deux

769 81 6
                                    

" مَعقل "
" الجزء الثَاني "

---

كانَ صَباحُ اليَومِ الَذي يَليه
ومَا كادَ أن يَجلِس فِي مَكتَبه ألا وَصوتُ
إهتِزَاز هاتِفه دَالّاً عَلى وُصولِ إشعَارٍ قَد
إستَوقَفَه

تَذَكّرَ أنَّ بِالليلَة المَاضيَة قَد أخبَرهُ
ذَلِك الرَجُلُ الكَهِل بِأنَّهُ سَيُرسِل التَفاصِيل

فَتحَ هاتِفَهُ وَوجدَ رِسالَة مِن رَقمٍ غَيرُ
مُسَجَّلٍ لَدَيه

- مَرحَباً سَيّد بَارك
- فِيما يَخُصُّ المَريض -هي جّان-
لَدينا بَعضَ الشُروط الَتي يَجِب أخذُها
فِي الحُسبان ونَرجو مُوافَقتكَ عَلَيها
- المَريض هي جّان لَديهِ بَعض المَشاكِل
الإضافيَة الَتي تَمنعَهُ مِن الإلتِزَام بِالعِيادَة،
إضافَةً إلى أنَّهُ يَعيشُ فِي مَدينَة أركتسك؛
سَنَرجو مِنك حُضورَكَ خِصيصّاً لِمُداومَة العِلاج،
وسَنحرُص عَلى تَلبيَة طَلباتِك بِجميع وَسائِل الرَاحة
- سَنُرفِقُ لَك مَلفُ العَقد يُرجى تَوقيعَهُ وإحضارَهُ
مَعكَ بِرِفقة السائِق اليَومُ مَساءً.

جَحظَت عَينيهِ بِقوّة أثناءَ وبعدَ
القِراءة، إنَّهُم وبِشِكلٍ صَريح
"يُرغِموه" عَلى القُدوم إلى أركتسك والعَيش
مَع مَريضٍ يَجهَلُ ما إن كانَ فَتًى أم فَتاة..
أهذَا مَنطِقي حَتّى؟

تَنَهدَّ بِخفة لِيَقوم بِطبع ذَلكَ العَقد الَذي
أرسَلوه، كانَ يحوي مُحتوى الرِسالَة
إضافَةً إلى إمكانيَة دَفعُ تَذكِرَة عَودَته بِمُجرّد
رَغبَتِه بِعدم الإستِمرار

تَجاهلَ تَساؤلِه عَن " لِمَ هوَ بِالذات؟ "
لَكِنَّهُ وَضع إحتِمال أنَّ المَريض كُوريّ
الجِنسيَةِ أيضَاً

' آاه ، هَذا مُثيرٌ لِلشُكوكِ حَقّاً '
أردَف بِبُطئ وهوَ يُوقّع بِتَرَدُد
لِيَحمل الوَرقة ويُغلق العِيادَة
إغلاقَاً تَامّ ، لِحِينِ إشعارٍ آخَر

هوَ لَيسَ سَهلُ المَنالِ بِالطَبع ،
لَكِنَّهُ ظَنَّ بِأنَهُم لا يَعرِفُونَ أحدَاً
غَيرهُ كُوري الجِنسيَة ، إضافَةً إلى الشُروط
المُغرية الَتي أخبَرَتهُ وَبِشِكلٍ واضِح أنَّ
لَهُ حُريّةَ التَصرُّفِ عَلى هَواه

قَرّرَ المُوافقَة أخيرَاً وهوَ
فِي مَنزِلِه يَحزِمُ أمتِعَتِه

حَرَّكَ ناظِريهِ إلى نافِذَتِهِ المُفتوحة
بَينما قَد رَفعَ طَرف شِفتَيه شَبح
إبتِسامَة ، لِيستأنف التَركيز عَلى
حَقيبته ليُغلقهَا بَعدَ أن تأكَّدَ مِن كُلِّ
شَيء

---

كانَ واقِفَاً أمامَ بَاب عِيادَتِه لَيلَاً
يَنتَظِر ذَلِك السائِق بِرِفقَةِ أمتِعَتِه

صَدى صَوتُ إقتِراب عَجلَات السَيّارة لِتَستقِرّ
أمامَهُ ، كانَت واحِدة مُظللَة سَوداء بَينما
سائِقُها قَد تَرجّلَ مُنحنيَاً لِلمُقابِل
لِيُبادِلهُ

أشارَ بِيدِه ناحيةَ البَاب الخَلفي ليُومِأ
تارِكاً حَقيبَتهُ يَضعُها هوَ فِي الخَلفيَة

تَحرَّك لِيستغرِقا قَريب الساعَة والنِصف
حَتى وَصلوا إلى وِجهَتِهم ، المَطار

قَدّمَ السائِق تَذكِرة الرِحلَة ليَأخُذها
الآخر شاكِراً لِيَدخُل إلى المَطارِ لِوَحدِه
جَارّاً حَقيبَتَهُ

مَرَّ الوَقت حِينَها حَتّى إستَقَرَّ
هوَ فِي الطائِرة مُستَرخياً عَلى مَقعد
مِن مَقاعِد الشَخصيّات الهَامّة

أقلَعَت فِي الجُوّ أثناءَ شُروق
الشَمس بَينما سُونقهون يُراقِبُ
المَنظر مِن النافِذَة بِشُرُود

هوَ فِعلاً سَيذهَب لِيَعيش
عِندَ أشخاصٍ لا يَعلَمُ عَنهُم شَيئاً ،
وَمَريضِه الَذي يُفترض أن يَعلَم
بِكُلِّ بَياناتِه لا يَعلَم سِوى بِإسمِه
ولَيسَ مُتَأكِدّاً مِن جِنسِه حَتّى

هَذِهِ الأفكَار الَتي داهمَتهُ بَعدَ
إستِقرارِهِم فِي الجوّ سَببَت لَهُ
الرَهبَة ، هوَ لِوَهلَة شَعرَ بِالنَدمِ لِذلِك

أيَّاً كانَت الأسبَاب أو الظُروف
أُناس غُرباءٌ يَعيشُ مَعهَم تحتَ
سَقفٍ واحِد! هوَ مَا الذي جَعلَهُ يُوافِق
عَلى مِثلِ تِلك الفِكرَة المُريبَة؟

مَاذا لَو كانّوا عِصابَة خَططت لِخطفِه؟
أو يَتعامَلونَ ويُتاجِرونَ بِالسوقِ السَوداء؟
أو يَعملونَ فِي الإنترنَت المُظلِم؟

نَفى بِرأسِهِ عِدّة مَرّات طارِدَاً ذَلِكَ
النَوعُ مِن الأفكارِ مِن رَأسِه

قامَ بِرَخي مَقعدَهُ حَتّى تَمدّدَ
لِيُصبِح كَالسَرير ليُغلِق عَينَيهِ
مُحاوِلاً النَوم

مَهما كانوا أو كانَت هِيّةَ عَمَلِهم ،
فَهوَ ذَاهِب إلى هُناك فَقط
لِسَبَبٍ واحِد..
واحِد فَقَط

---

إنتَهى✔

مَعقَل | بّ، سّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن