وهم التفوق..
كان هناك شخص خطط لسرقة و وضع خطة مثالية لها ولكن بعد ساعات من تنفيذها قبضت عليه الشرطة..وكان مصدوما فأنى لخطته المثالية أن تفشل هكذا؟ أو هذا ما ظنه
وبعد أن إستجوبوه عن إقتحامه وسرقته دون قناع بحيث صورت كاميرا المراقبة وجهه...
أجاب بأنه سمع أن الليمون قادر على إخفاء الحبر بحيث يستطيع كتابة ملاحظات لا يمكن لأحد قراءتها..
لذلك قام بمسح كل جزء من جسده بالليمون معتقدا أنه سوف يختفي ولن تقدر كاميرات المراقبة على تصويره..
ظنت الشرطة أنه في حالة سكر أو أنه مريض عقلي
ولكن بعد التحقيقات إكتشفوا أنه مجرد أحمق فقط..
"بالطبع هو كذلك!! من الغبي الذي يظن أنه يستطيع الإختفاء؟"
حسنا إسمع..
قام باحثان بأجراء إختبار على طلاب "جامعيين" بحيث أعطوهم أسئلة متنوعة في شتى المجالات من الرياضيات إلى الفكاهة..
ثم قاموا بسؤالهم عن العلامة التي يتوقعون الحصول عليها..
فأجاب الأغلب بأن علاماتهم بين 60 و 80%..
ورغم أن متوسط العلامات كان ما بين 10 و 40%..
وقبل أن يعطوهم أوراقهم سألوهم عن ما يتوقعونه بشأن ترتيبهم بين المختبرين فأجاب الأغلب أيضا أنه أفضل من 60% من الطلاب..
وبعد أن حصلوا على علاماتهم صدموا وبشدة من علاماتهم التي تحصلوا عليها...
أتذكر السارق الذي صدم من فشل خطته؟
"آهااا إذا كلاهما كان يظن أن عمله متقن ومثالي ولكنه ليس كذلك"
تماما..
نحن البشر غربيون جدا بحيث دوما نعتقد في أعماقنا أننا أفضل من البقية وأننا أكثر معرفة منهم ونحن جاهلون بأننا جاهلون..
"إذا تقصدين أنني قد أكون جاهلا؟"
أجل بالفعل..نحن نظن أننا نعرف أكثر لأننا نبحث في السيد غوغل عن المعلومة..
فمثلا لو ظهر سيد ملحد وبدأت بتتبعه عن طريق مواقع التواصل وأخذت بعض الأفكار منه وبعدها بدأت بنشرها والجهر بها ومعاداة للإسلام والتهجم عليه رغم أنه وبالنهاية الإيمان أفضل من الإلحاد من عدة نواحي لو بحثت في الأمر..
وأن الملحد العاقل لن يضيع وقته بالجهر بكونه ملحد لأنه يدرك أنها قناعاته الشخصية، فما الفائدة من الصراخ والشتم هنا وهناك؟
والملحدون في أغلب الأحيان أنانيون ومغرورون كما تعلم
"إذا هو يظن أنه على حق وأفضل من الآخرين ويريد أن يتعالى عليهم فقط لأنه سمع هراء ملحد؟"
أجل هو كذلك وهذا ما نفعله نحن لكن فقط بعيدا عن الإلحاد..
وعلى فكرة هذا ما يفعله الإعلام لا يجعلك تظن انك تعلم الحقيقة فقط بل ما أسوأ...
أثبت الدراسات في جامعة كاليفورنيا ببريطانيا أن 20%..
ولكن لحظة!! جامعة كاليفورنيا في بريطانيا؟
"معلومات مغلوطة للإقناع؟!"
بالضبط! وأغلبنا يظن أنه لن يتأثر بالإعلام بينما غيره سيفعل لماذا؟ لأنه يظن نفسه أكثر وعيا منهم..
وقد يمس هذا الوهم الاخلاق أيضا بحيث يعتقد المرء بأنه أكثر تخلقا من غيره.. بحيث يسرق ويبرر سرقته بأن الكل يسرق وأن هناك من يسرق أكثر منه لكن ألا يدعى كل منهم ب"سارق"؟
ومثل النازيين كانوا مجرمين ولكن هل تعتقد بأنهم كانوا يحسبون أنفسهم كذلك؟..نفس الأمر بالنسبة للمجرمين في السجن
"يا الهي لهذا يرددون فكرة تطهير العالم وبلا بلا وأغلبهم لا يشعر بالذنب على الإطلاق"
أجل وأزيدك من الشعر بيت؟ هذا الوهم معدٍ أيضا فإن عاشرت المصابين به فسوف تصاب كذلك..
وهم لا يعلمون أنهم من عوام الناس فقط ومن المضحك أنهم يتحسسون لهذه الكلمة..
مع العلم أن خبيرا في مجال معين يعتبر من عوام الناس في مجالات أخرى..
"أ..أنت محقة"
ولا تنسى أن المسلمين أشاروا لهذا قديما بقولهم: من تعلم الشبر الأول تكبر...ومن تعلم الشبر الثاني تواضع..ومن تعلم الشبر الثالث علم أنه لا يعلم شيئا..
وهذا يفسر ما نراه عندما نرى الناس تتحدث في السياسة وكرة القدم وهم لا يفقهون شيئا فيها..
"أوه..لحظة! لكن أنت لست خبيرة!"
أجل أنا أنقل لك كلام خبير عزيزي لست أؤلف من عقلي ^^
لهذا وهم التفوق يجعلنا نعتقد أننا مثاليون ويمنعنا من معرفة نقاط ضعفنا وبحكم أننا نتكاسل عن البحث والتعمق في المواضيع سنؤلف قصصا ومؤامرات من عقولنا مقتنعين بها ونحاول فرضها على الآخرين، وتصل حتى للفتاوي في الدين كما قال الشافعي:
'ما ناقشت عالما إلا غلبته وما ناقشت جاهلا إلا غلبني'
"إذا الموضوع خطير جدا جدا جدا"
هذا صحيح نحن نتوقع أننا موهوبون في كل شيء ونعرف كل شيء لذلك علينا أن نفتح عقولنا وأن نفكر بمنطقية أكثر وأن نتوقف عن التكبر والتفاخر ونتقبل النصيحة والنقد البناء فالكمال لله وحده وما أوتينا من العلم إلا قليلا
قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف
ويقصد بالآية بشكل عام كل الخوارج عن الدين الحق والذين يؤلفون من عقولهم ويظنون أنهم يقومون بعمل جيد ولكن لا يفعلون..
وقال الخليفة عمر بن عبد العزيز: رحم الله امرؤا عرف قدر نفسه
لذلك لنحاول التطوير من أنفسنا وأن لا نفرط في الثقة بمهاراتنا في الفراغ فقط ونحن لم نبذل جهدا على الإطلاق في طلب العلم..
ولكن لا يعني أن نقلل من أنفسنا أيضا فهناك فرق شاسع بين التواضع وقلة الثقة..
