~34~

99 27 11
                                    

~هيذر~


لم يكن الصداع قاتلًا، لكنه كان مزعجًا.

بلعت "هيذر" دواءً مسكنًا فور استيقاظها، لكنه لم يبدأ العمل بعد، لذلك كانت تشعر بدبوس يغرس في رأسها كلما انحنت لتجلب شيئًا من خزانة أو رف منخفض.

لكن عليها تحضير الفطور، لن يحضره شخص آخر إن استسلمت للألم.

ألقت "هيذر" نظرة نحو الصالة أثناء تقطيعها بعض الخضروات، كانت الفوضى عارمة، الكراسي مرمية في غير أماكنها وإحدى الطاولات الصغيرة ملقاة أرضًا، بينما سقط معظم ما كان على الطاولة الكبيرة الموجودة أمام التلفاز، وكاد ذلك يكون مصير التلفاز أيضًا.

عاد أبوها ثملًا ليلة البارحة وعاث فسادًا في البيت كالعادة.

نظرت "هيذر" إلى مدخل الممر متمنية أن يظهر "لوك" حتى تطلب منه ترتيب المكان قبل أن يجهز الفطور، كانت لتنادي عليه لكنها لم ترغب في زيادة صداعها، كما لم تملك الطاقة الكافية للعودة لممر الغرف وإيقاظه.

لكن لحسن حظها جاءها صوت أقدامه المتعجلة حين احتاجته.

- "هيذر"! هل تمزحين معي؟ هل تلعبين بقلبي الصغير؟!

وصل هتاف "لوك" المسرور قبل صاحبه، وعرفت "هيذر" أنه وجد هديته أمام باب غرفته.

اشترت له بطاقة تحوي رمز اشتراك في منصة تعليمية إلكترونية، كان يثرثر كثيرًا مؤخرًا عن رغبته في تعلم كل شيء عن النجوم والفضاء، وعندما رأت "هيذر" هذه البطاقة في المكتبة لم تتردد في شرائها.

رغم أنها كلفتها أكثر مما توقعت.

لكن "لوك" يستحق السعادة بعد كل ما مر به، وإن لم تكن أمه الوغدة تنوي إسعاده، ولم يكن أبوه مشغولًا دائمًا- فعليها هي فعل ذلك. يجب أن يعيش أحدهما على الأقل طفولة طبيعية.

دخل "لوك" الصالة راكضًا لكنه تجمد ما إن وقعت عيناه على وجه أخته.

- "هيذر"...

التفت بحدة نحو باقي الصالة ولم يجد أباه، وذلك مكنه من الهرولة نحو أخته وسؤالها بصوت عالٍ:

- قلتِ أن لا شيء حدث البارحة! لماذا كذبتِ علي؟!

اعتاد "لوك" أن يختبئ في غرفته عند عودة أبيه، وإن شعر يومًا بالشجاعة ورغب في الخروج كانت أخته تأمره بالبقاء في الداخل، وليلة الأمس كانت مثل كل مرة، حتى أنه جاء لتفقد "هيذر" كالمعتاد بعد هدوء الوضع، لكنها هذه المرة رفضت فتح باب غرفتها له.

- أخبرتني أنك كنتِ تغيرين ملابسكِ بسبب اندلاق شايكِ عليها، لكنك أردتِ إخفاء هذه الضربة، صحيح؟

غطت "هيذر" نصف وجهها الأيمن بيدها دون وعي، لوح أبوها البارحة بزجاجة مشروب بوجهها وضربتها قبل أن تستطيع الإيتاء برد فعل، والنتيجة؟ ورم كبير مزرق بجانب عينها اليمنى وصداع مزعج.

غرفة دردشة بعنوان «تعالوا نحتفل!»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن