الفَصلُ الأَوَل : قَدرُ الحَاكِم.

1.1K 78 359
                                    

 ذَكَرتُكَ فَاِستَعبَرتُ وَالصَدرُ كاظِمٌ
عَلى غُصَّةٍ مِنها الفُؤادُ يَذوبُ

-الخنساء.

· · • • • ✤ • • • · ·

في زقاقٍ أسود مريب، إتخذت سيارة ذات الخصلات الكستنائية الباهتة طريقها تسير على الأرض بِـهدوء عائدةً إلى منزلها عالي القمة الذي تستطيع رؤيته من على بعد أميال رغم الأشجار الطويلة التي تحيطه و تجعله يبدو منزلًا مهجورًا كـما في أفلام الرعب.

تباطأت سرعة السيارة حال ما وصلت لِـمقصدها ثُم توقفت عن مواصلة المسير بعد توقفها أمام بوابة منزلها الضخم، و عند رؤيتها فتح أحد الحراس المتجمعين أمام البوابة الباب منحنين لها بِـإحترام.

كانوا مدججين بِـالسلاح و السماعات اللاسلكية فضلًا عن بنيتهم الضخمة و ملابسهم السوداء كـسواد هذه الليلة التي تبث الرعب في نفوس الآخرين.

تجاهلتهم و واصل السائق القيادة إلى حين وصلت أمام باب منزلها، نزل السائق من السيارة و فتح لها الباب ثم ترجلت عن السيارة مرتبةً ثيابها السوداء و تناولت حقيبتها و بدأت بِـالسير نحو المدخل الذي كان يحرسه حارسان مطابقان للـذين رأتهم سابقًا.

انحنا الإثنان لها بِــإحترام و أومأت هي بِـرأسها فقط لِـيفتح لها أحدهم الباب قائدًا إياها نحو الداخل.

خطت صاحبة أعين الريم الذابلة خطواتها داخل المنزل و هي تراه يبدو فارغًا كـأنّ لا حياة فيه على عكس المعتاد فـأعتقدت تلقائيًا بِـأنّ والدها أخذ إخوتها في اجتماعٍ مهم مجددًا داخل مكتبه.

رحبت الخادمة بِـها بِـإبتسامة و لم ترد عليها سوى بِـاماءة ضئيلة كـالعادة راكبةً المصعد الذي أخذها إلى الطابق الثاني حيث تقبع غرفتها.

دخلت الغرفة ولم تكلف نفسها عناء فتح إنارة غرفتها المطفئة، ثم أخرجت هاتفها من الحقيبة و وضعته على الطاولة لِـيشحن قبل أنّ تلقي بِـحقيبتها جانبًا متجاهلةً ما قد يتكسر داخلها.

دخلت إلى الحمام و استحمت تزيل التعب عن بنيتها، ثم جففت شعرها الكستنائي الطويل الذي بلغ خصرها بِـالمنشفة و مرت عليه بِـأداة تجفيف الشعر لِـفترة قصيرة ثم إنتهت بِـتمشيطه قليلًا تاركةً إياه منسدلًا.

ارتدت ثيابها المكونة من سروال جينز ضيق قليلًا و قميصٍ حريري ذا أكمامٍ طويلة مربوطٌ بِـرقبتها بِـبضعة أشرطة بيضاء منظمة مجهزةً نفسها لـحضور الضيوف اليوم رغم أنّه لا طاقة لها لِـاستقبال أيّ أحد.

جلست على مكتبها و أضاءت إنارة المكتب لِـتدون ما درسته اليوم في الجامعة إلى أنّ قاطع خلوتها صوت دقٍ خفيفٍ على الباب، أدركت فورًا من يكون الطارق لِـترفع رأسها عن الدفتر بِـهدوء قائلةً بِـصوتٍ مرهق :

بين ثنايا أطياف الزهورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن