في أحد الجبال المكتظة بالثلوج، و الرياح الهوجاء تتلاعب في الخارج ، صوت كصيص الخشب المشتعل داخل ذلك الكوخ الصغير،
و بينما كانت شارلوت تحضر طعام العشاء المكون من رغيف الخبز الرديء المحشي ببعض من التوابل و القليل من أكواب المياه الشبة المثلجة بسبب هذه العاصفة الطويلة.
توجهت نحو غرفة الطفل الصغير ميشيل ذا الخامسة من عمره.
فتحت الباب بروية فتشع من مقلتيها علامة الرهبة لعدم وجوده في غرفته المتجمدة بسبب النافذه المفتوحة.
رفعت رداءها الطويل تركض نحو النافذة لترى بقع من الدماء الحديثة حول الثلج الأبيض الناصع، أسندت يدها على الحائط تتأمل آثار الدم التي تبعد شيئا فشيئا عن الكوخ الرث.
" هل مات ابني؟ هل أكلته الذئاب؟"
ذهبت خارجا بالقرب من بقع الدم المنتشرة في المكان، صرخت مناديةً باسم طفلها الصغير، ظننا منها أنه مازال على قيد الحياة، هذا ليس بالأمر الغريب، فقلب الام رمز للمحبة و العطاء،قلب يخفق من أجل أبناءه، يشعر بحزن و سعادة من حملته طوال تسع أشهر في ما مضى.
غريزة الامومة جعلت من شارلوت تصرخ من جديد مناديةً بميشيل و دموعها المنهمرة كانت دليل على انكسار قلبها الضعيف.
و بعد أن فُقِد الأمل الذي كان مزروعًا في صدرها توجهت نحو باب المنزل بقدمين ثقيلتين لا تقوى على الحراك، و نبضات قلبها أوشكت على التوقف من شدة الحزن على رحيل طفلها ميشيل.
و حين همت بإققال باب الكوخ، سمعت صوت ذئبًا داخل منزلها الصغير، لتستنتج أنها نست إقفال نافذة غرفة طفلها.
مضت عدة لحظات و هي مازالت واقفةً أمام الباب بسبب الصدمة التي أصابتها، ثم إلتفتت الى اليمين لتجد ذئبا شري المظهر و أنيابه الحاده تتساقط منها قطرات الدماء.
و رغم أنها تعلم كيفية التصرف ألا و إن موقد النار كان بعيدا نوعا ما و لن تستطيع النجاة حتى و إن حاولت، فأقفلت الباب و توجهت للخارج، لتدخل عبر احد الغرف من خلال النافذة، و لكن.
إستقبلت مجموعة كبيرة من الذئاب المتوحشة و الجائعة شارلوت لتهجم عليها دون رحمة و تمزق جسدها الضعيف بأسنانها الحادة، لتنتقل روحها النقية الى رحمة الله تعالى.
.
بعد يومين
.
هدأت هذه العاصفه الطويله و التي دامت فترة من الزمن.
فأتى ذلك الرجل يجوب الجبل المغطى بالثلوج حبا للمغامرةِ و الإستكشاف، إلى أن وقف أمام الكوخ القديم، ليطرق الباب عدة مرات دون أي إجابة.
فتح الباب بهدوء شديد و هو يتأمل زوايا هذا الكوخ.
"هل من أحدٍ هنا؟ مرحبا؟" قال بصوت مرتفع.
بعد عدة لحظات خرج ميشيل الصغير من العلية بعينين مليئتين بالدموع.
أجل.. إن ميشيل كان منذ البداية في العلية و لم يصبه أي مكروه.
.
ركض نحو الرجل يضمه بكل ما يملك من قوة، يصرخ على ما حدث لوالدته المسكينة.لو علمت شارلوت بأنه في المنزل لما كانت ستعرض نفسها للخطر، لكنه قلب أم.🤍