وهكذا نُفّذ هذا الرِّهان المتهوّر الذي لا معنى له.المصرفيّ الطّائش بالملايين ضمن حسابه البنكي كان مسرورا جدا بهذا الرّهان.عند العشاء أخذ يسخر من الشاب قائلا له :" فكّر ثانية في الأمر مادام هنالك وقت, فبالنسبة لي مليونين مبلغ تافه, أمّا أنت فستخسر ثلاث أو أربع سنوات من أزهى فترات حياتك. أقول ثلاث أو أربع سنوات لأنّك لن تقدر على أكثر من ذلك.لا تنس كذلك, أيّها الرجل التّعيس, أن السّجن الاختياري أكثر مشقّة و صرامة من الإجباري.فأن تُفكّر في تخطّي عتبة السّجن نحو الخارج في أي لحظة, سيُفسد الغاية من وجودك في السّجن. أنا متأسّف على هذا الإجراء."
أمّا الآن فالمصرفيّ يتمشى جيئة و ذهابا, متذكّرا كل تلك الأحداث, مخاطبا نفسه:"ما الغاية من هذا الرّهان؟ما الذي سيجنيه هذا الشّاب من إضاعة خمس عشرة سنة من حياته, و ماذا سأستفيد أنا من هدر مليونين عبثا؟. هل هذا سيُثبت أنّ عقوبة الإعدام أحسن من السّجن المؤبّد؟. لا , لا يمكن. إنّ كلّ هذا عمل تافه و غير معقول.من جهتي, هي الرّغبة في إشباع نزوات شخصيّة, أمّا من جهته فإنّه الطمع في المال....."بعد ذلك تذكّر المصرفيّ ما أعقب تلك الأمسيّة.لقد تقرّر أن يمضي الشّاب سنوات الأسر تحت الرّقابة الصّّارمة في حُجرة داخل حديقة المصرفيّ.تم الاتّفاق على ألاّ يتعدّى الشاب عتبة باب الحُجرة لرؤية النّاس أو سماع أصواتهم, كما لا يحقّ له استلام الرّسائل و الصّحف.
لقد سُمِح له بالحصول على آلةٍ موسيقية و كتب . كما حقّ له كتابة الرّسائل,شرب الخمر و كذا التّدخين. بمقتضى الاتفاقيّة فإن المنفذ الوحيد للشّاب نحو العالم الخارجي يتمثّل في نافذة صغيرة أُعدّت لهذا الغرض. يمكن للشّاب الحصول على كل ما يريد:كتب,موسيقى,خمر,...و بأيّة كميّة يشاء بعد أن يكتب طلبا خطيّا ,على أن يستلم كل هذه الأشياء عبر النّافذة.نصّت الاتفاقية على كلّ التّفاصيل, حتّى و إن بدت تافهة أحيانا, فقط لضمان عزل الشاب بشكل صارم, و إلزامه بالمكوث في السّجن خمس عشرة سنة بالضبط :داية من الرابع عشر من نوفمبر من عام 1870 على السّاعة الحادية
أنت تقرأ
الرهان
Fantasyالرهان" وتحكي قصة رهانٍ وقع بين مصرفيٍّ عجوز وبين محامٍ شاب، بسبب نقاش عن عقوبتي الإعدام والسجن مدى الحياة، حيث يتنازل المصرفيّ عن جزء من ثروته للمحامي، مقابل أن يسجن الأخيرَ خمسة عشر عاما.