استمتعوا#الرَّاوية..
في المشفى!!
في جناح بطابق ال"VIP"
افترش السرير الوثير حالك الشعر مغيب عن الواقع الذي يحيطه.
بجانبه استقرت على الكرسي زوجته بقلب يسكنه الخوف والقلق عليه، هو كل شيئ بالنسبة لها في هذه البلاد الغريبة،فهي ومنذ أن تزوجت ب جواد عادا والداها لموطنهم الأصلي بسبب ما غمرهم من اشتياق له.. فما عادوا يتحملون الغربة وفي سنهم الكبير ذاك.
شابكت كفيها ببعضهما ترتجفان بخفة،بعد أن تذكرت كلمات الطبيب عن حالة جواد، حيث شخّص حالته بأنه انهيار عصبي حاد قد أصابه بسبب ضغوطات نفسية متراكمة.
فكرت بأنّ أي ضغوطات نفسية يعانيها زوجها وهي لا تعلم.. أيعاني وحده كل هذا؟.. هي غاضبة منه بشدة الآن، عندما يستفيق ستعاتبه بقسوة.. ألا يعدها زوجته التي ستتحمل معه كل أعباء الحياة؟!.. هذا قاسي بالنسبة لها..
تنهدت بألم ثم تمتمت
"كن بخير يا عزيزي..وتصبح على خير"تزامن قولها مغادرة مكانها تتجه للغرفة الواسعة المقابلة، تحوي على ثلاث أرائك مريحة تتوسطهم طاولة مستديرة بسيطة.
عدلت الغطاء فوق طفليها الذين اتخذا إحدى الآرائك منامة لهم،ثم طبعت قبلة حانيه على جبين كل منهما.. لاحظت دمعهما لازال عالقاً على أطراف أهدابهما لتهمس بحزن"أتمنى لكما أيام سعيدة طفلي الجميلان..تصبحان على خير"
تمددت على أريكة منفردة حيث شعرها البني المموج تناثر تحت رأسها بعشوائية.. أغمضت جفنيها لبرهة ثم فتحتهما وخضراويتيها ممتلئتان بالدموع بعد أن عاد شريط أحداث اليوم إلى ذاكرتها..كان مؤلم بحق،هي غير معتادة على هذا.. منذ أن فتحت عينيها على هذه الدنيا عاشت حياة هادئة عادية تحت كنف والديها اللذين غمرا ابنتهما الوحيدة بكل الحب والدلال.. حتى أيقنت أن حياتها ستظل على هذا الاستقرار طيلت حياتها.
شهقة مكتومة خرجت من جوفها فاستقرت كفيها على ثغرها تمنع صوت بكاءها من أن يُسمع في الغرفة التي يعمها السكون.
تابعت تجهش ببكاء صامت تسترجع الأحداث في عقلها كنوتة موسيقية منتظمة.
بدءاً من سقوط زوجها مغشياً عليه أمام عينيها وشعرها بالعجز حينها، ثم اعتقادها أنها ستفقد رفيق حياتها وهي على مقاعد الأنتظار مجهشة ببكاءٍ مرير لا أحد يواسي حالها في الغربة التي يتعايشون معها، فلو أنها بين أهلها وأحبائها ما بقيت دقيقة واحدة تعاني بمفردها هنا.