الرسالة الثالثة|3

99 21 6
                                    


كذبتي الأولى لك.

يمكنني وصفه بأنه كان وقت مرير ، قاسي ، وقت تمنيت به أن يتوقف كل شيء في العالم وابقى أنا وانت بأمان ، منذ سنوات لم استطع منع أخي من الرحيل لواجبه فبكيت كثيرا لأنه ابتعد عني ، وبعد أشهر احضروا خبراً بانه ميت ، حتى جثته لم يجلبوها ، لم استطع أن اودع اخي ، أن اضمه بين ذراعي ، أن أفعل كما فعلت الآن وأنا احملك بين يدي بخوف وقلق وبكاء مؤلم ، لقد كنت خائف ، الخوف هو من جعلني اتناسى الآم جسدي فحملتك وخرجت بك من ذلك المكان المحطم وأنا ارجو بأن تكون بخير ، لم اسأل عن الناس المصابين أو حتى أفكر بشخص آخر غيرك في تلك اللحظات ، حتى نفسي لم أفكر بها .

انعزلت بك إلى مكان خلف العمارات وخلف الاسواق ، في زقاق بارد وموحل بسبب المطر ، قذر وذو رائحة قذرة كأعمال البشر ، قادتني قدماي المتعبة إلى هناك ، لقد نفذت طاقتي بأن اخذك إلى مكان آخر ،. 'المستشفى' أنه فقط مكان سيأخذك بعيداً عني وسيفرقنا ، وأنا لا أريد هذا ، لا أريد خسارة اخ آخر ، ليس بعد الآن ، وضعتك هناك وغطيتك بمعطفي المبلل ، وذهبت بأسرع ما لدي لأحضر لك بعض الضمادات والاكل إذ تطلب الأمر .

في الوقت الذي كنت اركض به ، شعرت أن قلبي سيسقط من مكانه لأنك في ذلك الزقاق ، نائما لوحدك في الوحل ، اعتذر لك لأنني لا املك مكان لترتاح به وانت في أمس الحاجة للراحة ، عندما كنت اركض تعثرت ووقعت بقوة جارحاً يدي نهضت لأكمل الركض وأنا غير مهتم بما يجري لي ، حتى لو قطعت اطرافي سأستمر بالركض فقط من اجلك .

سرقت بعض الضمادات من المستشفى واشياء أخرى احتاجها وهرولت بعيداً ، لكنني توقفت على صوت امرأة وهي تقول بصوت عالي لي :

_يا هذا !! انت مجروح ، قدمك تصب دماً بلا توقف ! هل تسمعني ؟!!

توقفت ونظرت إلى كاحلي وبالفعل ، كان جرحاً مخيفاً ويصب منه الدم كالفيضان ، لكن لماذا لم أشعر ؟ لماذا أنا غير مبالي لوضعي هكذا ! .. عاودت الركض مجدداً وأنا امحي تلك الافكار من رأسي ، وصلت إلى ذلك الزقاق وكنت لاتزال نائماً هناك ، وضعت الاغراض التي سرقتها وكان هناك مرهم مع ضمادات وكثير من القطن ، امسكت رأسك وبدأت ابحث عن مكان الجرح ، كان منظراً مخيفاً أن ارى جرح بهذا العمق لكنني بعدما نظرت إلى كاحلي شعرت أننا متساويان ، بدأت انظف الجرح وأضع الضمادات حول رأسك ، كان صعباً علي أن اغطي شعرك الجميل ذاك ، بعدما انتهيت بدأت اتفقد جسدك أن كان هناك أي جروح أخرى ، لكنني وجدت صورة في معطفك ، اخذتها بدافع الفضول ونظرت فيها ، كنت تقف في الصورة مع فتاة جميلة جداً ، كانت تماثلك في العمر تقريباً وكنت سعيد جداً معها ، نظرت إلى خلفية الصورة فوجدت فيها "زوجان المستقبل 'لوليتا و ويليام ' " وضعت الصورة جانباً وبدأت انظف جرح قدمي ، وعندما كنت أفكر بأمر حياتك الجميلة التي حتى زوجتك قد حُددت لك من الآن .. سمعت صوتك للمرة الأولى .. نظرت إليك فوجدتك تحاول النهوض بصعوبة ..

رحلة ديسمبر || 𝐃𝐞𝐜 𝐓𝐫𝐢𝐩 [مكتملة]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن