الفَصلُ الرّابِع عَشر: حربُ المَشاعِر.

160 13 23
                                    

«سيِد إدمُوند، أَنا مُوافِقٌ عَلى طَلب الاِنضِمامِ إِلى مُنظَمتِك، رَجاءً اِعتنِي بِي!»

فَمَا طَرقَ سمعُ الصَّغيرِ هَذا الحَديثُ حَتّى اِنبسَطت أَسارِيرُ الغَبطةِ فِي وَجهه، وَطرِب أَيّما طَرَب، ثُمّ أَقبلَ عَليهِ مَادًا ذِراعَيه مُعانِقًا بِحرَاراة، مُردّدًا عِباراتِ الشُّكر، وَجزيلَ الثَّناء، وَكَما يُشيدُ بِه عَلى أنّه الأَفضلُ فِي العَالم، بَينمَا كَايل اِكتفَى بِالتَّربيتِ عَلى شعرهِ السَّماوِي بِحنُو، مُطلِقًا قَهقهَةً خَافِتةً تنُم عَن سُرورِه الشَّدِيد؛ فَقد أَلفَ قلبهُ لِينُوس، وَهُو بِدورِه ألِفه، رُغمَ أَنّهُ لِقاءٌ لِمُدةِ أُسبُوع، لَكن بِالنِّسبةِ لَهُمَا بَدا أَنّهُمَا يَعرِفانِ بَعضيهِما البَعض لِسنِين مَديدَة.

«آه، أَنا أَشعُر بِالغِيرةِ هُنا بِالمُناسبَة!»

صوتٌ رتِيبٌ طَرقَ سمعَ الصَّبِي، فتَركَ حُضن الحَالكِ مُهروِلًا نَاحِيةَ الزَّائر، وِبصوتٍ تَجرعَ الغَبطة وَالحُبُور بَعد أن مُلئَ رَوعُه مَرارةَ الوحشةِ المُبرِحة هَتف حِينمَا حَاوطَت يَداهُ عُنُق وَالِده: «أبِي! مَتى عُدت؟»

«لَقد عُدتُ تَوًا وَقلبِي تَواقٌ لِلقيَاك، وَلِكن نِياطهُ تَقطَع حَال رُؤيةِ خِيانتِك! فَمن كَان يَظنُ أنّ اِبنِي الوَحيدَ وَالحَبيبَ سيَتجَرأُ عَلى ذَلك!»

قلبَ لِينوس عَينيهِ مُتملمِلًا إِزاءَ تَصرُفاتِ وَالِده الطُّفولِية الَّتي لَا تَتغَير، ثُمّ قبَل خَده لِمُراضاتِه قَائِلا بِمرحٍ طُفوليٍ مُصطنَع: «بَابَا هُو بَابا، وَأخِي كَايل هُو أَخي، وَأنَا أُحبُ كِلاكُما! لَكن ذلكَ لا يعنِي أنَّه سيسرِقُ مَكانَك!»

مَع نِهايةِ كَلامِه اِنقلَبت مَلامِحهُ جِديةً مُشيرًا إِلى قَلبهِ مُضيفا: «أَنتَ تحتَلُ المَكانةَ الأَكبر هُنا، لِذا لَا تَحزن. حَسنا؟»

مِن شِدةِ ظرَافةِ اِبنهِ لَم يَستطِع مَنع نَفسهِ مِن اِحتضانِه وَإِشباعِه لَهمًا وَقُبلات، فِيمَا تَتعالَى ضَحكاتُ الصَّغير مُضفِيةً للجُو دِفئًا غَمر القُلوب حَتّى كَايل وَإِدمُوند لَم يَكُونا اِستثنَاءً مِن هَذا حَيثُ فُغرَ فَاههُما بِاِبتسامَةٍ حَانِية.

«أَعتذِر عَلى صُنعِ هَذا المَشهدِ مُنذ أَولِ لِقاءٍ لنَا، أَنا دِيفِيد رُوتشِيلد؛ نَائِب الزّعِيم، سُرِرتُ بِلقائِك.»

مَد دِيفِيد يَدهُ لِمُصافحَةِ كَايل مُعرِفًا عَن نَفسِه عَقبمَا كَف عَن مُدَاعبةِ لِينُوس المُستقِر للآنَ فِي حُضنِه أَبيًا تَركَه مِن لَهفةِ الشَّوقِ الّتي مَا اِنفكَت تَجتاحُه، فِيما بَادلهُ الحَالكُ اِبتِسامَتهُ اللطِيفة مَادًا يَده لِقبُول مُصافحتِه حِين قَال: «كَايل سمِيث؛ عُضوٌ جَديدٌ اِنضمَ تَوًا لِلمُنظَمة، مِن الرَّائِع مُقابلَتُك بَعدَ وَابلِ المَديحِ الّذي أَغدَقكَ بِه لِينُوس.»

بارون الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن