفى بسرعة.."
نظر ماهر لسفيان وابتسم له..
ماهر: "أشكرك.."
سفيان: "الشكر لَكَ أنتْ.."
"احم.." كانت تلك من مجدي الذي أراد لفت الانتباه له، فكان له ما أراد..
مجدي: "ما رأيكم في الذهاب إلى الحديقة التي رأيناها أمس..؟؟"
شهاب: "فكرة رائعة..!!"
سفيان: "موافق يا كابتن..!!"
ماهر: "عن أي حديقة تتحدثون..؟؟"
دامر: "حديقة مررنا بها أمس بعد إنهاء عمال الحدائق تجديدَها، وهي من أجمل الحدائق التي يمكنك رؤيتها على الإطلاق.."
مجدي: "ستكون مفاجأة لك يا ماهر فأنا واثق أنك ستحبها.."
ماهر: "حسنا إذا أحببتم ذلك"
شهاب: "لنذهب إذن يا رفاق..!!"
سفيان: "هيا..!!"
غادر سفيان وشهاب الشقة متحمسين، بينما ساعد مجدي ودامر على ترتيب الصالة وتنظيف الأطباق، ثم غادروا معا بعد أن أغلق ماهر الباب بالمفتاح وأخذ هاتفه..
شهاب: "هيا لا تكونوا بطيئين..!!"
مجدي: "نحن قادمون كف عن الصراخ..!!"
نزل الثلاثي السلالم ولحقوا بسفيان وشهاب وابتدأوا سيرهم..
ماهر: "أين تقع هذه الحديقة؟"
مجدي: "ليست بعيدة كثيرا عن هنا.."
ماهر: "أنا لم أعلم من قبل بوجود حديقة هنا.."
دامر: "لأنها في تقاطع طرق أنتَ لا تمر به وقد كانت مكانا مهجوراً لكنهم صنعوا منه جمالا لا يوصف.."
ماهر: "حسنا إذن.."
مجدي: "لا تقلق ستنال إعجابك.."
ماهر: "أجل.."
تحقق ماهر من الساعة في هاتفه الذي كان يشير إلى 16:53 p.m، لا يزال الوقت مبكراً يمكنه الاستمتاع بوقته أكثر..
"ها قد وصلنا، ذاك هو مدخل الحديقة.." كانت تلك العبارة من مجدي الذي كان يقود رفاقه في الطريق، وصل الأصدقاء بعد مسير عشرين دقيقة.. انطلق سفيان وشهاب راكضين بحماسهما المشتعل وعبرا البوابة الصغيرة، بينما وقف الثلاثة الباقون أمامها ينتظرون سماع رأي ماهر الذي أخذ يتأملها بهدوء.. حديقة ليست بالكبيرة محاطة بسياج متوسط الطول يصل إلى حوالي متر، لديها مدخلان متقابلان كل منهما في طرف، البوابتان ليستا بالحجم الكبير كما أنهما مفتوحتان يمر بهما المارَّة.. "أ لن تدخل..؟؟" قاطع صوت مجدي سلسلة أفكار ماهر الذي خرج من شروده وابتسم لرفيقيه، "آسف لقد شردت قليلا، لندخل.."، ابتسم كلاهما له ودخلوا الحديقة ليجدوا سفيان وشهاب ينتظرانهم.. "إذن ما رأيك يا ماهر..؟؟" سأل دامر ماهر الذي أخذ يوزع نظراته على جميع أرجاء الحديقة، نافورة يخرج منها ماء عذب تتوسط المكان وهناك حوالي ثماني إلى عشر كراسي خشبية موزعة حول النافورة وتحت أشجار محيطة بالحديقة كالسور، محل لبيع المثلجات وآخر لبيع الحلوى والسكاكر والأطفال يتهافتون لشراء بضاعتهما مع أسرهم، رجل يبيع البالونات وآخر يرتدي زي دب لطيف يمرح مع الأطفال.. "هذه الحديقة جميلة حقا.." علَّق ماهر على المكان مبتسما لأصدقائه، "توقعت أنك ستحبها..!!" قال مجدي ذلك وفي كلامه لهجة الانتصار التي جعلت ماهر يبتسم أكثر لهم بعد أن بدأ العراك اللفظي بين مجدي، سفيان وشهاب على من له الفضل في اكتشاف المكان، وضع دامر يده على جبينه نادما على اللحظة التي قرر فيها المجيء.. توقف الثلاثة عن العراك لدى سماعهم ضحكات ماهر الخافتة اللطيفة، نظر رفاقه جميعا إليه مبتسمين لرؤيته سعيدا، اقترب شهاب من الألبينو وأخذ يعبث بخديه ضاحكا، الحق له فماهر بدا لطيفاً حقا وهو يضحك..
