5. سلسلة النحس..هل تُكسر؟

3 0 0
                                    

كانت في ردهة الطعام، وهي لا تنفك تتذمر بين هنية واخرى، اخذت تنظف المكان تمسح الطاولات وتكنس الارضيات، وحنقها ينسل في كل حركة تدب منها ، عدد من الطلاب متفرقعين في المكان منهم من يأكل، ومنهم من يدرس، ومنهم من يكمل نومه على الطاولات الجامدة، غير ان تلك الاعين اللحوحة والنظرات المستفزة اللاتي حاولت جهداً تجاهلهما قطعت عليها عملها، فتاتان تجلسان على طاولة واحداهما تفتت الطعام عمداً على الارض، بينما ترمي نظراتها شزراً لنونيا، تأففت نونيا بغيظ: إزمي و كلارا.
قررت تجاهلهما تماماً لكن المدعوة إزمي نادتها: يا انسة هنا بعض الفتات.
قلبت احداقها، تنهدت بعمق، ثم توجهت لهما، نظفت الفتات بهدوء لكن ازمي فتت المزيد، ونظفته كذلك بهدوء، ولعل فعلها اثار الفتاة فرمت بقطع لزجة من طعامها، توقفت نونيا ورفعت راسها لها ببرود يثير الاعصاب: ازمي ألا يكفي ازعاجك في السكن..أطفلة أنتِ؟ -باستخفاف اردفت-
العرق الذي برز على جبينها اوضح لاي مدى مستها الكلمة؛رغم الابتسامة التي رسمتها:
-اووه ومالذي فعلته لك
-انت بعثرت كتبي على الارض البارحة
ركزت نظرهما في عينيها
-لاا كنت ابحث عن ممحاة..ألستِ من قال (لنكن عوناً لبعضنا).
قالتها محاولة تقليد لكنة نونيا المختلفة قليلاً بطريقة مبتذلة تدل على تفكير صاحبها البشع
-نعم نعم هذا صحيح بالفعل.
وضحكت كارلا بقوة كالببغاء الاحمق.
شتمت نونيا نفسها كثيراً للسذاجة التي ابدتها بداية انتقالها، حماسها للاستقلالية وصداقات السكن اعمتها، ولم يمر اسبوعين حتى رأت من ازمي أيما اذية لم تعرف سببها للآن لكنها جعلتها تغير سياستها في التعامل معها، اما كارلا لم يكن لها موقف واضح غير انها لم تمانع افعال إزمي، تكلمت نونيا بهدوء مقيت قلّب افدئتهم في حمم الغيظ:
-لا تدخلا غرفتي بلا اذني مرة اخرى.
في الحقيقة نونيا كانت تكبت حنقها منهما بالشدة، لكنها لطالما رأتها انجح طريقة تنتهجها معهما للغيظ الذي يبديانه بعدها، اما هما فصمتتا بتلكع ،وتمتمت نونيا بتقرف مصطنع وصوت مسموع:
-سخيفات.
وفي حركة سريعة -اشعلت فتيلها كلمة نونيا- امسكت إزمي الشراب ورشقته ارضاً ملطخة اطراف لباس نونيا، شهقت ابتعدت من الشراب المسكوب ثم حولت نظرها لإزمي التي كانت تنظر لها بتحدٍ واستفزاز واضح:
-اوبس انزلق من يدي
غضبت نونيا، لكنها وبشكل ما وقفت صامتة، امسكت بالممسحة وبدأت تمسح الشراب والاخرى لا يكاد يسعها الفرح بنصرها، حتى اذا وصلت  قرب إزمي، وبالممسحة الرطبة المتشبعة بالشراب رفعتها فجأة ووضعتها في حجرها ، شهقت الاثنتان بقوة وهبتا واقفتين بصدمة فلم يعهدها منها ردة فعل عنيفة كهذه قبل، رفعت رأسها تصرخ على نونيا أن كيف تجرؤ، لكن الاخرى اجابت بتحدي وتشفي:
-اوبس انزلقت من يدي.
في هذه اللحظة التفت رؤوس جمع من الطلاب نحوهم ومع دخول مجموعة اخرى من الباب ايضاً، جمعت ازمي حاجياتها ومشت مبتعدة لدورات المياه وهي تطلق الشتائم، كان وجه نونيا شديد الاحمرار اذناها تطن حتى حجبت اي صوت خارجي، ودقات قلبها تتردد صدىً في راسها من شدة علوها، بل وشعرت ببعض الصداع ايضا، كانت منفعلة جداً مما قامت به.
-نونيا! يا الهي مابك ؟
صوت اعاد لها توازنها، والتفتت لصاحبته، تنهدت وابتسمت للقادمتين:
-بيدي و أوديلا اهلاً.
-لا اهلا ولا مرحباً! لماذا تبدين بالمنظر مثير الشفقة هذا؟..هل ضايقكِ أحدهم؟
ردت المدعوة بيدي مشيرة لملابس نونيا ورامقة إياها بنظرة متفحصة، ابتسمت نونيا بامتنان واشاحت بنفسها عن نظر بيدي تعرف أنها مستعدة لتدخل في مشاكل جمة لأجلها، اجابت في محاولة لتسخيف الحدث:
-هه لا، لاشيء مهم انسكب كوب عصير
تكلمت اوديلا:
-وجهك اشد حمرة من الطماطم وتقولين لا شيء.
وكركرت بصوت مرتفع مما اضحك نونيا، امسكت الممسحة واعادتها للدلو لشطفها بينما جلسن هما على الكراسي، وبدأت باخبارهم ما حدث من لحظة مواجهتها للانسة سوزانا وحتى انتهى الامر بالممسحة في حضن إزمي.
ضحكات تناثرت من الاثنتين لحظة انتهاء نونيا من السرد وتبعتهم هي، رغم مقاطتعهم الكثيرة لها بين كل جملة واخرى، تكلمت بيدي من بين ضحكاتها رافعة ابهامها:
-لا اصدق نونيا انا فخورة بك يا فتاة
واردفت اوديلا كذلك:
-اااخ يا ليتنا بكرنا بدقيقة واحدة على الاقل؛ لما فاتنا الفلم
-ارجوكن كنت في قمة غيظي من الانسة سوزانا ثم أتين هن بصفاقتهن وثقلهن،سعيدة انهما لم يتجهن لها يشكينني.
اكملت جملتها بضحك وهي تتكئ على ممسحتها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 30, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

دفءٌ بعد سرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن