كوب من القهوة مع صحيفة الأخبار

15 2 8
                                    


سأروي لكم قصتي، بتفاصيلها المهمة وكيف كنت وماذا أصبحت وإلى أين سينتهي بي المطاف.. أولاً سأعرفكم على نفسي، أنا ماريا دياز طبيبة نفسية أبلغُ من العمر ٣٦ ربيعاً، فقدت والداي بسن مبكر فكنت أعيش مع أختي الكُبرى لورين التي كانت كوالدتي بل كانت كالعائلة وحتى أنها كل شيء بالنسبة لي، أختي أخي صديقتي أمي وأبي! أغلى ما أملك في هذه الحياة يمكنكم تصوّر ذلك الآن!

ذات يوم، إختفت لورين عن الوجود كلياً! لم تترك عنوان، رقم أو شيء يصلني إليها! إلى أين ذهبت لا أعرف! إكتفت بأن تترك لي رسالة تقول أنها ستكون بخير! وألّا أقلق بشأنها وأستمر بحياتي ولا أهمل صحتي وعملي! وكأنها كثيراً تهتم بيّ! أهذا الوداع يليق بي؟ كيف ومتى ولماذا؟ حسناً إذا أردتي البُعد أخبريني واجهيني ولا تتركيني بهذه الطريقة كهاربة جبانة! اللعنة!! حسناً سأهدأ أنتم ليسوا من تركني! أنتم هنا ستستمعون إلى قصتي صحيح؟ واقعياً أضطربت كثيراً وفُرط التفكير كاد يقتلني! أضع الإحتمالات وأقيّمها..!
رغم أنني حزنت بادئ الأمر، إلا أنني حاولت أن أكون بخير وأتمالك نفسي، كما أرادت هي مني، يبدو أنها تريد العودة لزوجها السابق الوغد أليكسندر الشيء الوحيد الذي كان يقف بيني وبينها، كان يخونها ويعنّفها ويفعل الكثير لها! أقتنعتها بالطلاق بصعوبة بالغة أخرجتها من القاع وحدي أنا! كيف يأتي ذلك الحقير يحطم ويدمر مابنيته وشقيت فيه؟ حسناً هي تريد العودة له أعلم أنها لن تكون بخير كثيراً لكن لا يمكنني فعل شيء آخر سوى أمنياتي لها بالسعادة.

غياب أختي عنّي كان أمر مختلف، لأنها كانت تعطي لحياتي معنى آخر! لكن بالوقت ذاته كان هنالك من يشاركني حياتي بأدقّ تفاصيلها، الحلوة والمُرّة، الحزينة قبل السعيدة، يشاركني فرحتي وبُكائي، نجاحي فشلي وإخفاقي كل شيء بالمعني الحرفي!.. هو "مريضي سابقاً فصديقي فحبيبي وزوجي حالياً ماركوس سيلفا".

يومًا ما فتحت عيني بملل لأجد الساعة أمامي، صفنت أحدق بها بضعة دقائق لأنني إستيقظت قبل أن يفقع لي طبلة أذني المنبه اللعين! إنها الـ ٨ إلا ٣دقائق صباحاً..
أغلقت المنبه قبل أن يشتغل كيلا يسبب فوضى بالبيت عبثاً، ثم فعلت ما أفعله عادةً، ألتفت يمينا فأجده يغط بنوم عميق! كالحمل الصغير وكأنه ليس هو الرجل القوي الذي أعرفه يشبه طفل بريئ! ثم بعد ذلك استيقظ بكسل لأنه سيبدو يوم ثقيل جداً، فأغسل وجهي وأغيّر ثيابي إستعداداً للعمل، فأذهب لأقبل جبينه كي يكون يومي سعيد أو مبارك يعني شيء من هذا القبيل ويعد إحدى طقوسي المهمة والتي ولا يمكنني التخلي عنها، فأنا أستمد قوتي من بقائه معي ووجوده قُربي! واقعاً عندما أترك هذه العادة سهواً يصادفني موقف محرج في كل مرة آخرها تعطلت سيارتي في منتصف الشارع قبل إسبوعين من الآن ههه!

ماركوس، مازلت أحبه كما أحببته أول مرة! سأعترف أنني في البداية كنت لا أطيق النظر إليه وحتى رؤيته تسبب لي إزعاج! أي عندما كان يأتي إلى المستشفى للعلاج وماشابه، كنت أتشاءم من وجوده! بينما تبدل حالي الآن بالتفاؤل نحوه! كان يعاني من أمراض نفسية، مدمنًا بشكل كبير على الكحول! زميلتي في العمل
د. جينيفر رودريغس كانت تفِرُ هاربة إذا أتى على الأغلب إنها تتجنب المرضى إذا كانوا مدمنين وخاصة لو كان ذكر هذا ما إعتقدته! فأضطر أنا بصفتي (دكتورة) أن أستمع له وأقوم بتوجيهه ونصحه وماشابه!

