لننفصل

169 4 36
                                    

.
.
.

طبع الرقم السري لشقته ببطء مترددا لتتجمد يداه عند المقبض للحظات ،
هل يستحق الأمر العودة الى هنا حقا ، ربما كان يجدر به أن يبيت يوما آخر في العمل ،
للحظات كان كل ما فكر فيه هو الاستدارة و مغادرة هذا المكان الخانق و ربما عدم العودة مجددا الى الأبد و لكنه كان خير من يعلم أن هذا يعد هروبا من مواجهة ظل يؤجلها بكل ما أوتي من قوة ..

تنهيدة متعبة غادرت شفتيه ليفتح الباب أخيرا منحيا أفكاره لوقت آخر ،

لم يستغرب الإضاءة الخافتة المنبعثة من التلفاز الذي كان على الوضع الصامت ولا قوارير الخمر المبعثرة فوق الطاولة المستطيلة عند غرفة المعيشة ،

توقفت قدماه بثقل أمام باب غرفة المعيشة و كأن آلاف الأوزان قد ربطت بها لتمنعه من التحرك خطوة واحدة ، سواء كان ذلك للداخل أو الهرب بعيدا كما أراد له ذلك الصوت الخفي داخله ،

جابت عيناه المكان المبعثر للحظات لتستقر أخيرا على الجسد النائم على الأريكة الضخمة ،

كان شعرها الأسود ينساب بنعومة على ظهرها ليستقر معلقا بين الأريكة و الأرض متجاوزا اياها ببضع سنتيميترات ،
عض شفتيه بينما ينتبه الى القميص الخفيف الذي كشف عن خصر منحوت كان فيم مضى يشعل النيران تحت جلده لمجرد رؤيته ، أما اليوم لم يعد يثير فيه غير الأسى و الكثير منه ...

ارتفعت يده ببطئ الى رأسه مبعدا شعره البني الى الخلف لينزلق مجددا مغطيا عينيه بعناد ،

فقط متى وصل به الحال الى هنا ، فقط متى انحدرت حياته الى الأسوئ بهذه الطريقة ،
آلاف الشجارات و الكثير من سوء الفهم ، أيام طويلة من الأرق و المبيت خارج البيت بسبب الشجار ،
فقط كيف وصلا الى هنا ،

هز رأسه بتنهيدة مكتومة حالما لاحظ ارتجافة جسدها و انكماشها على نفسها بطريقة مثيرة للشفقة ليتقدم ببطء ثم رفع الغطاء من على الأرض ليدثرها به بلطف

انفرج ثغرها عن تنهيدة راحة بينما تلتف حول البطانية مغرقة نفسها فيها أكثر ليتراجع هو بعدها الى غرفة نومهما محاولا التخلص من الأفكار السلبية التي باتت تراوده بكثرة و تقوده كلها الى حل واحد رفض حتى التصديق أنه خطر على باله

أنهى استحمامه على عجل ليرتب بعض الملابس النظيفة تحسبا لبقائه في المكتب لعدة ليال حين سمع صوتا من الخارج

أغلق عينيه بتعب ليفتحهما بعد ذلك متوجها الى غرفة الجلوس حيث رآها ، تتجرع المزيد من الشراب بعينين ذابلتين ،

زفر بسؤم لمنظرها الذي جعل الضيق يتزايد في صدره لتنتبه عليه أخيرا ، ابتسمت بسخرية لتأخذ رشفة أخرى من النبيذ قائلة :

- لمن ندين بشرف قدومك الليلة

لقد كره حقا رؤيتها بهذا الشكل المزري ، لقد كره ضحكتها الساخرة و عينيها المحمرتين على الدوام ، فقط أين بحق الجحيم اختفت حبيبته لتحل محلها هذه المرأة التي لم يعد يعرفها البتة :

- توقفي عن الشرب ، أنت ثملة بالفعل

اغرورقت عيناها بالدموع لتسكب المزيد في الكأس قائلة بنبرة ميتة :

- لست ثملة كيونغسو ، لا أثمل أبدا رغم أنني أريد ذلك بشدة

عض المعني شفتيه و قد انعقد حاجباه بغضب بات يتزايد داخل صدره ليتقدم نحوها نازعا الكأس منها بقوة بينما هزت هي كتفيها بعدم اكتراث متناولة الزجاجة لتتجرع ما فيها بشراهة ،

دمعة يتيمة انزلقت على خدها لتمسحها بسرعة بينما انتزع كيونغسو الزجاجة منها بحدة قائلا :

- توقفي عن هذا بحق الجحيم ؟!

هذه المرأة الميتة أمامه لم تكن و لو بنسبة واحد بالمئة فتاته المليئة بالحيوية ، لم تكت أبدا شعلة الحياة التي كانت عليها منذ عام مضى و كيونغسو أحس بقلبه يغرق لفكرة فقدانها للأبد لتحل محلها هذه المرأة المدمنة للخمر و التعيسة على الدوام ،

- لا تتصرف و كأنك تهتم فجأة ، انت لم تعد للبيت منذ أسبوع ، لا تعلم مالذي أفعله أو مالذي حصل معي ، لم تريد أن تتحكم بتصرفاتي في هذا الوقت من الليل ،

و ها قد بدأ الأمر مجددا ، تلك الحلقة المفرغة من الشجارات اللا متناهية ، دلك كيونغسو صدغيه بتعب لينظر اليها بعيون ذابلة :

- هل يمكننا أن لا نتشاجر اليوم ،

صمتت على مضض لرؤية وجهه الشاحب لتتجمع الدموع في عينيها ، هو يعلم أنها لا تريد أن تكون هكذا ، يعلم حق المعرفة أنها تعاني بينما تشاهد حياتها تنحدر للأسوئ و لكن الأمر فقط أنه اكتفى و صبره شارف على الانتهاء

و كل ما كان يخشاه كيونغسو هو أن يتحول الحب العظيم الذي يكنه نحوها الى كراهية بحتة

تنهد بهدوء ليقترب منها واضعا رأسه على كتفها بصمت ، أخرج أنفاسا مهزوزة لترتفع أصابعه محاولة لمس يديها الباردتين ليقول بعدها :

- أنا متعب مينا ، متعب جدا

صمت طويل حل بينهما لا تقطعه سوى دقات الساعة الرتيبة و أنفاسهما المضطربة ، عض كيونغسو على شفتيه بينما انزلقت دموع حارة على كتفيها لتغمض عينيها بأسى :

- لا أحب ما آلت اليه حياتنا ... لا أريد أن أكرهك ،

لم يتلقى ردا لكلماته ليردف بقلب ثقيل :

- لننفصل مينا- ياه

صوته تصدع في آخره ليبتعد عنها آخذا معه كل الدفء ،
لم يمنحها نظرة واحدة أخيرة و كل ما رأته هو ظهره مغادرا حياتها للأبد
.
.
.
.
ونشوت يترجم حالتي النفسية الكئيبة مؤخرا
😢


Kyungsoo oneshotsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن