"نداء في أواخر الليل "

2 0 0
                                    

" بسم الله الرحمٰن الرحيم "
.

أقطنُ هناكَ، بِلا شك ..
مدينةٌ خالية من البشر، السوادُ يملئها و السكينةُ أصلها، الزهور مفقودة، و الرمادُ حلّ مكانها.

أظنُ الجميع يزحف خارجًا من ذلك المكان؛ لا جدوى جميعهم يفقدون ثوانٍ من حياتهم، اسمعُ كلامًا يهمسُ لي قائلًا : كذلك أنتَ سوفَ تكون ضحيةً ذاتَ يومًا ..

اختلجت قدمايّ، الصوت ذاته يعود .. اينَ أنتَ؟ فلتعود رجاءً دعني أراكَ! أنا أنصتُ لِمن؟ ماذا يحدثُ معي؟ الحياةُ ذاتها مخيفة جميع البشرُ مدفونةً بين طيات أثاث ذلك المنزل! يتسع كُلما هاجم فريسةٌ من أهل مدينتي، لِمَ؟ أصبحتُ مكتئبة رغم كُنت مبتسمةً، أظنني ضعيفةً و كانت قوتي مغشوشةً، أتدري؟ أنني أكتبُ بدماء هذه الأرواح؟ لا أملكُ قلمًا و أكتبُ على نسيج الغزل، صوتٌ يأتي من خلفي : أنت تستحق كُل هذا العناء ..

تابعت مسيرة كِتابتي على الغزل، لم ألتفت للخلف إلا حينما اختفى الصوت، لا وقتٌ للبكاء، لا وقتٌ للخوف، لا مجال للهروب، سأذهبُ لذلك المنزل المسكون الذي ضحى بجميع أهالي المدينة، الذي زانَ جِدارهُ بالدماء الغريبُ من ذلك تنسيق ألوان المدينة و المنزلُ ملائم بالسواد و الاحمرار الذي يخدشُ السواد، وصلتُ للمكان المطلوب رأيتُ كِتابًا عنوانهُ " آكلٌ أرواح البشر " رأيت سبعةُ و تسعون صفحةً مرسومًا فيها شخصياتٍ أظنُ سِكان المدينة، لكن من رسمهم؟ من هو المتفرغ؟ ثُم رأيت عبارةً مكتوبة كالآتي « همسٌ ذاتهُ يقول : تمكثُ في قلبي و انا بعيدٌ عن قلبِها، تحبكَ و أنا غاضبٌ عليكَ، فأنت تُعيق طريقي .. فلترحل إلى داهيةٍ تعيقك ألف خطوةً و أنتَ في أولها .. للوسيم " أمين داني " » سقط مني الكِتاب و صرختُ قائلًا لمِمَ من هذا؟ورقةً سقطت على رأسي مكتوبًا فيها « هذه رسالةً مُرسلة لكَ »يا وجع الروحِ من الطعن، أكادُ أسقطُ على الأرض، هل أنا ضحيةٌ للمدينة؟ يا مُرسلي فأنا بِكَ ضائعٌ! لِمَ تهمس إليّ؟ أفقدُ صوابي تِكرارًا و مرارًا، تراجع يا.. ماذا؟ ماهو اسمي؟ صوت فتاةٌ أجابت : أمين، وداعًا يا حبيبي!

هه خُرافة! من مهتم؟ أرجوكِ لا تعودين! فجأةً يُعاد صوت رجلًا قائلًا ذات العبارة : همسٌ ذاتهُ يقول : تمكثُ في قلبي و انا بعيدٌ عن قلبِها، تحبكَ و أنا غاضبٌ عليكَ، فأنت تُعيق طريقي .. فلترحل إلى داهيةٍ تعيقك ألف خطوةً و أنتَ في أولها ..

ما حكاية هذا المكان العجيب؟ ما قصة الأصوات والرسائل؟ لِمَ باب المنزل مفتوحًا و تخرج منه اصوات الناس الذين يراسلوني؟ هل لو دخلت يمكنني رأيتهم؟ همسٌ يقول : أخيرًا فهمت لُغزًا لكن لقد تبقي عليك بعض من المهمات، ارتدي هذه العِصابة على عينيك.

ارتديتها ثُم أتت يدًا تقودني لمكانٍ ما .. حينها تركت يدي و رحلت و سقطت العصابة، إلى أين جلبتني؟ أنا أقفُ على الجثث لا مكانٌ لقدمي! أرتعدُ-أرتعشُ جسمي دنيءٌ!

فجأة تحدث أحدهن قائلًا بكل بجاحة : شرّفت حكايتك الآن على النهاية، لا مجالًا ان تكتب نهايتك الحزينة أيها الفتى، كنتُ تملك خمسةَ عشر يومًا للفرار! الأصواتُ التي كانت تهمس هذه أصوات أناسٌ عاشروك، أنتَ الأخير الذي تواجدت بالمدينة رأيتَ هذه المشاهد المؤلمة و العميقة في آن واحد رُبما يشاركهم السعادة عِند أشباح المنزل، العِبارة ذاتها من والدتك مكتوبةً إليكَ قاصدًا والدتك، دعني أعرفك قائلًا وهو مؤشرًا على أحدهن : هذا أباكَ، وهذه الجثة والدتك! و أختك بالجهة المعاكسة ..
ثُم رصاصةً تخترق جسمٌ خسيس؛ لتسقط روحًا بريئةً إعترفت بِأرضها رُغم قسوتِها ..

أمين يتركُ كلمته الأخيرة : بصرتُ حقيقة المشهد ذاته ..

النهاية ..

حِبْرٌ أَجَنٌّ يُلَامِسُ الْأَفْئِدَةَWhere stories live. Discover now