جلست على الكنبة لألتقط انفاسي بعد ما ركضت مسافات طويلة لأصل إلى هنا، وجهت نظري لتلك اللوحة المعلقة على حائط الصالة الكبيرة ،التي شكلت ألوانها صورة لمنزلنا الضخم و قلت لنفسي.. ماذا لو لم اولد في هذا المكان يوما"... لو لم أولد كالفتاة الصغرى لأسرة بلاكويل.. لو لم أولد في طبقة الأثرياء ،في زمن يكون فيها الرتبة في المجتمع هي كل شيئ... كيف سأكون إن عشت حياة مختلفة؟
" آنسة إيفيلين ، ستتأخرين على موعد العشاء "
كان صوت خادمتي الخاصة و مرافقتي الدائمة هيلينا ،التي وصلت لتوها ،هو من أيقظني من دوامة أفكاري المعتادة، فوقفت متجهة لغرفة الطعام لأكمل الروتين اليومي.
استقبلني وجه والدتي عند جلوسي على مائدة العشاء، و يمكنني القول أنها لم تكن راضية عني،...
فلطالما كنت الفتاة الصالحة التي لا تخطئ أبدا، إذ أنني نشأت في عائلة تسيطر عليها قوانين امي الصارمة و التي نفذها كل من أخي الكبير ثاديوس و أختي الكبيرة (مارثا) و نفذتها أنا من بعدهم لكن اختي الكبيرة الثانية كلارا لم يعجبها نظام أمي ابدا لكنها اجبرت على طاعتها..
لكنني الآن و بعد أن أصبحت في الثامن عشر من عمري اكتشفت أن كل قانون بسيط من قوانين أمي خاطئ!بدأ هذا حين كنت في سن الثانية عشر، عندما توفى والدي و بدأت أمي تجبرنا على إتباع مبادئها التي اختلفت إختلافا شاسعا عن مبادئ أبي، فلقد كانت تعامل أصحاب الطبقات الأدنى منها بتكبر و تعالي، لم تهتم يوما لمشاعر الخدام، خطبت اختي الكبرى برجل لا تحبه لكونه ذو اصول عريقة، اجبرتنا على ارتداء الملابس الغالية و المزعجة في كل الاوقات كما اجبرتنا على تعلم الآداب و القيم الرفيعة و على الإلتزام بأعمال حددتها هي و عدم القيام بأي عمل يهدر أنوثتي و انوثة اختاي الإثنتين...
و لأن هذا لم يكن النظام السائد في وجود ابي، فلم يعجبني و كلارا كذلك فهي كانت مقربة جدا من أبي و ورثت الكثير من طبائعه مما سبب لها العديد من المشاكل مع أمي، أما اختي مارثا فهي ككل الأخوات الكبيرات، كانت نسخة عن أمي... و بالنسبة لثاديوس المسكين فلقد تولى منصب أبي في الاعمال و اصبح الماركيز و لكنه و رغم معارضة امي في البداية، رفض فكرة الزواج و وضع امي تحت الأمر الواقع. هذه هي عائلي المتواضعةو لكن ليس باليد حيلة أمي هي أمي و إذا لم أتماشى مع ما تريده لن أقدر على التعامل مع المشاكل الخارجية الأكبر منها، فتربيت كأنني دمية تحركها هي بدون ان افهم الصواب من الخطأ.. هذا ما ظننته ^في البداية^ لكن الآن أنا بدأت أتراجع عن ذلك و لكنني أواجه صعوبة في تحديد ماذا يجب أن أكون؟ ما هي أنا الحقيقية ؟
----كانت امي هذه المرة غاضبة لأنني ذهبت الى السوق برفقة هيلينا لشراء ما ينقصني من أغراض الرسم، بثياب بسيطة و بدون علمها، فأنا بعكسها لا احب ارتداء الملابس المبهرجة و الأنيقة أبدا، لقد كان هذا الى جانب العديد من الأشياء مصدر إزعاج لها .
أنت تقرأ
~ { EVAR } ~
Ficção Históricaوجهت نظري لتلك اللوحة المعلقة على حائط الصالة الكبيرة ،التي شكلت ألوانها صورة لمنزلنا الضخم و قلت لنفسي.. ماذا لو لم اولد في هذا المكان يوما"... لو لم اولد كالفتاة الصغرى لأسرة بلاكويل.. لو لم اولد في طبقة الأثرياء ،في زمن يكون فيها الرتبة في الم...