"لا أستطيع مقاومة هذا الوجه البريء" قال شهاب ضاحكا بينما أسرع سفيان ليعبث هو الآخر كصاحبه جاعلين ماهر يتجمد أمامهما من الخجل ووجه بدأ يحمرُّ، "توقفا عن لعب الأطفال هذا ستخنقان الفتى..!!" صرخ مجدي فيهما مبعدا إياهما عن الألبينو الذي أخذ يربت على خديه بألم لكنه ابتسم على كل حال فرحاً بكونه يستمتع بوقته مع أصدقائه..
"هل تريد نكهة الفراولة يا ماهر..؟؟" قال شهاب
"أجل شكرا لك.." ابتسم له ماهر مجيباً
وجد ماهر نفسه بعد كل تلك المشاحنات بين رفاقه يجلس على أحد الكراسي الخشبية تحت الأشجار والنسيم البارد يداعب خصلات شعره البيضاء، أخذ نفسا عميقا مستمتعا بالمكان.. اقترح مجدي عليهم شراء بعض المثلجات فوافق الرفاق بحماس، تبعه ذهاب كل من مجدي وشهاب وسفيان لشراء المثلجات من المحل القريب وبقاء ماهر ودامر جالسين على الكرسي.. كان كلاهما مُحٍبَّيْن للهدوء فلم يتكلما إلا قليلا، مرت دقائق تبعها صوت مواء قطة انتبه له الاثنان، نظرا حولهما لكن لا شيء، تكرر الصوت لكن بشكل مسموع فلحظا قطة سوداء بعينين خضراوتين تخرج من تحت كرسيِّهما، ابتسم لها ماهر بينما نظر لها دامر بحُبٍّ فحملها بين يديه وأخذ يداعبها..
ماهر: "أرى أنّك تحب القطط..!!"
دامر: "بل أعشق هذه المخلوقات اللطيفة..!!"
كان دامر يتحدث بحماس لم ير ماهر مثله من قبل، جعله ذلك يبتسم لصديقه..
ماهر: "أرى أنها جائعة.."
دامر: "أظن ذلك، انتظر هنا سآخذها لأطعمها وأعود.."
ماهر: "مُرَّ على البقية إن استطعت فقد تأخروا.."
دامر: "حسنا.."
قال دامر ذلك مغادراً المكان إلى المحل القريب، تاركاً خلفه ماهر وحيدا.. انحنى الألبينو بجسده إلى الخلف مغلقا عينيه ومستمتعا بالنسيم العليل..
'أشعر بشيء غريب نحو هذا المكان..'
![](https://img.wattpad.com/cover/295818822-288-k354325.jpg)
VOUS LISEZ
Enemies or Friends
Fanfictionتدور هذه القصة حول صبي يدعى ماهر "Shu Kurenai" يعيش في بلدة جميلة في شقة هادئة، يدرس في أكاديمية بيوجاما "Beodjama" لديه العديد من الأصدقاء. اشتهر ماهر بأنه من أفضل لاعبي البلابل في بلاده فهذه اللعبة هي شغفه هو وبلبله اللهيب "Spryzan" الذي هو من أقو...