[٣]

166 42 11
                                    

أيّ محاولة من قبل الشّاب لخرق شروط الاتفاقية ,و لو قُبيل دقيقتين من نهايتها, ستعفي المصرفيّ من التزامه بدفع المليونين.

بقدر ما يُمكن للمرء الحُكم على السّجين من خلال مذكراته المختصرة, فقد عان بشدّة في السّنة الأولى من الأسر من الوحدة و الكآبة.نغمات جهاز البيانو المنبعثة من الحُجرة كانت تُسمع بشكل مستمر ليل نهار.

رفض الشّاب الخمر و التّبغ,فالخمر ,حسبما كتب, يثير الشّهوات و الشّهوات هي أخطر عدو للسّجين, فضلا عن هذا, فليس هنالك شيء أفضع من شرب الخمر و عدم رؤية النّاس, أمّا عن التدخين,فإنّه يُلوّث هواء الحُجرة. الكتب التي طلبها الشّاب في السّنة الأولى تعلّقت بشخصيّات لامعة, روايات حُبّ ذات حبكة معقّدة, قصص مثيرة و خياليّة...

في السّنة الثّانيّة من الأسر كان البيانو ساكنا في الغرفة . ما طلبه الشّاب اقتصر فقط على الدّراسات القديمة.في السّنة الخامسة لم تكن الموسيقى مسموعة كذلك, غير أنّ السّجين طلب الخمر. قال الأشخاص الذين شاهدوه عبر النّافذة أنّه لم يمض تلك السّنة إلا في الأكل و الشرب و الاستلقاء على سريره, التثاؤب على نحو مستمرّ و الحديث مع نفسه بغضب. ببساطة, لم يقرأ الشّاب الكتب.أحيانا في اللّيل كان يجلس للكتابة لكنّه في الصباح يمزّق كل ما كتبه, لقد سُمع يصرخ لأكثر من مرّة.

في النّصف الثاني من السّنة السّادسة لأسره, بدأ الشّاب بشغف في دراسة اللّغات,الفلسفة و التّاريخ. انصبّ بشغفٍ على هذه الدّراسات لدرجة أن المصرفيّ أضحى مطالبا بعمل ما فيه الكفاية لجلب الكُتب التي طلبها الشّاب.في غضون أربع سنوات تمّ جلب حوالي ستّة مائة مجلّد كانت تحت طلبه. خلال تلك الفترة استلم المصرفيّ الرسالة التالية من الأسير:

"عزيزي السَّجَّان, أنا أكتب لك هذه السّطور بستّ لغات.اعرضها على الأشخاص الذين يتقنون هذه اللّغات , دعهم يقرؤونها , فإن لم يجدوا أيّ خطأ ,أرجو منك أن تطلق طلقة ناريّة في الحديقة, فتلك الطلقة ستُثبت لي أنّ جهودي لم تذهب سدى.إنّ العباقرة على مَرِّ العصور و في كلّ البقاع يتحدّثون بلغات مختلفة,غير أنّ نفس اللّهب يلفحهم جميعا.آهٍ ! لو عرفتَ السّعادة الغير دنيوية التي أشعرُ بها الآن من القدرة على فهمهم جميعا ! "

تم تنفيذ رغبة السّجين, فقد أمر المصرفيّ بإطلاق طلقتين ناريّتين في الحديقة.

الرهان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن