《مُـغـتـرِبـة》
▪︎▪︎لأجلِك تركتُ الهوى
فلا هوى بعد هواكَ يُهتوى▪︎▪︎
هنا العاصمة واشنطن حيث الحضارة! كما يدعي العالم، حضارة فكرية! كما يدعون ايضا او ربما كما يظنون، أيضاً الحضارة العمرانية،هذا غير التقدم الفكري والتكنولوجي والعمراني، واشنطن مركز الثقافة والفنون وكل مايتمناه المرء يجده هنا كما يظن البعض.
خرجت من الجامعة مع اصدقائها ثم تركتهم بعد توديعهم وأخذت ادراجها تجاه المترو، كان يوماً عادياً ليس به احداث ذات أهمية كبيرة، مشاعرها كانت متداخلة تشعر بالسعادة والخوف، تضع أملاً في أن تجد ماتبحث عنه هنا، أن تجد ماتركت وطنها هاربة من اجله!
'القليل من التقدير'.تسير في الشوارع المكتظة بالناس كل منهم في وجهته الخاصة، كانت من الحين إلى الآخر تلحظ بعض النظرات المتوجهة لها، وكانت هي تقع عينيها على أشياء تتعجب منها، ربما رأتها يوماً ما على الإنترنت او سمِعت بها ولكن الرؤية الحقيقية تختلف تماما عن الرؤية الهاتفية.
صعدت إلى المترو الذي كان به مقعداً فارِغا والذي لم يكن هناك غيره، اتجهت إليه ومن حسن حظها كانت بجانبها أمرأة، فلم تترد في الجلوس، كان لازال المترو يصعد عليه اشخاص آخرين، وقفت امامها إمرأة مسنة ممسكة بعصا تستند عليها، لم تفكر ليل كثيراً لتقف وتجلسها مكانها، تعجبت المسنة من تصرفها ولم تصدق، نادراً مايفعل احد هذا، حاولت المرأة منعها ولكن أصرت ليل على جلوسِها، ابتسمت ليل للمرأة ثم بادلتها الأخرى ابتسامة إمتنان.
قالت المرأة:
"هل انتِ من هُنا"
ردت ليل بقلق:
"لا انا عربية"
ابتسمت المرأة ثم قالت: "جيد أنك تصدرين هذه الصورة الجيدة عن للعرب، أنتِ جميلة"
ابتسمت ليل وشكرت العجوز في إمتنان
كانت ليل خائفة في بداية الحوارِ معها، ظنت أنه سيكون لها موقفاً عنصريًا معها ولكن ما حدث كان شئ آخر، لكن ليل لم تتعشم كثيرًا بهذا، لقد كان هذا موقفاً لطيفًا لاتنكر هذا واسعدها جدًا، ولكن هي تعلم أن موقف كهذا لن يحدث كثيرًا فربما في المرة القادمة ستأخذ نظرة لا تُسعدها، او كلِمة جافة، لا تعلم ماذا تخبئ لها الأيام هُنا.خرجت من المحطة التي كانت لا تبعُد كثيراً عن مقر إقامتِها؛ لهذا قررت السير تلك المسافة الصغيرة، لطالما أحبت الخلو بنفسها وهي تسير منفردة بذاتها، تحب شعور تخطيها للناس من حولها وهي تفكر في شئ تحبه او شئ تريد فعله، او ربما خططاً ليومها هذا او الغد، يكفي فقط أنها الآن تنفرد بنفسها.
وصلت المنزل، ربما هو كذلك، ولكن ما هي حقيقة المنزل، المنزل بطبيعة حاله هو الأمان والدفء والطمأمنية، هو المجلأ والملاذ الآمن الحقيقي للإنسان، يخرج منه يوميًا يواجه من الصعوبات ما يواجه في يومه، يتعثر طوال اليوم، ويظل غريبًا بين الناس إلى حين عودته لمنزله، فيشعر أنه لازال هناك خير، منزلي يحتويني ويُشحنني بالطاقة والأمل، العائلة هي ملاذ الإنسان الاول وربما الوحيد حتى إن كان هناك فجوة، فالعلاقة ثابتة لا تتغير، اتعجب أحيانا من حقيقة العائلة، فكم من مشكلات حدثت بيننا وبينهم ومع ذلك لا تتأثر، تظل تمرح معهم، تلجأ إليهم، تحتاجهم، لكن مهما حدث لا تنتهي علاقتنا بهم بشطل كامل، ولكن يا ياليل فقدتِ هذا الآن
YOU ARE READING
مُغتربة
Romanceاقدارُنا ستخذُلنا أم ان لها رأيٌ آخر؟ سأذهب وإن كُنت مِن ضمن أقداري حتماً سنلتَقي. . . . قدستَ الرحيل واتخذته موئِلاً فلم يعد الوطن غالياً ولم تعد الديار براح الورد اصبح ذابلاً وخريف الوطن شاقاً يكسو زهورة عمرنا ليسقينا مرارة الفراق.