سيكولوجية رمادية

كيف بدأ مجتمع سي السيد

أفتكر في حصص الفلسفة إللي كنت بنام فيها، كانوا بيتكلموا على الأمثال الشعبية وبيربطوها بنظريات فلسفية باين.

كان من ضمن الأمثال دي مثل شعبي بيقول: ربنا يحمينا من الفكر تقريبًا، مش فاكرة المثل لإني كنت بنام في الحصة صباح الفل مستنيين إيه؟

بعدين حصة فلسفة إيه إللي أسمعها هو أنا قصرت معاكم في الفلسفة؟

المهم أنا جيت لكم بالفكر إللي ربنا يحفظنا منه دا، وفي عز ما أنا متراكم عليَّ حاجات لقيت نفسي بوصل لنظريات وتجميعات غريبة كدا من ضمنها نظرية المجتمع الذكوري إللي ألفتها وأنا متأخرة على الدرس الصبح.

في درس الفيزيكس الصبح بدري، المستر كان بيشرح لنا الكهرباء الساكنة، وكان بيقول إحنا بنحس بيها لما نشغل التلفزيون لمدة طويلة؛ فبيحصل تراكم للشحنات على الجهاز، ولما بنعدي من جنبه بنحس بلسعة كهرباء بسيطة في شعر إيدنا، وقام ساكت ثانية كدا وقايل تعليق سخيف إنه الكلام دا للولاد بس، قصده على شعر الإيد يعني.

المهم لقيت القاعة كلها انفجرت ضحك، حتى البنات، وأنا لقيت نفسي بنفخ في وشه ومقولتش غير جملة واحدة: it's not funny بالمرة.

آه مش مضحك نهائي! تصور؟

مفروض يعني إحنا كإناث زيكم والله، كلنا من فصيلة الـmammals أو الثدييات، يعني عندنا شعر على جلدنا، زي ما القشريات عندهم على جلدهم قشر، يعني إحنا شبهكم لو دا ميضايقوش؛ فشيء طبيعي يطلع لنا شعر، شوف سبحان الله يعني.

إوعوا تكونوا مفكريننا برمائيات جلدها أملس بيطلعوا لكم شوية ويرجعوا البحر.

قصدك يعني إنك بتؤيدي الحركة النسوية في فكرة إني مش لازم أعمل إزالة لشعر جسمي؟ والكلام إللي من النوع دا؟

لا خالص، أنا ضد الفكر النسوي من أوله لآخره بالذات في الحتة دي، بس برضو ضد فكر الذكوري إللي بيعتبر أي حاجة طبيعية جدًّا في أجسامنا محط للسخرية والكوميديا.

بالعكس كمان، في مناطق معينة إزالة الشعر منها من سنن الفطرة، بس الفكرة إنه محدش لما بيلاقي شعر على جلده بيتخض وبيروح للدكتور، لكن بكل هدوء بنروح نشيله عادي مش بندخل الطوارئ.

عمرك سمعت عن حد عرق شوية وراح يكشف؟

لا، عشان العرق حاجة طبيعية محدش بيتعاير بيها، عشان دا سلوك بيولوجي طبيعي، لما بنعرق بندخل نستحمى، نفس الفكرة هنا، زائد إنه محدش فينا بيقعد جنب الشعرة تستناها تطول عشان تشيلها.

وتختلف المواقف وتبقى العنصرية واحدة. أحد مدرسين الكيمياء المشهورين جدًّا سمعته كان جزء استخدامات العناصر الانتقالية، وكان من ضمنهم أكسيد التيتانيوم إللي بيدخل في صناعة الكريم الواقي من الشمس.

متأكدة إنكم اتوقعتوا قال إيه صح!

الغريب مش إنه قال الجملة الاعتيادية إنه الكريم دا للبنات بس عشان يحافظوا على بشرتهم، أما أنت راجل متحطش الحاجات دي.

إللي خلاني بجد مندهشة إنه كان بقاله كتير قبلها بيشرح مدى خطورة الأشعة فوق البنفسجية وإنه الكريم دا بيعكسها بعيد عن الجلد.

يا رب تكون مبسوط لما جلدك يبقي فيه عوامل carcinogenic تجيب لك سرطان الجلد.

ولا أنت مفكر الأشعة فوق البنفسجية مبتتكشفش على رجالة؟ والشمس هتتكسف تدخل خلايا راجل غريب وههه وكدا؟

يعني أنت حافظ الكلمتين وطالع تقولهم ومش فاهم أنت بتقول إيه؟ يعني لو في ولد أخد بنصيحتك وهو بيتعرض للشمس كتير ومش مستخدم كريم أنت متخيل أنت أذيته إزاي؟

بعدين إيه الرجولة في شخص بيعرض نفسه للخطر ومش بيهتم بنفسه؟ فين الجذابية في الموضوع؟

جديًّا الفكر الذكوري بقى بيؤذي الراجل كمان زي ما أنتو شايفين، دا غير الاستحقاقية الفارغة إللي بيتربى عليها وبيتشرَّب الثقافة دي من كل إللي حواليه، لحد ما يتصدم في مرة إنه كل دا كان نفخ فاضي ليه.

لما يبقى دا فِكر المدرس إللي طالب الثانوية العامة بيقضي معاه أغلب وقته، مستنيين يطلع لنا جيل عامل إزاي؟

شباب في متوسط سن الـ١٧ غالبًا معندهمش أي رأي حِيال المواضيع دي، وسهل تشكل دماغهم وتوجهها بالأفكار إللي أنت عايزها بجملة بسيطة بتقولها بكل أرياحية.

يا ريت منستغربش من مجتمعنا إللي واخد مدرسة العنف من سنة أولى، ومنستغربش لما نلاقي كل الكره دا للستات لمجرد إنهم حقيقين زي ما خلقهم ربنا.
ولا نستغرب لما نلاقي بنات بتعرض حياتها للخطر بعمليات تجميل عشان تلاقي القبول المجتمعي بالمعايير المختلة إللي لا تخضع لأي منطق.

موضوع المدرسين إللي بقوا بيشرحوا بإيحاءات سخيفة بجد بقى مستفز جدًّا ولا يطاق. يقولك عشان الطالب يفتكر المعلومة، حقيقي في مدرسين بيكون دمهم خفيف وبيستعملوا تشبيهات دمها خفيف ومش عنصرية والمعلومة بتثبت؛ فمش لازم تعيِّب على البنات ولا حتى الشباب ولا أي فئة، أنت كدا مش مضحك، أنت كدا ناقص يا حبيبي.♡

على رأي المثل الشعبي فعلًا، ربنا يحمينا من الفكر.