القتيلة :

16 1 0
                                    


في منتصف الظهيرة ووسط أرض مزهرة رقد الأشقر عند قبر مفتوح بجانب جنازة حاوطنها نساء بالبكاء والعويل وعلى ما يبدوا فقد أنتهوا تواً من حفره فالرجل ورفاقه متسخين بالتراب .
رقدت الصبية  داخل نعشها ملامحها ساكنة  وكأنها تغط بنوم عميق .
والطفل الاشقر نوران اغمي عليه حال رؤيتها . فانا تبكي بحرقة وتلطم وجهها ووالدها منكس رأسه يده ترتجف .
ما أن خرجت الصبية من مكتبه وصله خبر موتها وهذا يدل على خطر الأشخاص الذين ينوون قتله !
ساري لم يتوقف عن البكاء كانت الصغيرة كأبنة له ويعلم عن مشاعرها البريئة تجاهه فأحسن معاملتها وعوضها عن مكان والدها .
عض أصابعه ندماً ولامها فقد أخبره الوزير الأعظم بما حصل  بعد أن غمره الخوف حال رؤية جثتها .
بكى على جثمانها دون أن يبوح ببكاءه فأكتفت عينيه بذرف الدموع فقط . ألبسها القلادة التي من المفترض أن تحصل عليها ثم غطى عينيه غير مستحمل للنظر إليها .
كانت أبنته التي لم يلدها ، تستقبله بضحكاتها البريئة ، تحب الأستماع لأحاديثه ، تحبه حباً جماً بلا أي مقابل
رحلت بغمضة عين تاركة خلفها الكثير من الذكريات والكثير من الالم .
--------------------------
وصل الأمر للملك وسادت ضجة لمقتل عامي داخل قصره وطلبهم جميعاً للتحقيق .
كبر الموضوع وبدأت أصابع الاتهام تتجه نحو الجميع بسبب مؤامرة القتل للوزير ومقتل شابة بالنسبة لهم كانت على علم بالأمر .
وانتهى الأمر الى عقد محاكمة لجميع الأطراف وأجراء تحقيق شامل .
بسبب ايدي طويلة ونفوس خبيثة فقدت صبية حياتها كان ذنبها ضميرها الحي وقلبها الطيب .
---------------------
خلال أيام ثقيلة مرت سافر الوزير الأعظم بأمر من الملك مع عائلته ليهربوا من الخطر وتم تأجيل الأحتفال وحُبس الملوك القادمين للحاكم وارنوا الذي بحث بأستماتة عن قاتل الفتاة والذي يريد قتل أحد أهم الوزراء للدولة .
------------------------
وفي داخل غرفة أشبه بالزنزانة رقد رجلين على كرسيين مربوطين بإحكام يحيط بهم ملثمون بالأسود تسطع على وجوههم أنوار المشاعل .
الوقت كان ليلاً والسماء مُدلهمة بلا اي أثر للقمر ونجومه ، آثار الضرب المبرح ظهرت على الرجلين وساري يقف بطوله الشامخ يلهث يتصبب منه العرق وقبضتيه مغاطتين بالدماء ، أعاد ضربهما من جديد وكلاهما مستسلم لم يكن يسألهما ولم يكن مهتم بمعرفة شيء لقد راقب لعدة أيام من خلال جواسيسه خادم الوزير الذي هو من أمر بقتله من قِبل قاتل مأجور وهو ذاته من طعن الفتاة البريئة وبعدما وصلته هذه المعلومات أمسك كليهما وأستمر بتعذيبهما !
------------------
الوقت فجراً والشمس لم تشرق بعد بل هي على حافة الظهور .
وفي داخل وادي دفنت جماعة رجلين غابت ملامحهما خلف الضرب المبرح وهما عاريين تماماً مغطيين بدمائهما .
غادر ساري بعد مراقبته لجماعته من بعيد مثقلاً بالهم حزين غير مستوعب لما جرى .
وتمشى حتى وصل لعند قبرها فجلس عندها .
-----------------------
حليق الشعر فبان القليل من جلد رأسه لحيته كثة وثيابه رثة مغطاة بالدماء يديه المدميتين تحوطان قدميه المضموتين لصدره وذقنه يتكئ عليهما يناظر الاسم المحفور على شاهد القبر بقهر ودموعه تتساقط كغيث غير منقطع ...
___________________
ساري:
عقلي جامد في هذه اللحظة ، الأصوات لا تصل مسامعي ، الالم الفظيع الذي أشعر به لا يفوقهُ ألم آخر . مياسة تلك الطفلة البريئة التي واراها التراب بسبب حسن نيتها وطيبة قلبها !
كان من المفترض أن تحصل على هديتها مني ، هدية عيد ميلادها . لكنها رحلت وبذات اليوم الذي ولدت به !
تواً تفتحت زهور عمرها لتدوسها الأقدام ، قتلت على أيدي وحوش لا ترحم .

يتبع .....

الطريق الى القبر محفوف بالنوايا الحسنة

مكافحة وسط الحروب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن