فِي رِواقِ الأَكادِيمِيةِ المُطلِ عَلى حَديقةٍ خَضراءَ غَناء، تَتوسطُهَا نَافُورةٌ اِزدَانَت بِتمثالٍ لِامرَأةٍ تَعزفُ عَلى الهَارب، تَرتَدِي الخِيتون المَثنِي فَوق الخَصر، المُنسدلَ إِلى كَاحِليها، وَفوقهُ الهِيمَاتُون المَعروفُ بِأنّه قِطعةُ قُماشٍ تَمُر أَسفَل الذِّراعِ الأَيسر، وَتُغطِي الكَتفَ الأَيمن، وَمن فَمهَا يَتدفقُ المَاء، تَجاذَب عَامِلا النَّظافةِ أَطرافَ الحَديثِ مِن مَشاغِل الحَياةِ إِلى سِباقَاتِ الخَيل يَتراهَانَانِ عَلى مَن سيفُوز، حَتى أَدى بِهمَا الحَديثُ إِلى بَارُون الليل؛ الاِسمُ الّذي لَم يُسمَع بِه فِي مَدينة لُندن لِمدةِ أُسبُوعين، حَيثُ عَاشَ السُّكان فِيهَا السَّكِينةَ مَمزوجةً بِالقَلق مِن هَذا الإِختفَاءِ المُفاجِئ غير المَسبوق.
«هَل تَعتقدُ أَنّ الأَوضاعَ الهَادِئةَ مَا هِي إِلا تَحميةٌ لِزوبعةٍ قَاتِلة؟»
«رُبمَا مَا قُلتَهُ عَينُ الصَّواب، أَو رُبمَا قَد أَنهَى البَارُون ضَحايَاه مُتمًا بِذلكَ سِلسةَ جَرائِمهِ المُتتَالِية.»
«كُلهَا اِحتمَالاتٌ وَارِدة، وَلكِن الشَّيء الإِيجَابِي هُو أنَنا مِن العَامة؛ إِذ لَن نَقلقَ حَول سَلامةِ حَياتِنا.»
خَتمَ هَذا الأَخِير كَلامَه بِقهقهةٍ خَفيفةٍ فَيشاركُه الأخَر الضَّحكَ مُتفقًا مَعه: «أَتفق، فَلأَول مَرةٍ أَحمدُ الرَّب عَلى كَونِي عَامِيًا بَسيطا.»
صَادفَ وَأن مَر إِيثان وَجميل بِجانِبهمَا فَاِلتَقطَت أَذانهُمَا كُلّ شَيء، مَا جَعل مَلامِح الأَصغرِ تَكفهِر؛ كَيفَ لَا وَحياتُه بِسببِه بَاتت سِجنًا لَا يُطاق؟ فِي حِين أَن الأَسمَر قَد جَذبهُ المَوضُوع فَودّ لَو يُحيطُ بِه كُلّ عِلم، لَكِن إِيثَان لَم يُطلِعهُ عَلى أَيّ شَيء، لَيسَ كُرهًا فِيه وَإنمَا بُغضًا لِلمَوضوع.
«لَا تَبتَئِس يَا فَتى، فَهذَا المَوضُوع حَساسٌ لَدى صَاحِبكَ الكَالِح.»
مُراهِقٌ مِن مَهجَع بُوفارديا تَدخَل فِي حَديثهمَا مُطَمئنًا الصَّبي العَابِس، وَهذَا مَا كَان سَببًا لِرمقِ الأَمهقِ لهُ بِشكٍ وَعداء؛ فَمن الغَريبِ أَن يَعلمَ بِحِساسيتِه تجاهَ المَوضُوع مَا لَم يُحط بِأخبارِ اِستهدَافِه مِن قِبل البَارون، وَهذَا مَا لَا يَعلمَه إِلا القِلةُ القَليلة.
«لَا تُحدِق بي هَكذا، مِن الطَّبيعِي أَن أَعلَم مَا دَامَ عَمِي مُفتشًا فِي السّكُوتلاند يَارد.» نَطقَ الأَشقَر ذَا مِحجرَي الجَادِيت الأَخضَر بِتوترٍ وَهُو يَحُك مُؤخِرةِ رَأسِه، ثُمَ وَعلى طَلبٍ مِن الأَسمرِ عَرفَ نَفسه: «إِيرِين كَازَافيِيه؛ نَائِب قَائدِ مَهجَع بُوفَارديا؛ وَطالبٌ فِي الصَّف السَّادِس، كَا أنّي مِن أَشدِ المُعجَبين بِالبَارُون!»
![](https://img.wattpad.com/cover/303534490-288-k186764.jpg)
أنت تقرأ
بارون الليل
Gizem / Gerilimآستَر بايسكرَاف؛ مُستشارٌ فِي التَّحقِيق، كُلِف بِحمايةِ اِبن الإِيرل إِيثَان نَايترَاي، الأَمر الّذِي أَثارَ حَنقه؛ كَونهُ أَفضلُ مِن أَن يَضيعَ وَقتهُ فِي حِمايةِ اِبنٍ مُدللٍ لِأحدِهم. لَكِن سُرعَان مَا يَكتشفُ أَنّه الوَحيدُ المُؤَهلُ لِهذِه الم...