مع مرور الأيام، وكثرة لقاءاتنا ووقوفه معي وقت حاجتي وفهمي لظروفه وإكتشافي لمعدنه الحقيقي وسبب إدمانه الذي بدا لي مبرر بعض الشيء ثم فهمي لكل شيء متعلق به.. أحببته! أي حب؟ حتى إنني عشقته! إنه يشبهني على الرغم من إختلافنا! أو بمعنى أدق ليس شبه نحن نكمل بعضنا البعض..
رجل لديه عزيمة وإصرار، كان يستجيب للعلاج بشكل رائع! حتى أنه فاجئني عندنا أخبرني أنه جاء إلى هنا برغبة منه عادةً هذه الأمور تتم عن طريق إقناع المقربين من المرضى أن يبدؤوا العلاج، لكن هو! كان شيء آخر جاء يبحث عن مخرج لوضعه التعيس.

أصبحنا أصدقاء فجأة! على الأغلب صداقتنا لم تكن صدفة، كلانا كان لا يرغب بمفارقة الآخر، فإختلقنا أمر الصداقة! ولأن مشاعرنا صادقة، لم تدوم صداقتنا طويلاً حتى تغير مسمى صديقيت إلى حبيبين! كان بقربي وقت ضعفي، في اليوم الذي تركتني به أختي لم يبتعد عني ولا لحظة! لم يتخلى عني ويتركني كان يطمئن على حالي باستمرار يتصل يسأل لا يكل ولا يتعب لم يضجر من تقلب مزاجي، لامبالاتي وسوء أخلاقي بتلك الفترة واقعاً أصبح سندي وأماني إنه رجل، شهم وقوي! بطلي الخارق، أحبه جداً..

بعد أن تعالج بشكل نهائي من الإدمان، عاد لعمله الذي تركه منذ سنوات مدرباً رياضياً، يتبع نظام غذائي صحي ولا يشرب كثيراً كما قبل! هنالك عدة أمور جعلتني أحبه! جمال روحه، طيبة قلبه، رجولته، شهامته، قوته وصوته الخشن وجوده له هيبة وغيابه يتضح على الفور! تزوجنا قبل ٤ أشهر بعد أن كنا على علاقة لمدة ثلاث سنوات، كان صادق لم يتسلى أو يضيع الوقت فحسب.

المهم الآن.. كنت في طريقي للعيادة، بالمناسبة؛ لقد فتحت عيادة خاصة بي قبل سنة تشاركني بها صديقتي جينيفر، كما تعرفون في السابق كنا نعمل بمستشفى كبيرة، فوضى نوعاً ما المسؤول شخص بغيض أجمل ما أتذكره لحظاتي مع ماركوس وضحكاتي مع جينيفر! في الحقيقة هي من إقترح هذه الفكرة، وأيدني بها وكان الداعم الأكبر لي ماركوس حتى تم الافتتاح قبل سنة تقريباً من هذا الواقت.

~ الـ ٨:٣٠، في المكتب..
أجلس على الكرسي خاصتي أحتسي كوب القهوة أحاول الانشغال بشي ما حيث أقوم بقراءة الأخبار المملة حتى لا أكون في قرارة نفسي متشوقة للمرضى وأنتظر قدومهم بشوق وكأنني مهووسة بهم! لا جديد يذكر ولاقديم يُعاد أخبار السياسية، فضائح المشاهير، أخبار البورصة، الوفيات، جرائم تكساس، عاطلين يبحثون عن عمل.. و، و، و، إلخ...
أنهيت عملي سريعاً كي أخرج مبكرًا، فاليوم مهم بالنسبة لعائلة سيلفا كما حدثني ماركوس! سيكون لدينا زيارة للكنيسة، العمة نيكول تفعل هذا سنوياً وهذا شيء مهم ولا يمكن لأي أحد يعيش في ذلك المنزل أن يترك هذه العادة! حتى الخادمة كارمن و جيادا زوجة تياغو مجبورتان على الحضور.. مع أن إحداهما يهودية والأخرى تعبد تحمل دين الصابئة يعني تعبد الكواكب!
صحيح جيادا كانت ترتاد المدرسة ذاتها مع نيكول عمة ماركوس و تياغو حينها كانت نيكول في السنة الأخيرة بينما جيادا في عامها الأول يبدو أنهما أصبحتا صديقتان منذ ذلك الحين.. عموماً أنا كوني فردًا من العائلة يجب أن أذهب معهم إلى يومهم المعهود أي إلى الكنيسة وأقوم بواجبي على الرغم أنني ليست متشددة كثيراً بهذه الأمور؛ بمعنى أدق لا أهتم ولا أكترث.

آرائكم بالبداية؟

حكايتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن