سربرينيتشا بقلم عهد علي محمود

131 4 8
                                    


تنبيه
أحداث الرواية مبنية علي أحداث حقيقية رواها الناجون من المأساة بأنفسهم ويعيشون بيننا إلي يومنا هذا

(1)
**صرخت بأقوي ما في حنجرتها المرهقة::لا...لا تقتله
**نظر إليها بأبغض نظرة حقد رأتها في حياتها...جثت علي ركبتيها متوسلة:: سيدي...أرجوك لا تقتله ياسيدي
**ضحك ساخرا ضحكة مدوية أبغض من صوت الرصاصات القاتلةقائلا:: الآن قلتيها أيتها ال((و سبَّها سبابا قبيحا كوجهه))
**أما هي فلقد تخلت عن كبريائها
...ركعت...توسلت...مستعدة هي لتتجرع مرارة الذل في سبيل إنقاذ حبيبها...عيناها الباكيتان بلون الدماء.. نظراتها الذبيحة..نفسها الملتاعة..صوتها المتفجر من قلب هزيل يرجف خوفا ...لو كان القاتل صخرا لذاب....رضيعها علي كتفها و ابنتها ذات العامين تقريبا تمسك بطرف ملابسها..لو كان القاتل حجرا لتصدع و لكن ماذا يجدي البكاء أمام قلب من الحجارة أشد قسوة...ماذا يجدي التوسل أمام عيون عمياء وبصيرة مطمورة...أترجين رحمة يا مسكينة من هذا؟؟ ومن رحموا من قبل ليرحموك؟؟من رحموا؟؟
**وتكرر المشهد المشؤوم...انطلقت الرصاصة لتسكت صوتا طاهرا آخر...لم يتوقف قلبه...بل توقف شرف العالم...لم تمت روحه...بل مات ضمير العالم...لم تنطلق صرخاتها وصرخات طفليها...بل انطلقت صرخات المقتولين غدرا منذ ((هابيل)) تهدر بصوت واحد:: ألا تباً لكل ضمير مات...ألا تباً للصامتين
**سقط جسده النحيل مضرجا بدماء قلبه العاشق...يمسك يدها..يمسح علي رأسها هامسا بصوت يحتضر:: اكتبي الفتاة باسمي..لا تتركيها بلا أب...انها منذ الآن ابنتي أمام الله و الناس...اكتبيها باسمي...اكتبيها باسمي
**ثم غلبته الرجفة حين ضمه الملِك المَهيب..الموت...والموت ملك ذو مهابة لا لملك بعد الله غيره....راح يردد وهو يناجي ربه ودموعه تنساب من عينين مغمضمتين متوسلتين لخالقها:: سامحني...سامحني...راح يردد الشهادتين ثم شَخَصَ بصره إلي السماء وابتسامة تزين وجهه كابتسامة الضوء للظلام...توقف قلبه البشري عن العمل ولن تتوقف حقارة بعض بني آدم إلي قيام الساعة
****************
بعد هذا بحوالي خمسة عشر عاما
((أعرف أنني فتاة مختلفة عن بقية الفتيات في عمري....عمري المدون في الأوراق الرسمية هو ثمانية عشر عاما.....ولكن همي يجعلني في الواقع أكبر سنا.....وماذا تعرفون عن هموم فتاة في الثامنة عشر؟؟......ليست هموما تافهة كما تظنون.....أعلم أن الحقيقة قد تكون مؤلمة....ولكن أتعلمون ماهو المؤلم أكثر؟؟.....إنه التخبط بلا حقيقة....أنا أتمني أن أعرف الحقيقة ولو كانت مؤلمة.....فإنتظار الموت أصعب من الموت نفسه.....أعرف أنني في مسعاي لمعرفة الحقيقة أبدو كفراشة تذهب إلي النار بنفسها وتسقط فيها........ولكن نعم....إن نيران الحقيقة أكثر حنانا علي قلبي من جنةجهلي الزائفة...فيارب.....عرفني بالحقيقة ولو كانت نارا))
مذكرات سيربي011 2م

وقفت الفتاة ذات الثامنة عشر عاما أمام مديرة المدرسة الثانوية بفرنسا لا تدري بماذا تجيب في حين أعادت المديرة سؤالها بهدوء متعجب:: 

سربرينيتشاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن